هل تساهم السياحة الإسرائيلية في سد الفجوة التي أحدثتها الحرب الأوكرانية؟

وتمثل السياحة ما يقرب من 12٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، وهي أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية، في غضون ذلك، اتفقت مصر وإسرائيل الشهر الماضي على تسيير رحلات مباشرة بين تل أبيب وشرم الشيخ في جنوب شبه جزيرة سيناء حيث تطل أفضل المنتجعات المصرية على البحر الأحمر.

أشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى أنه من المتوقع أن تبدأ الرحلات الجوية المباشرة في أبريل المقبل، لم تصدر وزارة الطيران المدني المصرية أي إعلان رسمي بهذا الصدد.

ووفقًا لإسرائيل، توصل البلدان إلى اتفاق عندما زار وفد إسرائيلي بقيادة الشاباك مصر في سبتمبر 2021 للتباحث مع الجانب المصري حول سلامة وأمن مسار الرحلة الجديد، وأكملت السلطات المصرية في عام 2021 بناء جدار من الخرسانة والأسلاك بطول 36 كيلومترًا حول منتجع شرم الشيخ ويهدف المشروع، الذي تم الإعلان عنه في عام 2019، إلى تشديد الإجراءات الأمنية في منطقة جذب ساحلية شهيرة في محاولة لجذب السياح، وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي وبينيت عن افتتاح طريق طيران خلال أول زيارة رسمية لرئيس وزراء إسرائيلي لمصر في شرم الشيخ في سبتمبر 2021.

وتعتقد تل أبيب أن زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين من شأنه أن يعزز العلاقات وتقوم مصر للطيران المملوكة للدولة في مصر، بتشغيل رحلات مباشرة بين تل أبيب والقاهرة.

كما أشارت شركة طيران إسراير الشهر الماضي إلى أنها تعتزم تسيير 15 رحلة أسبوعية على طريق تل أبيب - شرم الشيخ بمجرد حصولها على الموافقات اللازمة ويلجأ السائحون الإسرائيليون الراغبون في زيارة شرم الشيخ عادة إلى الطائرات الخاصة أو الحافلات أو سيارات الأجرة.

قال بول ريفلين، أستاذ الاقتصاد الزائر في الشرق الأوسط بجامعة إيموري، للمونيتور إن الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين لديها إمكانات كبيرة لتنشيط السياحة الإسرائيلية إلى شرم الشيخ وستساعد مصر في التغلب على بعض آثار الحرب الروسية في أوكرانيا، والمنتجعات البحرية في سيناء هي أكثر الوجهات جاذبية للسياح الإسرائيليين وزار أكثر من 700 ألف سائح إسرائيلي مصر في عام 2019، بحسب بيانات السفارة الإسرائيلية في مصر.

يعتقد خبراء السياحة المصريون الذين تحدثوا لهاآرتس أن تشغيل الرحلات المباشرة بين مصر وإسرائيل سيزيد من عدد السياح القادمين إلى مصر، لكنه لن يكون كافياً لتعويض الخسائر المتراكمة التي تكبدها قطاع السياحة على مر السنين وبلغت إيرادات السياحة في مصر 2.8 مليار دولار في الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2021، وفقًا للبنك المركزي للبلاد، مقارنة بـ 801 مليون دولار للفترة نفسها من العام المالي السابق.

كانت مصر تأمل في موسم سياحي أفضل هذا العام مع تخفيف معظم دول العالم للقيود المفروضة على كوفيد -19. ومع ذلك، فإن الحرب الروسية في أوكرانيا ألقت بعبء إضافي على السياحة، والتي تعد مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الوطنية في مصر، كما كانت مصر من أوائل الدول التي بدأت في استقبال السياح في يوليو 2020، بينما كانت الإجراءات الاحترازية الصارمة لوقف انتشار فيروس كورونا قائمة على مستوى العالم، في محاولة لإنقاذ قطاع السياحة  المتعثر وانخفضت عائدات السياحة بنسبة 70٪ في نفس العام بسبب الوباء وما تلاه من إغلاق للعديد من المنشآت السياحية والفنادق، وقيود السفر والتنقل التي أثرت على معظم دول العالم وعلى الرغم من ذلك، بلغت عائدات السياحة في مصر 4 مليارات دولار في عام 2020، واستقبلت البلاد 3.5 مليون سائح في ذلك العام في حين بلغت عائدات السياحة 13 مليار دولار في 2019، بأكثر من 13 مليون سائح.

ورجح التقرير أن الرحلات الجوية المباشرة بين مصر وإسرائيل قد تعزز السياحة الإسرائيلية في البلاد مع مرور الوقت، لكنه دعا أيضًا إلى ضرورة استهداف أسواق أخرى في أوروبا وشرق آسيا. ودول أمريكا اللاتينية، فالسياحة الإسرائيلية وحدها لن تعوض الخسائر المصرية التي تكبدتها بسبب الحرب في أوكرانيا والوباء ويبدو أننا سنرى أقل عدد من السياح الذين يزورون مصر منذ سنوات.

وأطلقت الحكومة الشهر الماضي الحملة الإعلانية اتبع الشمس Follow the Sun على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك فيسبوك وإنستجرام وتيك توك، لجذب السائحين من المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة  بعد أن غادر السياح الأوكرانيون بسبب الحرب، وعلاوة على ذلك، قرر مجلس الوزراء في 22 مارس أن الرحلات الجوية العارضة التي تهبط في مصر ستستمر في تلقي الدعم النقدي من الحكومة حتى نهاية أكتوبر وتتراوح هذه المبالغ من 1500 دولار إلى 3500 دولار لشركات الطيران لكل رحلة وكان من المفترض أن ينتهي برنامج الدعم، الذي يهدف إلى تعزيز السياحة، في أبريل، وهناك توقعات بأن يزور مصر أقل من مليوني سائح هذا العام، ما يعني انخفاضًا بنسبة 50٪ مقارنة بعام 2020.

وتتغير التوقعات بموسم سياحي ضعيف هذا العام بعد استئناف شركة السياحة الروسية الكبرى بيبليو جلوبس رحلاتها إلى مصر، حيث وصل 300 سائح روسي إلى الغردقة في 3 أبريل - وهي أول رحلة من نوعها منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا وتم تنظيم الرحلة مباشرة من مطار جوكوفسكي الدولي إلى مطار الغردقة الدولي عبر شركة طيران ريد وينجز وهي شركة طيران إقليمية، بدلاً من الخطوط الجوية الروسية ولدى السياح الروس الراغبين في السفر إلى مصر يمتد جدول زيارته لأربعة أيام أو أكثر، ومن المتوقع أن تزيد الشركات الروسية رحلاتها إلى مصر، تزامنًا مع قرار السلطات في موسكو برفع قيود فيروس كورونا على الرحلات المنتظمة والمستأجرة إلى 52 دولة "صديقة"، بما في ذلك مصر، اعتبارًا من 9 أبريل، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الروسية تاس، نقلا عن الوزير ميخائيل ميشوستين.

وتقدم شركة ريد وينجز رحلتين أسبوعياً إلى الغردقة في الفترة من 3 إلى 10 أبريل، واعتبارًا من 13 أبريل، ستقدم شركة تشغيل الرحلات أربع رحلات أسبوعيًا، في عام 2019، جاء ثاني أكبر عدد من السياح الذين يزورون مصر من أوكرانيا حيث بلغ عددهم 1.6 مليون سائح، بزيادة قدرها 32٪ مقارنة بالعام السابق.

تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 727 ألف سائح أوكراني دخلوا مصر في عام 2020، وفقًا للسفارة الأوكرانية بالقاهرة، والتي شكلت 21٪ من إجمالي عدد السياح الأجانب في مصر في ذلك العام، وذكرت الوكالة الحكومية الأوكرانية للسياحة في تقرير صدر في يناير إن 1.46 مليون أوكراني زاروا مصر في عام 2021، مما يجعل مصر ثاني أكثر الوجهات السياحية شعبية بعد تركيا.

وكانت روسيا المصدر الأول للسياح في مصر منذ سنوات، حيث زار ما يقرب من 3 ملايين سائح روسي مصر في عام 2014، قبل أن تأمر موسكو بتعليق الرحلات الجوية إلى مصر في عام 2015، وفي يوليو 2021، قررت روسيا استئناف الرحلات الجوية من وإلى مصر. ومنذ ذلك الحين، زار مصر 700 ألف روسي حتى نهاية عام 2021، مع دخول 125 ألف سائح روسي البلاد في أول أسبوعين من عام 2022، بحسب السفير الروسي بالقاهرة جورجي بوريسينكو، ولكن تداعيات الحرب في أوكرانيا تلقي بظلالها على السياحة في مصر لبعض الوقت، مما سيؤثر على مليوني شخص يعملون في القطاع.