تفاصيل تدخلات أردوغان لتلميع الإخوان في تونس.. وقيس سعيد: غير مقبول
استنكرت وزارة الخارجية التونسية، خلال الأيام القليلة الماضية، تدخل الرئيس التركي في الشؤون الداخلية للبلاد وبالتالي استدعت السفير التركي للاعتراض على تصريحات الرئيس التركي التي تعتبرها تونس تدخلا لا يليق.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أثار أزمة دبلوماسية معقدة مع تونس بعد انحيازه إلى جانب في الأزمة السياسية الداخلية في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا لدعم راشد الغنوشي، رئيس البرلمان المنحل ورئيس حزب النهضة الإسلامي الذي يشترك مع أردوغان في ذات الإيديولوجية.
وقالت وزارة الخارجية التونسية إن تصريحات أردوغان بشأن حل البرلمان التونسي من قبل الرئيس قيس سعيد تشكل نوعا من "التدخل غير المقبول" في الشؤون الداخلية، وفقا لتقرير موقع فرانس 24.
وانتقد أردوغان قرار الرئيس سعيد الأسبوع الماضي بحل البرلمان ووصفه بـأنه "تشويه لصورة الديمقراطية" و"إرادة الشعب التونسي"، وقالت وزارة الخارجية التونسية إن "تونس تعرب عن استغرابها لتصريحات الرئيس التركي وهذه التصريحات مرفوضة".
وأضافت ان "تونس تؤكد حرصها على توثيق العلاقات مع الدول الصديقة لكنها متمسكة باستقلالية قرارها وترفض التدخل في سيادتها"، مشيرًا أنه تحدث أيضا مع نظيره التركي عبر الهاتف واستدعى السفير التركي لدى تونس للتعبير عن رفض بلاده لتصريحات أردوغان.
وقال الرئيس التركي إن المرحلة الانتقالية يجب أن تتم بمشاركة جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك البرلمان والحوار "الشامل والهادف"، وأضاف أن "حل البرلمان حيث يوجد مسؤولون منتخبون يثير الغموض فيما يتعلق بمستقبل تونس ويعد ضربة لإرادة الشعب".
واشتدت الأزمة السياسية في تونس، في 30 مارس، عندما عقد 116 نائبا في البرلمان التونسي جلسة على الإنترنت لإلغاء جميع القرارات والمراسيم الصادرة عن سعيد منذ 25 يوليو 2021، عندما استند إلى سلطات الطوارئ لتعليق أنشطة البرلمان وإقالة رئيس الوزراء ورد سعيد على جلسة 30 مارس بحل البرلمان، وقال محللون تونسيون إن الرئيس التركي، الذي أجبرته الوقائع الإقليمية على المصالحة مع دول مثل مصر والسعودية والإمارات، كان يحاول إعادة تلميع أوراق اعتماده كمدافع عن القضايا الإسلامية من خلال مد يد العون إليه وحليفه القديم راشد الغنوشي في مواجهة الرئيس التونسي قيس سعيد.
وقد يكون أردوغان أيضًا قد قام بتصفية الحسابات مع الرئيس التونسي الذي رفض منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2019 الانضمام إلى المحور التركي القطري وإشراك تونس في التعدي السياسي والعسكري على ذلك المحور في ليبيا، ويواجه الغنوشي تحقيقا بتهمة "التآمر على أمن الدولة الخارجي والداخلي" بعد التحريض على عقد اجتماع على الإنترنت للبرلمان، رغم قرار الرئيس التونسي تعليق أنشطة المجلس منذ يوليو الماضي.
ومن المفارقات، يقول المحللون إن تدخل أردوغان يمكن أن يساعد الرئيس سعيد في الأزمة الحالية، لأنه يصور مواجهته مع خصومه الذين يقودهم الإسلاميون على أنها مواجهة بينه وبين حزب النهضة الذي فقد مصداقيته إلى حد كبير، وأظهرت استطلاعات الرأي أن الغنوشي من أقل السياسيين ثقة في تونس، ويبدو أنه يعول على الدعم الخارجي للعودة سياسياً تحت راية الدفاع عن العملية الديمقراطية واستعادة النشاط البرلماني.
وقال زعيم حزب النهضة يوم الأربعاء إنه سيواصل الدعوة لعقد جلسات البرلمان على الإنترنت كما تباهى بعلاقاته الدولية وقال لوكالة الانباء الألمانية: "نحن (حزب النهضة) لسنا معزولين عن العالم ولدينا علاقات مع البرلمانات ومع الاتحاد البرلماني الدولي ولدينا أصدقاء في العالم ونحن على اتصال مع الجميع، والأحزاب التي نتشارك معها الأهداف وهذه العلاقات في مصلحة تونس".
ويعتقد السياسيون والمحللون أن أردوغان يريد طمأنة المتعاطفين مع الإخوان في تونس ودول أخرى في المنطقة بشأن ولائه لـقضيتهم بعد أن خيب آمال الكثير من جمهوره التقليدي بسبب تقاربه الدراماتيكي مع مصر وتنشيط علاقات بلاده مع إسرائيل، وذكر الأمين العام للحركة الشعبية (الشعب)، زهير المغزاوي، إن "الوضع التونسي شأن داخلي وتصريحات أردوغان جزء من علاقاته مع الإخوان المسلمين في المنطقة واستجابة لمطالب حركة النهضة"، وتعد تونس آخر معقل للإسلاميين في المنطقة.
وأضاف المغزاوي: "لقد رأينا على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لتدخل الجيش التركي في تونس والإخوان يحاولون الآن بكل قوتهم تغيير المعادلة في تونس بعد التظاهر في الشارع والمطالبة بدعم من الخارج، من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، يلعبون الآن ورقتهم الأخيرة، وهي تركيا ".
قال المحلل السياسي التونسي نبيل رابحي إن "أردوغان يريد أن يكون حامي الإسلام في المنطقة بالتدخل في الشؤون الداخلية لتونس، ويريد عودة الإخوان إلى السلطة ويريد استعادة جاذبية فكرة استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية".