رواندا نموذجًا.. ذي أفريكا ريبورت: القاهرة تعزز علاقاتها وتأثيرها في شرق إفريقيا
قد يبدو للوهلة الأولى أن مصر ترتبط بالعالم العربي أكثر من ارتباطها بالقارة السمراء، ومع ذلك تتجه مصر بعزم أكيد نحو الجنوب منذ عدة سنوات، وتفعل ذلك على أمل توفير منافذ لشركاتها وتأكيد وجهة نظرها في النزاع الذي يضعها في مواجهة إثيوبيا، وفقًا لتقرير لصحيفة أول أفريكا ريبورت.
وأشار التقرير إلى أن استثمارات في البنية التحتية والاتفاقيات العسكرية والمساعدات الطبية والإنسانية لعدة سنوات حتى الآن، شغلت جزءً كبيرا من اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولا يقتصر دور الدولة على البنوك في القارة لإنعاش اقتصادها، ولكن القاهرة نجحت إلى حد بعيد في أن تجعل من نفسها أيضا صوت إفريقيا على الساحة الدولية.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الرواندي بول كاجامي، أواخر مارس في زيارة يعتقد مسؤولون ومراقبون مصريون أنها خطوة مهمة نحو إعادة تموضع القاهرة في منطقة حوض النيل، وتشكل عاملًا آخر من عوامل الضغط على إثيوبيا وسط استمرار الأزمة حول سد النهضة الإثيوبي الكبير المثير للجدل.
وأجرى الجانبان مشاورات أعقبتها محادثات بين وفدي البلدين، وحضر السيسي وكاجامي بعد ذلك توقيع مذكرات تفاهم بين بلديهما في مجالات التدريب الدبلوماسي والشباب والرياضة والمتاحف وتكنولوجيا المعلومات، وكانت قضية سد النهضة أبرز ما ناقشه الجانبان، واتفقا على تكثيف التنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة بشأن هذه القضية الحساسة والحيوية.
وشدد "السيسي"، على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء السد وتشغيله ضمن إطار زمني مناسب بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليميين، وفي حديثه في مؤتمر صحفي مشترك في القاهرة في 26 مارس، وصف "كاجامي" محادثاته مع "السيسي" بأنها مثمرة للغاية، مضيفًا أن مذكرات التفاهم التي تم توقيعها تستند إلى العلاقات طويلة الأمد بين مصر ورواندا.
وتعمل مصر على بناء تعاون اقتصادي وتنموي مع دول حوض النيل بعد استعادة وجودها السياسي والدبلوماسي، مشيرًا إلى أن رواندا شهدت نموًا اقتصاديًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وبالفعل تتمتع العلاقات الاقتصادية المصرية الرواندية بمزايا السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا)، حيث تعد رواندا من الدول التي طبقت تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 100٪. كما بلغت قيمة التبادل التجاري بين مصر ورواندا 23.4 مليون دولار في عام 2018 مقارنة بـ 16.93 مليون دولار في عام 2017.
في يناير 2021، قامت مصر بتنشيط اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الكوميسا 3 مليارات دولار في عام 2020، أي ما يعادل حوالي 60 ٪ من إجمالي قيمة التبادل التجاري المصري مع القارة الأفريقية خلال نفس العام، وفقًا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.وأضاف "كاجامي"، خلال المؤتمر الصحفي المشترك أن الاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لخلق فرص لرواد الأعمال الشباب أمر ضروري للتنمية المستدامة للقارة، لقد ذكّرنا جائحة كورونا بأهمية الترابط وأنه لا يوجد بلد يتعامل مع أي أزمة بمفرده؛ ويجب أن نحدد مجالات جديدة للتعاون.
في ديسمبر 2021، بدأت مصر في إنشاء مركز مجدي يعقوب للقلب في رواندا، كجزء من خطة القاهرة لتوسيع قطاع الصحة في وسط إفريقيا، ويلعب "كاجامي" دورًا في حل أزمة سد النهضة، لما له من تأثير كبير في منطقة شرق إفريقيا ولديه علاقات طيبة مع إثيوبيا، ناهيك عن نظامه الأساسي الأفريقي المهم في ضوء مشاريعه لتطوير الاتحاد الأفريقي، وهذه الزيارة كانت انطلاقة مهمة للعلاقات المصرية مع الدول الأفريقية وإعادة تموضع مصر في منطقة حوض النيل.