تحليل: الشعبوية وادعاء زعامة لا يمتلكها أبرز أخطاء "الدبيبة"
قالت صحيفة آراب ويكيلي التي تصدر في لندن، إن هناك من يعتقد أن عبد الحميد الدبيبة لن يتردد في إثارة المواجهة بين الليبيين من جديد، مدعيا قيادة إقليمية وزعامة لا يملكها، فقط من أجل البقاء في السلطة، وأثبت عبد الحميد الدبيبة، في ليبيا أنه شخصية شعبوية من الدرجة الأولى، ويرى المراقبون أنه يلعب على كل الحبال، فقد بدأ بتقديم منح الزواج للشباب، ثم التفت إلى الفقراء والأرامل والمطلقات والمتزوجات من أجانب والمتقاعدين وكبار السن والبدون، ومنهم بعض الطوارق والذين حرموا من الجنسية الليبية.
وعندما بدأ التفكير في الترشح للرئاسة، حاول الحصول على أصوات كل الفئات ولكن الانتخابات لم تجر كما كان مقررا ولذا أصبحت حكومته مسؤولة عن إنفاق أكثر من 80 مليار دينار ليبي دون دراسة مسبقة لتأثيرها على البلاد، وكانت النتيجة ارتفاع معدلات التضخم ونقص الغذاء واتساع رقعة الفقر وانتشار الفساد وأصبح الكسب غير المشروع أساس نظام الحكم بموافقة القوى الأجنبية التي تستفيد من الهدر العام.
ومضت الصحيفة تقول: "مثل كل الشعبيون، يطبق الدبيبة الأفكار التي اقترحتها عليه فريق يعمل لإبقائه في السلطة وعندما يتحدث، يتصرف بجدية ولكنه يضحك على من يصدقه وما يبدأ على شكل مزحة حتما يتحول إلى أمر جاد وعقيدة، خاصة تلك الوعود التي لا معنى لها والتي لا غرض لها سوى حشد الدعم"، ويعد الدبيبة بحل جميع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وبينما يسعى لكسب التعاطف الشعبي، يقدم نفسه على أنه القائد الذي سيخرج ليبيا وشعبها من الظلام إلى النور، وفي هذا الصدد يوجه اتهامات لمجلس النواب والجيش الوطني الليبي وفي أوقات أخرى، يتهم كافة الدول الأجنبية دون أن يسميها، بالعمل على تقسيم ليبيا والسيطرة على أصولها المجمدة لكنه بعد ذلك يزور تلك البلدان نفسها التي صب عليها جام غضبه، لكي يعرض عليها كل الصفقات التي يريدونها وحتى الدول العربية التي يزورها تعرف أنه يمارس الشعوبية لخدمة مصالحه الشخصية ومصالح عائلته ومراكز النفوذ التي تدعمه في المنصب.
وقالت الصحيفة، إن "الدبيبة" بحاجة إلى خلق صراعات خيالية وتصعيدها ومن هنا يتهم "الجيش والإخوان" بالتآمر عليه، ويحذر من المتورطين في الفساد أو نشر الإلحاد في البلاد وفي الوقت نفسه، يمجد الشعب الليبي، ويقدمه على أنهم كتلة مثالية صلبة مهددة من قبل عناصر شريرة تريد الإطاحة به من السلطة، وقد اعتمد طوال الوقت على فرق مهنية من الاستشاريين المتخصصين في التأثير على الرأي العام.
وصل "الدبيبة"، إلى السلطة بعد عقود شعر خلالها الليبيون بالحرمان من ثرواتهم وبعد سنوات عجاف فقدوا خلالها الأمل وحاول ملء الفراغ النفسي وإصلاح الجراح بالسماح للمواطنين بسماع ما يريدون سماعه وقد استعان بجيوش إلكترونية متخصصة في صقل صورته وتقديمه على أنه المهندس الذي ينحدر من عائلة ثرية ولكن هدفه الآن هو تلبية احتياجات الفقراء، باعتباره الرجل الكريم الذي سيحافظ على كرامة مواطنيه.
ولحشد الجمهور في الشارع، يتظاهر بأنه القائد المتواضع والثوري ويختلط بالناس في الأسواق العامة والشوارع والساحات، ويجلس في المقاهي، ويعانق كبار السن ويقبل الأطفال الصغار ويستقبل الرياضيين ويولي اهتمامًا للأندية الرياضية ذات الجماهير الواسعة، بينما لا يهتم كثيرًا بالمفكرين أو الكتاب الذين لا يتمتعون بنفس تأثير نشطاء فيسبوك وتيك توك، وفي الآونة الأخيرة، ارتدى "الدبيبة" عباءة المتمردين والميليشيات والقائد الإقليمي وقدم نفسه على أنه حامي طرابلس والمنطقة الغربية والوحيد الذي يمكنه مواجهة الجيش.
لتعزيز مؤهلاته الشعبوية، حدد هدفًا سياسيًا مهمًا، وهو إجراء الانتخابات قريبًا وقد صور نفسه على أنه مؤتمن على إرادة الليبيين وبدافع من الرغبة في تحقيق رغبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في إجراء الانتخابات، رغم أنه كان أحد العقبات الرئيسية أمام الانتخابات في ديسمبر الماضي. عندما ترشح للرئاسة، تراجع عن تعهده لمنتدى الحوار السياسي بعدم الترشح وضغط على المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والسلطة القضائية وعقد صفقات تحت الطاولة مع لاعبين أجانب مؤثرين.
قبل أيام، نصحت واشنطن محافظ مصرف ليبيا المركزي، صادق الكبير، بعدم التورط في شعبوية "الدبيبة"، مستهزئًا بالإجراءات الإدارية واستخدام الأموال العامة بشكل غير قانوني، مما ألقى بالاقتصاد في فوضى غير مسبوقة وقد أعطى "الدبيبة"، نفسه تفويضًا بمواصلة الحكم بأي ثمن وكسب المزيد من الشعبية استعدادًا للانتخابات المقبلة أو للمواجهة مع أولئك الذين قد يحاولون إجباره على التنحي عن السلطة.
هناك من يعتقد أن "الدبيبة" لن يتردد في إثارة المواجهة، متظاهرا بقيادة إقليمية لا يملكها، فقط من أجل البقاء في السلطة. في الواقع، هو مدفوع بطموح شخصي ويدعمه عدد قليل من الأشخاص الذين يرون أنفسهم قادرين على التدخل في المصالح الفضلى للبلاد ويعتقدون أنهم قادرون على الاستمرار في القيام بذلك إلى أجل غير مسمى.