"لا أحد يفكر في كوفيد".. تحديات تواجه العرب خلال رمضان
يواجه العالم الإسلامي العديد من التحديات والعقبات خلال شهر رمضان المبارك، وخاصة ما يتعلق بالوضع في القدس، وموجة ارتفاع الأسعار التي تضرب العالم، ويرصد "الرئيس نيوز"، تلك المآزق في هذا الملف.
القدس - صب الزيت على النار
أجرى الأردني الملك عبد الله بن الحسين، زيارة لرام الله بالضفة الغربية للاجتماع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وسط تصاعد التوترات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفقًا لصحيفة جيروزاليم بوست، فإن الاجتماع هو أول زيارة للملك عبد الله إلى رام الله منذ خمس سنوات، ويأتي بعد أقل من عام من الاحتكاك المتزايد في القدس الذي أشعل فتيل حرب استمرت 11 يومًا بين إسرائيل وحركة حماس في مايو الماضي مخلفة نحو 256 شهيدًا فلسطينيا بينهم 128 مدنيًا بحسب الأمم المتحدة و13 قتيلًا في إسرائيل، وألقى المسؤولون الفلسطينيون باللوم في التوترات على الزيارات المستمرة لليهود الإسرائيليين إلى المسجد الأقصى، ويحذرون من أن الزيارات خلال شهر رمضان ستكون مثل "صب الزيت على النار".
وفي وقت سابق، حذر محمود الهباش مستشار الرئيس عباس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية من محاولات إسرائيلية لتنفيذ خطط اقتحام المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وانعكاسات ذلك على أمن واستقرار المنطقة، مضيفًا أن "الاحتلال يعلم جيداً أن المسجد الأقصى المبارك هو البقعة الأكثر حساسية في الجغرافيا الفلسطينية، وبالتالي يتعمدون خلق الأزمات حوله بين الحين والآخر".
وذكر هيليل فريش، أستاذ العلوم السياسية وتاريخ الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، لصحيفة ميديا لاين أن "التوقيت أمر بالغ الأهمية"، وموقع الأردن باعتباره الوصي على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس يجعل مشاركته في التعامل مع تصاعد التوتر أكثر أهمية، متابعًا: "أهمية زيارة الملك عبد الله تكمن في التوسط في تفاهم أو اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي لها نفوذ في القدس الشرقية".
والتقى وزير الخارجية الإسرائيلي ورئيس الوزراء المناوب يائير لبيد مع العاهل الأردني قبل أسبوعين لمناقشة الموضوع ذاته، وقال بيان صادر عن لبيد: "قررنا أنه يجب علينا العمل معًا لتهدئة التوترات وتعزيز التفاهم، خاصة قبل شهر رمضان وعيد الفصح".
وقال حسن عواد، خبير الشؤون الفلسطينية المقيم في الولايات المتحدة، للصحيفة الإسرائيلية إن زيارة "عبد الله"، تأتي في محاولة لتهدئة الوضع حتى لا ينفجر خلال شهر رمضان، ويضيف أن محاولة أردنية على أعلى مستوى لتهدئة الوضع ما زالت جارية حتى لا تنفجر الأمور خارج نطاق السيطرة وتعريض الأردن للضغوط الداخلية.
من الواضح أن هناك الكثير من الحركة الجارية بين الأردن وإسرائيل والفلسطينيين ويبدو أن شيئا ما يجري إعداده وتنسيقه كما يبدو أن العاصمة الأردنية عمان مشاركة في هذا الأمر لأن لها مصلحة في الحفاظ على الهدوء.
والتقى وزير الأمن العام الإسرائيلي عمر بارليف برئيس الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ الثلاثاء الماضي، حيث تعمل كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية على الحد من التوترات قبل رمضان، ويقول فريش أيضًا إن الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني، البالغ من العمر 86 عامًا، هي مصدر قلق مشترك لكل من إسرائيل والأردن حيث يحاولان الحفاظ على السلام ووقف أي فوضى محتملة في الضفة الغربية يمكن أن تنجم بسبب تطورات صحة عباس وتابع فريش: "أعتقد أن الشيء الأكثر إلحاحًا هو الحفاظ على الهدوء خلال شهر رمضان، لكن هذا يرتبط أيضًا بالاجتماع الذي عقده حسين الشيخ مع وزير الأمن العام الإسرائيلي".
وقال مسؤول في السلطة الفلسطينية لصحيفة ميديا لاين إن رام الله "تصاب بخيبة الأمل لما تراه من الجانب الإسرائيلي في المدينة المقدسة"، لكنه أضاف أن السلطة الفلسطينية ستعمل على تخفيف التوتر، كما قال المسؤول إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سينتهز الفرصة ليناقش مع الملك عبد الله "جهودًا جديدة لإحياء" خطوط الاتصال بين السلطة الفلسطينية من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى.
وتعرب قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله عن غضبها مما تعتبره تخليًا أمريكيًا كاملًا عن كافة الوعود التي قطعتها واشنطن للفلسطينيين.
في اجتماع الأسبوع الماضي بين المبعوث الأمريكي هادي عمرو ومسؤولين في رام الله، اشتكى الفلسطينيون من أن السياسة الأمريكية الحالية "تأتي بنتائج عكسية" لجهود واشنطن لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للفلسطينيين.
الشعوب العربية تواجه موجة شرسة لارتفاع الأسعار
أشارت بوبي جوش في تقرير نشره موقع صحيفة واشنطن بوست، إلى أن تطورات الأزمات السياسية والاقتصادية ستكن حاضرة بقوة في محادثات الإفطار عندما يجتمع المسلمون في العالم العربي وقت المغرب خلال شهر رمضان المقبل، والسبب الرئيسي في ذلك هو الخوف السائد من حدوث أزمة في حصولهم على العنصر الأساسي في كل وجبة في الشرق الأوسط: الخبز، خاصة منذ بدأت الحرب في أوكرانيا، ومن المعلوم أن روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدري القمح في العالم ومورِّدين رئيسيين للقمح في العالم العربي.
وأشار التقرير إلى تحذير برنامج الغذاء العالمي من أن الجوع قد ينتشر في كل مكان، وتقول منظمات حقوق الإنسان إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معرضة للخطر بشكل خاص بسبب نظامهم الغذائي الغني بمكونات ومشتقات القمح، وكانت هناك بالفعل احتجاجات محدودة على أسعار المواد الغذائية في العراق وفي لبنان، اشتدت حدة المظاهرات ضد انهيار العملة بسبب الارتفاع المتزامن في أسعار الخبز، ولكن البلد الذي يجذب حتماً أكبر قدر من الاهتمام في أوقات الأزمات الإقليمية هو مصر؛ أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وهي أيضًا أكبر مشتر للقمح في العالم - ويأتي ما يقرب من 90٪ من وارداتها من روسيا وأوكرانيا لذا حظرت الحكومة المصرية تصدير المواد الغذائية الأساسية، وحثت المصريين على توخي الحذر في التعامل مع أجرهم وميزانياتهم، وهددت بفرض عقوبات قاسية ضد "المتلاعبين بالأسعار والوسطاء "الجشعين".
وتتطلع القاهرة إلى تعزيز احتياطيات القمح بإمدادات من أماكن أخرى، مثل الهند ورومانيا كما تجري محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على الدعم، وفي الصيف الماضي فقط طرح الرئيس عبدالفتاح السيسي فكرة تقليص دعم الخبز في مصر لأول مرة منذ عقود وقال "لا يجوز بيع 20 رغيفا بسعر سيجارة واحدة".
يباع رغيف الخبز المدعم في مصر بما يعادل حوالي 1 سنت أمريكي ويشمل برنامج دعم الخبز حوالي 70٪ من سكان مصر البالغ عددهم 100 مليون، ويحق لهم الحصول على خمسة أرغفة في اليوم، في حين تعوض الخزانة العامة الخبازين عن خسائرهم ويكلف الدعم الدولة أكثر من 3 مليارات دولار سنويًا.
وتوقعت الصحيفة أن الحرب في أوكرانيا قد تجبر القاهرة على إنفاق المزيد للحفاظ على الدعم، وأبرزت تصريحات وزير التموين والتجارة الداخلية علي مصيلحي الأسبوع الماضي بشأن متوسط سعر القمح المستورد الذي ارتفع إلى نحو 350 دولارًا للطن، مقابل 250 دولارًا العام الماضي وقامت ميزانية هذه السنة المالية على أساس سعر 255 دولارًا، لذلك سيكون هناك ضغط لتعويض العجز ويجب أن تنتظر القاهرة قبل أي قرار يتعلق بخفض دعم الخبز.
الليبيون يشتكون من الغلاء
أبرزت صحيفة ليبيا هيرالد تفاعل الليبيين مع موجة الغلاء الأخيرة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الليبية عشية رمضان، ويتساءل الكثيرون هل سببها حرب أوكرانيا وعوامل خارجية أخرى أم مجرد جشع التجار ورغبتهم في التربح؟.
وأجابت الصحيفة أن الشاغل الرئيسي لليبيين الآن هو عدم اليقين السياسي في ليبيا الذي لا يساعد في اكتشاف الأسباب الحقيقية للغلاء، وبالتالي لا رقابة كافية على الأسواق، أو لا توجد رقابة على الإطلاق.
وارتفعت أسعار الخبز بين عشية وضحاها بنحو 30% في الأسبوع الماضي بسبب حرب أوكرانيا، وتقول الحكومة الحالية إنه لا يوجد مبرر لذلك، وأمرت بإعادة الأسعار إلى مستواها الأصلي، ويشتكي المستهلكون الليبيون من الارتفاع المفاجئ في أسعار المواد الغذائية عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. في غضون أيام من بدء الحرب، زادت المخابز أسعار الخبز من أربعة أرغفة قياسية للدينار إلى ثلاثة أرغفة لكل دينار وتعتمد ليبيا بشكل كبير على استيراد الحبوب الأوكرانية والروسية لدقيق الخبز كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية الأخرى مثل الدقيق وزيت الطهي والسكر ومعجون الطماطم.
وغضب الجمهور الذي اشتكى عبر تعليقات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي من أن الحرب في أوكرانيا بالنسبة لهم بدأت عندما رفعت المخابز الأسعار، واشتكوا من أن إمدادات الحبوب الجديدة لم تصل إلى ليبيا بعد مما يؤثر على أسعار الخبز على الفور، وطالبوا الحكومة التي تدعم دقيق الخبز باتخاذ إجراءات حيال الغلاء.
ردت حكومة الوحدة الوطنية الليبية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، بإعلانها أن الإمدادات الغذائية الأساسية مثل إمدادات الحبوب لدقيق الخبز وفيرة وأمرت المخابز بالعودة إلى أسعار ما قبل الحرب الأوكرانية ووعدت بضبط الأسعار في المخابز.
تنافس الدبيبة ضد باشاغا على السلطة
في العادة، نجد الأسواق تحب الاستقرار السياسي، وعدم الاستقرار يشجع على المضاربة والتربح وفي حالة ليبيا، لم يساعد عدم اليقين السياسي الداخلي كل من رئيس الوزراء المؤقت، عبد الحميد الدبيبة (تم تنصيبه من خلال عملية منتدى الحوار السياسي الليبي)، ورئيس مجلس الوزراء المعين حديثًا، فتحي باشاغا، فهما يتنافسان من أجل منصب رئيس الوزراء ويمكن أن تصبح المعركة بينهما فوضوية ويمكن أن تعيد ليبيا إلى وجود حكومتين متوازيتين ومؤسسات سيادية - وفي نهاية المطاف إلى حرب وحصار على إنتاج النفط.
رمضان: شهر تاريخي وأرقام قياسية في استهلاك الغذاء
بالإضافة إلى حالة عدم اليقين الدولية والمحلية هذه، يعتبر شهر رمضان المبارك تاريخيًا شهرًا مرتفعًا لاستهلاك المواد الغذائية وما لم تكن الإمدادات مساوية أو أعلى من الطلب، تميل الأسعار إلى الارتفاع على أي حال خلال هذا الوقت من كل سنة، ولكن بخلاف ارتفاع الطلب وانخفاض العرض، هناك تجار يستفيدون ويرفعون الأسعار على أي حال.
كما يتسبب البعض في نقص مصطنع في الإمدادات عن طريق تخزين البضائع والممارسات الاحتكارية، وحقيقة أن الحرب الأوكرانية بدأت بالقرب من شهر رمضان تعني أيضًا أن الموردين الليبيين لم يكن لديهم الوقت الكافي للرد على الطلب المتزايد واستيراد الإمدادات الغذائية من مصادر أخرى.
لا أحد يفكر في الكوفيد.. شبح غلاء الأسعار يواجه العرب في رمضان
وانقلبت الطقوس الشهيرة والعادات التقليدية لشهر رمضان رأسًا على عقب لمدة عامين متتاليين بسبب جائحة كوفيد -19، ولكن في هذا العام، وسط الصراعات الإقليمية وارتفاع الأسعار، يقول الكثيرون من دول الشرق الأوسط إن لديهم مخاوف أكبر، ونقلت صحيفة ذي ناشيونال الإماراتية عن عامل بناء، يدعى أحمد الجيزاوي من القاهرة قوله: "في رمضان هذا العام، لم يفكر أحد في كوفيد، وما يدور في أذهان الجميع هو ارتفاع الأسعار وكثير من الناس، وأنا منهم، يكافحون حقًا في ظل هذه الضغوط."
وفي العاصمة العراقية بغداد، أجرت الصحيفة مقابلة مع أحمد علي، الموظف الحكومي، أثناء خروجه من هايبر ماركت وكان يحمل كيسًا بلاستيكيًا صغيرًا، وقال: "كل الأسعار ارتفعت ونحن قبل رمضان"، وأدت الحرب في أوكرانيا وأزمة العملة إلى ارتفاع الأسعار وتسببت الحرب في أوكرانيا في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، لا سيما تلك المصنوعة من القمح أو الزيت.
أدى الانخفاض الأخير في قيمة العملة بسبب الانخفاض الكبير في عائدات النفط إلى دفع العراق إلى عجز في الميزانية بحلول نهاية عام 2020. وقد أدى هذا جنبًا إلى جنب مع الحرب في أوكرانيا، إلى ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية بنسبة تصل إلى 50 في المائة ومنذ أواخر عام 2020، تصاعد الغضب بين الجمهور منذ تراجع الدينار العراقي بنحو 23 في المائة مقابل الدولار. يستورد العراق معظم أصنافه والمواد الغذائية وغيرها.
وقالت وزارة التجارة العراقية في وقت سابق، إنها بصدد توزيع سلال غذائية رمضانية مكونة من سبعة أصناف في إطار برنامج الدعم الخاص بها وتحتوي كل سلة على الأرز والسكر وزيت الطهي ومعجون الطماطم والفاصوليا والعدس والحمص سيتم تسليمهما ثلاث مرات على مدار الشهر الكريم.
وفي الأردن، ارتفع سعر 14 لترًا من زيت الطهي من 24 دولارًا إلى 32 دولارًا في الشهر الماضي، وارتفع سعر كيس الأرز الذي يبلغ وزنه 10 كيلوجرامات بمقدار 3 دولارات إلى 15 دولارًا.وقالت لينا، وهي أردنية وأم لطفلين، إن عائلتها كانت تشتري كميات إضافية من الأرز واللحوم والسكر والزيت، وتخزن أسطوانات الغاز للطهي، ولكنها تعلق على الأوضاع الراهنة بقولها: "لقد شعرنا بالضيق ويمكنني تقدير التأثير على ميزانيتي بحوالي 30 في المائة، وسينعكس ذلك على كل ما سأشتريه، هذا هو أول رمضان منذ كوفيد يمكن للعائلات تناول الطعام معًا، لذلك يشتري الناس المزيد".