الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مشاورات جديدة حول السد النهضة تبعث على التفاؤل في السودان

الرئيس نيوز

أعرب السودان مؤخرًا عن تفاؤله بحل الخلاف المتعلق بسد النهضة الإثيوبي المثير للجدل، حيث تستعد إثيوبيا لملء السد للمرة الثالثة هذا الصيف.

وقال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، مؤخرا، إن المشاورات استؤنفت بعد انقطاع دام قرابة عام، مضيفًا في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" خلال زيارته للرياض في 23 مارس: "نأمل أن تتكلل المشاورات بالنجاح وأن نتوصل إلى توافق يرضي جميع الأطراف".

ودخل السودان ومصر وإثيوبيا في نزاع مرير منذ عقد من الزمان حول سد النهضة على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، ومع ذلك، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود وسط مخاوف متزايدة من اندلاع صراع عسكري في المنطقة المضطربة بالفعل.

في المقابل، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لملء وتشغيل سد النهضة على أساس القانون الدولي.

وقال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الرواندي بول كاجامي بالقاهرة يوم 26 مارس الجاري، إن مصر ترفض أي إجراء أحادي الجانب من شأنه الإضرار بالشعوب التي تعتمد على نهر النيل، بينما ذكر المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي في بيان صدر عقب الاجتماع، إن السيسي وكاغامي اتفقا على تكثيف التنسيق بين البلدين بشأن هذه القضية.

وتأمل مصر والسودان استئناف المفاوضات قبل أن تبدأ أديس أبابا في ملء خزان السد للمرة الثالثة في موسم الأمطار المقبل، بين يونيو وسبتمبر.

ويتوقع ريكاردو فابياني، مدير المشاريع في شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، أن يلتقي الطرفان قريبًا، وقال لموقع المونيتور الأمريكي: "من المحتمل أن تكون هناك محاولة جديدة للتفاوض على صفقة بشأن سد النهضة قبل الملء الثالث، مشيرًا إلى أن مصر حريصة على استخدام كل الوسائل الدبلوماسية الممكنة لإيجاد حل وهناك رئاسة جديدة للاتحاد الأفريقي، السنغال، التي ستقود عملية الوساطة.

في عام 2021، دعا مجلس الأمن الدولي الدول الثلاث إلى استئناف محادثاتها تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، الذي سعى منذ ذلك الحين دون جدوى إلى استئناف المفاوضات، وذكر جوليد أحمد، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط وخبير الطاقة المتجددة والبنية التحتية للمياه، أن المفاوضات الثلاثية يجب أن تستأنف لعدة أسباب، بما في ذلك نقص الغذاء الناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية.

وأشار إلى أن الضغط يمكن أن يمارس من قبل الشركاء الدوليين، بما في ذلك أصحاب المصلحة الرئيسيين مثل الاتحاد الأفريقي، وتخشى القاهرة والخرطوم من نقص محتمل في القمح بسبب الحرب الأوكرانية، حيث يعتمد البلدان على روسيا وأوكرانيا في أكثر من 80٪ من وارداتهما.

تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم. تخطط الحكومة لزيادة زراعة القمح بمقدار 1.5 مليون فدان إضافية خلال السنوات الثلاث المقبلة، ما يسلط الضوء على الأهمية الكبرى لحماية الموارد المائية وتقدر احتياجات مصر من القمح حاليًا بنحو 18 مليون طن سنويًا، ويصل الإنتاج المحلي إلى 10 ملايين طن.

في غضون ذلك، يعاني السودان من أزمة اقتصادية حادة قد تتطور إلى أزمة نقص الغذاء، بحسب تقديرات الأمم المتحدة وتنظر مصر والسودان إلى سد النهضة على أنه تهديد لإمدادات المياه من نهر النيل، والتي يعتمدان عليها بشكل شبه كامل لتلبية احتياجاتهما من الشرب والزراعة.

وعلى الرغم من أن السد الإثيوبي قد يفيد السودان من خلال تنظيم مياه النيل الأزرق وتوليد الكهرباء، إلا أنه يريد ضمانات للحفاظ على سدوده، بما في ذلك سد الروصيرص، أكبر سد سوداني.

وتقول إثيوبيا إن سد النهضة، أكبر سد في إفريقيا، والذي اكتمل تشييده بنسبة 80٪ بتكلفة 5 مليارات دولار، مهم لتنميتها الاقتصادية ولتوفير الطاقة، وعلى مدار أكثر من 10 سنوات، لم تنجح مصر والسودان في إقناع إثيوبيا بالموافقة على عملية ملء السد وتشغيله، خاصة خلال سنوات الجفاف.

وأشار "أحمد"، إلى أن إثيوبيا تعتزم ملء سد النهضة في غضون أربع سنوات لتوليد إيرادات من تصدير الكهرباء، بينما تريد مصر والسودان سبع سنوات على الأقل، بالإضافة إلى البحث "لتقييم الآثار السلبية على دول المصب خلال سنوات الأمطار والجفاف"، وهناك قضية أخرى لا تزال دون حل وهي إصرار مصر والسودان على اتفاقية ملزمة قانونًا لملء السد وتشغيله وفي المقابل تصر إثيوبيا على مبادئ توجيهية غير ملزمة.

توقفت المفاوضات الثلاثية منذ أوائل أبريل 2021، عندما فشل الطرفان في تحقيق أي تقدم في اجتماعهما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي كانت آنذاك رئيسة الاتحاد الأفريقي.

وزاد الوضع تعقيدًا، أن إثيوبيا أعلنت في 20 فبراير، أن السد بدأ في توليد كهرباء محدودة واستنكرت مصر والسودان الخطوة، معتبرة أن البدء في توليد الطاقة يعد انتهاكًا لإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في عام 2015.

في أوائل مارس، اتهم وزير الخارجية سامح شكري إثيوبيا "باستغلال الأنهار الدولية من جانب واحد" خلال كلمة ألقاها في الدورة العادية 157 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في القاهرة، داعيًا الدول العربية الأخرى والشركاء الدوليين إلى دعم موقف مصر.

وألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها على الجدل حول السد الإثيوبي مؤخرًا، لكن من المرجح أن تصبح محور الاهتمام الدولي مرة أخرى إذا استمرت إثيوبيا في التعبئة الثالثة.

وفي 18 مارس، ذكرت صحيفة سودان تريبيون، أن الإمارات العربية المتحدة كانت تتوسط بين الدول الثلاث. ونقلت الصحيفة عن مصادر مجهولة قولها إن وفود اجتمعت في أبوظبي لبحث القضايا العالقة دون الكشف عن نتائج هذه الاجتماعات، وكانت هناك بالفعل محاولة من قبل الإمارات في الماضي للتوسط، لكنها لم تسر على ما يرام.

ومن الواضح أن الإمارات العربية المتحدة لديها المزيد من الموارد للاستثمار، ويمكنها أن تقدم حوافز مالية لكلا الجانبين لتخفيف مواقفهما، ولكن الحقيقة هي أن السد أصبح مسألة سياسية وأمنية بارزة وثمة شكوك في أن الحوافز المالية البسيطة يمكن أن تكون كافية للتوسط في حل وسط.