هل تشعل أزمة روسيا والغرب حربًا باردة في الشرق الأوسط؟
مع احتدام الحرب الباردة الجديدة بين الغرب وروسيا، يتجدد خطر فناء الإنسانية نوويًا، وقد سلطت الحرب في أوكرانيا الضوء على سياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي تجاه روسيا، وسلطت الضوء على كيفية قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتوسيع الناتو حتى حدود روسيا، ودعم تغيير النظام ثم شن حرب بالوكالة في أوكرانيا، وفرض موجات من العقوبات الاقتصادية وإطلاق العنان لسباق التسلح بما يزيد عن تريليون دولار والهدف الواضح لهذه الاستراتيجية هو الضغط على روسيا أو بالأحرى نسف الشراكة بين روسيا والصين وإضعافها والقضاء عليها في نهاية المطاف، كمنافس استراتيجي للقوة الأمريكية، وفقًا للمحلل نيكولاس ديفيز، في مقال نشرته مجلة صالون الأمريكية.
وقال "ديفيز"، إن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي استخدما أشكالًا مماثلة من القوة والإكراه ضد العديد من البلدان، وفي كل حالة كانت النتائج كارثية بالنسبة للأشخاص المتأثرين بشكل مباشر، سواء حققت أمريكا أهدافها السياسية أم أخفقت، لتترك الحروب والتغييرات العنيفة الأنظمة في كوسوفو والعراق وهايتي وليبيا غارقة في فوضى لا نهاية لها وفريسة للفساد والفقر والفوضى، وأدت الحروب بالوكالة الفاشلة في الصومال وسوريا واليمن إلى نشوب حرب لا نهاية لها وكوارث إنسانية كما أدت العقوبات الأمريكية ضد كوبا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا إلى إفقار شعوبها لكنها فشلت في تغيير حكوماتها.
وفي الوقت نفسه، هزمت كافة الانقلابات المدعومة من الولايات المتحدة في تشيلي وبوليفيا وهندوراس عاجلًا أم آجلًا من قبل الحركات الشعبية لاستعادة حكومة ديمقراطية واشتراكية وتحكم حركة طالبان أفغانستان مرة أخرى بعد حرب استمرت 20 عامًا وطرد جيش الاحتلال الأمريكي وحلف شمال الأطلسي، وانتهى بأكثر من مأساة في أفغانستان ليس أقلها مجاعة بالملايين.
وأضاف: "لكن مخاطر وعواقب الحرب الباردة الأمريكية على روسيا مختلفة الترتيب، الغرض من أي حرب هو هزيمة العدو، ولكن كيف يمكن هزيمة عدو ملتزم صراحة بالرد على احتمالية الهزيمة الوجودية من خلال تدمير العالم بأسره؟".
ووذكر "ديفيز": "في الأسبوع الجاري، انضم وزراء خارجية الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب ومصر، إلى نظرائهم الأمريكي بلينكين والإسرائيلي لابيد في قمة هي الأولى من نوعها في مزرعة سديه بوكير في جنوب إسرائيل، حيث أقام بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي. وهو الآن مدفون في نفس البلدة، وكان بن جوريون مسؤولاً عن النكبة الفلسطينية عام 1948 والتطهير العرقي المروع لمعظم الفلسطينيين من الأراضي التي أصبحت فيما بعد إسرائيل".
وأكمل: "مع انشغال القوى العالمية بحربها الباردة الحارقة الجديدة، تشتعل الحرب الباردة الجديدة في الشرق الأوسط تحت السطح مع عواقب وخيمة محتملة وسيكون الأوكرانيون والفلسطينيون أول من يدفع الثمن الباهظ، بينما تدين الولايات المتحدة الغزو الروسي المستمر منذ 5 أسابيع وخططها المحتملة لتقسيم أوكرانيا، وتلقي المحاضرات على شرق العالم وغربه حول الديمقراطية، يغمض الفلسطينيون والعرب في فزع، بالنظر إلى دعم واشنطن غير المشروط لإسرائيل بعد عقود من احتلال فلسطين وهو الأمر الذي ما عبرت عنه اسوشيتدبرس قائلة: "الشارع العربي مستاء من نفاق الغرب"، فالغرب يرى مأساة الأوكرانيين ويغض الطرف عن احتلال فلسطين وفقا لمصالحه".
يشار إلى أن الولايات المتحدة وروسيا، تمتلكان معًا أكثر من 90٪ من الأسلحة النووية في العالم، وإذا واجهت أي من الدولتين هزيمة وجودية، فإنهما على استعداد لتدمير الحضارة الإنسانية في محرقة نووية ستقتل الأمريكيين والروس والمحايدين على حد سواء.