"مأزق صعب".. أكثر الأسابيع صعوبة على العلاقات الخليجية الأمريكية
نقل موقع ميدل إيست آي عن خبراء قولهم إن العلاقات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في "مأزق صعب" بعد رفض دول الخليج دعوات واشنطن والاتحاد الأوروبي لفرض العزلة وتضييق الخناق على روسيا، ويعتقد الخبراء إن أعضاء مجلس التعاون الخليجي أعطوا الأولوية لمصالحهم الخاصة بدلاً من السعي لمواقف تحظى برضاء الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الغضب في العواصم الغربية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن العديد من الدول، بما في ذلك بعض حلفاء الولايات المتحدة المهمين والشركاء في الشرق الأوسط، كانت مترددة في مواجهة روسيا أو دعم العقوبات الاقتصادية ضد موسكو ويبدو أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قد أعطتا الأولوية للعلاقات مع موسكو برفضهما المناشدات الأمريكية لزيادة إمدادات النفط لتهدئة أسواق الطاقة والحد من جنون أسعار الوقود.
ومنذ أشهر، يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته إقناع البلدين الخليجيين على وجه الخصوص بزيادة الإنتاج، لكن كلا البلدين رفضا مبادرات واشنطن وتقول المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إنهما ما زالتا ملتزمتين باتفاق أوبك +، ورفضتا تجاوز الخطة المتفق عليها العام الماضي إلى زيادات شهرية في الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميًا، كما بدا أن الإمارات تؤكد استقلال سياستها الخارجية عندما امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي أدان روسيا لغزوها.
ومنذ أكثر من عام بقليل، كانت علاقة الإمارات بالولايات المتحدة قوية كما كانت في أي وقت مضى في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وقعت الإمارات العربية المتحدة الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوة تاريخية لأبو ظبي تراجعت عن موقف طويل الأمد ضد التطبيع مع إسرائيل في العالم العربي، وبعد فترة وجيزة، أعلنت الولايات المتحدة عن صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 23 مليار دولار من شأنها أن تشهد حصول الإمارات على طائرات الجيل الخامس المقاتلة المتطورة من طراز إف – 35، وتعد إسرائيل، حتى الآن، الدولة الوحيدة في المنطقة التي حصلت على هذه المقاتلات.
لكن في الأشهر الأخيرة، أعربت الإمارات عن عدم ارتياحها لما تعتبره التزام واشنطن المتراجع لأمن شركاء الولايات المتحدة في المنطقة وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد قد تجاهلوا المكالمات مع بايدن مرارًا وتكرارًا، وأوضحت إيلين ليبسون، مديرة برنامج الأمن الدولي في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ميسون، خلال جلسة استضافها مركز ويلسون: "نحن في اللحظة الحالية التي تشهد احتكاكًا حادًا مع العديد من دول الخليج، وهو احتكاك مستمد إلى حد كبير من نوع المطالب المكثفة التي تطالب بها الدول الغربية في جميع أنحاء العالم بأن يشارك الجميع في عزلة روسيا - بسبب أوكرانيا. وفي بعض دول الخليج التي لم تجيد واشنطن التعامل مع مطالبها أو مخاوفها".
شكوك جدية بشأن دور وسياسات الولايات المتحدة
إن أحد أسباب عمل دول الخليج تجاه أجندات السياسة الخارجية الخاصة بها هو التحول الملحوظ في اهتمام واشنطن بعيدًا عن المنطقة ولفت الخبراء مرارًا وتكرارًا إلى أن الولايات المتحدة ستظل على الأرجح الشريك المختار للمنطقة عندما يتعلق الأمر بالقضايا العسكرية والأمنية، ومع ذلك، فقد لاحظت العديد من الدول الانسحابات الأمريكية من المنطقة - في أفغانستان والعراق وسوريا - وأبدت قلقها من أن واشنطن لم تعد مستعدة لتقديم نفس المستوى من الدعم الذي قدمته على مدى العقود العديدة الماضية لمنطقة الخليج بينما يستمر البنتاجون في الحفاظ على وجود كبير في المنطقة، ركز تقرير المدير الوطني للاستخبارات حول التهديدات الأمنية العالمية إلى حد كبير على روسيا والصين، مع تركيز محدود على الشرق الأوسط، وذكر محجوب الزويري مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر إلى أن ثمة "شكوك جدية بشأن نفض الولايات المتحدة أيديها من المنطقة" ونتيجة لذلك، "نرى المنطقة توجه دفة سياساتها لتنفيذ أجندتها الأمنية الخاصة".
أجرت السعودية وإيران سلسلة محادثات تهدف إلى تهدئة التوترات بين الخصمين الإقليميين ومع ذلك، تحدثت التقارير الصحفية عن تعليق تلك المحادثات لأجب غير مسمى، وفي غضون ذلك، استضافت قطر، التي تتمتع بعلاقات ودية نسبيًا مع إيران، مؤخرًا معرضًا دفاعيًا ضم صانعي الأسلحة الإيرانيين، فضلاً عن الشركات الأمريكية، لذا فإن دول الخليج والإمارات وحتى السعوديين وقطر أكثر تقبلاً لإعادة التفكير في كيفية إدارة علاقتهم مع إيران، على الرغم من كل المخاطر والشكوك فهم ليسوا لاعبين سلبيين ينتظرون واشنطن لإدارة هذا الملف.
العلاقات الإماراتية المتوترة مع بايدن
من بين دول مجلس التعاون الخليجي، شهدت الإمارات العربية المتحدة التغيير الأكثر ديناميكية في علاقتها بواشنطن على مدى السنوات العديدة الماضية تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، سارت أبو ظبي خطوات مهمة على طريق اتفاقيات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة مع إسرائيل، في سابقة مخالفة للإجماع التاريخي بين الدول العربية، ورحب ترامب بعد ذلك بصفقة الأسلحة التي تضمنت إرسال طائرات الجيل الخامس إلى أبو ظبي ومع ذلك، في عهد بايدن، تم تعليق هذه الصفقة مؤقتًا وسط توترات بشأن علاقات الإمارات مع الصين.
كما استقبلت الإمارات الرئيس السوري بشار الأسد وعلقت وزارة الخارجية الأمريكية بأنها "تشعر بخيبة أمل عميقة" بسبب ذلك وحتى سفير الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، اعترف بأن العلاقات بين البلدين تمر بـ"منعطف"، قد يعزو البعض ذلك إلى حقيقة أن إدارة بايدن في السلطة، لكن ثمة اتجاهات يظهر بعضها ببطء، والبعض الآخر سريعًا على المشهد الأمني في هذه المنطقة.