الجمعة 20 سبتمبر 2024 الموافق 17 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

جمع السيسي وبن زايد وبينيت.. ماذا وراء لقاء شرم الشيخ الثلاثي؟

الرئيس نيوز

استضافت مصر اجتماع القمة الأول لقادة إسرائيل والإمارات العربية المتحدة يومي الاثنين والثلاثاء، في أحدث مؤشر على إعادة ترتيب سريعة للتحالفات السياسية في الشرق الأوسط منذ أن أقامت إسرائيل العلاقات الدبلوماسية في عام 2020 مع العديد من الدول العربية بموجب اتفاقات إبراهام، وعلقت صحيفة نيويورك تايمز على القمة قائلة: "التزمت الحكومات في الدول الثلاث الحذر فلم تعلن ما أثير وما تمت مناقشته بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت وولي عهد أبو ظبي والرئيس عبد الفتاح السيسي الذي استضافهم في مصر خلال اجتماعهم في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر".
ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل لم تذكر أي تفاصيل سوى تركيز القادة على بحث سبل تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث، ولكن المحللين قالوا إن التصريحات التي لم تقل الكثير عن القمة تعكس تطورًا مهمًا في المنطقة، حيث يبدو أن قوى الشرق الأوسط تتحد معًا لإدارة علاقاتها المشحونة مع إدارة بايدن، وسط المشهد الجيوسياسي سريع التغير الذي عجلت به الأزمة الروسية الأوكرانية، وواجهت الدول الثلاث ضغوطًا شديدة من واشنطن لتجنّب روسيا، وفي حالة الإمارات أيضًا، لتزويد المزيد من النفط لعالم يحاول فطام نفسه عن الطاقة الروسية.
جاء هذا المنعطف في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تجديد اتفاق نووي مع إيران، خصم كل من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، ومن شأن الاتفاق أن يرفع العقوبات الدولية عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي واشتكت الإمارات وهي حليف مهم آخر لأمريكا في المنطقة، مع السعودية، مما يرون أنه نقص في الدعم الأمريكي لأبو ظبي والرياض بعد الهجمات التي ارتبطت بإيران.
ونقلت الصحيفة عن عبد الخالق عبد الله، المحلل السياسي الإماراتي قوله: "من المثير للاهتمام أن نراهم يقولون إننا، من الآن فصاعدًا، سنتحدث كفريق واحد"، فالأمر لا يتعلق برغبة مصر والإمارات وإسرائيل في إرسال رسائل فردية، بل رسالة جماعية، وهي إلى كل من إيران وأمريكا ولذا ارتأت هذه القوى الإقليمية الرئيسية أنه سيتم سماعهم أفضل من حديث كل منهم مع واشنطن على حدة.
وعبر عشرات السنين، كانت إسرائيل منبوذة من قبل جميع الدول العربية وتعتبر معظم الحكومات العربية احتلال إسرائيل للأراضي التي يطالب بها الفلسطينيون احتلالا غير مشروع، لذا حرصت الدول العربية على إبقاء تواصلها مع إسرائيل بعيدا عن الأنظار، فكيف تعقد قمة ثلاثية بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي مع زعيمين عربيين؟ لكن القمة العلنية في شرم الشيخ سلطت الضوء على أن مزايا المصالح والخوف المشترك من إيران النووية تبدو الآن أولويات فورية أكبر لبعض القادة العرب من حل سريع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتقترب المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى وإيران من التوصل إلى حل، لكنها تتوقف حاليًا على مطلب إيراني صعب: أن تتوقف واشنطن عن تصنيف الحرس الثوري، وهو قوتها العسكرية الضاربة، كمنظمة إرهابية، وقد ضغط حلفاء إسرائيل وواشنطن الآخرون في الشرق الأوسط على إدارة بايدن لعدم الاستسلام، قائلين إنهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى تقوية الجماعات المدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن كما يتسارع التعاون على الجبهات الأخرى، فالاجتماع في شرم الشيخ جاء بعد زيارات بينيت للبحرين في فبراير والإمارات في ديسمبر، وكلاهما أول زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي.
وعلق نمرود نوفيك، المحلل في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهو مجموعة بحثية وخبير في العلاقات الإسرائيلية المصرية، إنه في خضم العلاقات الإماراتية الإسرائيلية الدافئة، تشير حقيقة استضافة مصر للقمة إلى أنها تلعب دورًا في اللحاق بالركب، كما علقت إتش.إ. هيلير، باحثة في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والمعهد الملكي للخدمات المتحدة. قائلة إن مصر ترى فرصة لترسيخ دورها التاريخي كوسيط، وتابعت: "لم يكن المصريون سعداء بتراجع الدور المهم الذي تلعبه القاهرة وقدرتها على التأثير في مواقف إسرائيل والعالم العربي"، وبقدر ما يتعلق الأمر بالرئيس السيسي، فهذه علامة تقول: "نحن لا نزال على صلة بالسياق الجديد الناشئ"، رغم إعادة ترتيب أولويات معظم دول المنطقة في السياسة الخارجية.
ونقلت التايمز عن الدكتور عبد المنعم سعيد علي قوله إن بفضل حرب أوكرانيا، تتطلع مصر أيضًا إلى زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وهو أمر لا تستطيع تحقيقه وحدها، وأضاف أن حرب أوكرانيا هزت منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات، بما في ذلك من خلال دفع أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع وتهديد الاقتصادات في جميع أنحاء المنطقة، مما يجعل التعاون الإقليمي أكثر إلحاحًا، واهتز اقتصادها بسبب حرب أوكرانيا، وتأمل مصر في جذب السياح إلى منتجعاتها المطلة على البحر الأحمر وحشد استثمارات الخليج في البلاد ويشهد كلا المجهودان بعض النجاح بالفعل، فأعلنت رحلات جوية مباشرة جديدة بين إسرائيل وشرم الشيخ، وقال مستثمرون إماراتيون هذا الأسبوع إنهم سيشترون حصصا كبيرة من بنوك مصرية.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن زيارة بينيت هي المرة الأولى التي يقضي فيها رئيس وزراء إسرائيلي ليلته في مصر منذ عشرثين سنة وقال محللون إن القمة ربما ناقشت أيضا كيفية الحد من مخاطر اندلاع تصعيد في الأراضي المحتلة في الأسابيع المقبلة، عندما من المرجح أن يزيد تقارب عيد المسلمين في رمضان وعيد الفصح المسيحي وعيد الفصح اليهودي من التوترات أو المصادمات، وتوسطت مصر في كثير من الأحيان بين إسرائيل وحركة حماس، بما في ذلك خلال الحرب التي استمرت 11 يومًا في غزة العام الماضي، والتي أعقبت فترة من التوترات المتصاعدة في شهر رمضان، ويبدو أن المصريين والإماراتيين وغيرهم قلقون من تلاقي الأعياد الثلاثة، ولا يريدون أن يروا تجسيدًا لما حدث في مايو الماضي، أو ربما أسوأ"، وفقا لنوفيك.