الأحد 06 أكتوبر 2024 الموافق 03 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

انسحاب المضاربين من الأسواق الناشئة.. كيف ينعكس على الاقتصاد المصري ؟

الرئيس نيوز

على الرغم من أن خروج تدفقات رأس المال من الأسواق الناشئة ليس مفاجأة، إلا أن خفض قيمة العملة كان الإجراء الحتمي من أجل تخفيف الضغط على الجنيه المصري، وفقًا لتقرير صحيفة ديجيتال نيوز الكندية، وعلى خلفية الصراع بين روسيا وأوكرانيا، أدت التدفقات الخارجة من "الأموال الساخنة" – وتعرف بأنها الأموال التي يسيطر عليها المضاربون الذين يبحثون عن عوائد سريعة وقصيرة الأجل - وغالبًا ما تنقل الأموال بين البلدان للاستفادة من معدلات الفائدة المتغيرة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على العملة الأمريكية في مصر، مما جعل تخفيض آخر لقيمة الجنيه ضرورة لا مفر منها.
على الرغم من أن التدفقات الخارجة لأموال المضاربين لا ينبغي أن تكون مفاجئة لأن مديري الصناديق يختارون الملاذ الآمن في أوقات الأزمات، إلا أن هناك مخاوف بشأن خروج جماعي من الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، التي قد تواجه عددًا من التحديات المالية والاقتصادية على المدى القصير والمتوسط.  
وأضاف موقع المونيتور الأمريكي أن هذا أمر طبيعي، بالنظر إلى التوترات المتزايدة بين روسيا وأوكرانيا، ونقل الموقع الأمريكي عن حنان رمسيس، المحللة في شركة الحرية للسمسرة ومقرها القاهرة، قولها: "ينسحب المستثمرون من الأسواق الناشئة ويحولون أموالهم إلى مكان آخر"، وبالتأكيد، تشكل عمليات البيع هذه مخاطر على الاحتياطيات الأجنبية وكذلك العملة المحلية، والتي قد تنخفض قيمتها بنسبة تصل إلى 15٪، ولفتت حنان رمسيس إلى أنه على الرغم من توقع تدفقات رأس المال إلى الخارج، إلا أنه يتعين على البنك المركزي والبورصة المصرية اتخاذ خطوات للتخفيف من تأثير هذه التحركات، وتبلغ قيمة العملة الأمريكية حاليا 18.43 جنيهًا مصريا للشراء و18.53 جنيها للبيع في السوق المحلي، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
وقبل الأزمة الأوكرانية، كانت هناك مخاوف من عمليات البيع وتخارج المضاربين من سندات الخزانة المصرية، خاصة بعد أن كشف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن إمكانية رفع سعر الفائدة نحو 6 إلى 7 مرات في العام الجاري، وأشار وزير المالية محمد معيط في 6 مارس الجاري إلى إن نزوح الأجانب الجماعي من أدوات الدين السيادية كان متوقعا، وتقول السلطات المصرية إنها تعمل على معالجة الأمر لكنها لم تذكر تفاصيل.
وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني يوم 7 مارس أن الأسواق الناشئة تواجه مجموعة متنوعة من مخاطر الائتمان الإضافية الناجمة عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، مشيرة إلى ضغوط الأسعار وتقلص تحمل المستثمرين للمخاطر وحذر التقرير، "قلنا أن بوادر ضغوط التمويل الخارجي يمكن أن تكون حافزًا لاتخاذ إجراءات تصنيف سلبية للعديد من الدول السيادية في الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر وتركيا".
في 2 مارس، نقل تقرير لرويترز عن مصادر مجهولة قولها إن تدفقات رأس المال الأجنبي الخارجة بلغت 3 مليارات دولار منذ الثالث من فبراير وباع المستثمرون الأجانب الهابطة ما قيمته 3.068 مليار جنيه (196 مليون دولار) من الأسهم منذ بداية عام 2022، وفقا لبيانات من البورصة المصرية.
قد يكون الانخفاض الحالي مؤقتًا وصدر تقرير ستاندرد آند بورز للتصنيفات العالمية في 9 سبتمبر مشيرا إلى أن حيازات غير المقيمين من أذون وسندات الحكومة بالعملة المحلية زادت إلى 33 مليار دولار (13٪ من إجمالي الأوراق المالية) في أغسطس 2021، من أدنى مستوى بلغ 10 مليارات دولار في يونيو 2020 وما فوق ذروة ما قبل الوباء بحوالي 28 مليار دولار في فبراير 2020، وأضاف: "نحن على دراية بتدفقات رأس المال المفاجئة إلى الخارج وحدث شيء من هذا القبيل في أعقاب تفشي جائحة كوفيد-19 في مارس 2020، وانخفض احتياطي النقد الأجنبي في مصر مباشرة بعد اندلاع الوباء والإغلاق الذي تلا ذلك بين مارس ويونيو 2020 وانخفض صافي الاحتياطيات الأجنبية إلى 36 مليار دولار في مايو 2020 بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 45.5 مليار دولار في يناير وفبراير. 2020 حسب بيانات البنك المركزي.
وحذرت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في سبتمبر 2021 من أن تدفقات رأس المال الخارجة قد "تؤدي إلى انخفاض كبير في احتياطيات النقد الأجنبي"، موضحة أن "تدفقات رأس المال الخارجة من الأسواق الناشئة مرجحة عندما تبدأ السياسات النقدية في البلدان المتقدمة في العودة إلى وضعها الطبيعي. ومع ذلك، يمكننا أن نشهد مخاطر مرتفعة في ميزان المدفوعات في مصر إذا كان هناك سحب حاد للأموال بينما إيصالات الحساب الجاري لا تزال ضعيفة بسبب الأضرار المرتبطة بالوباء التي تلحق بعائدات السياحة والتصدير ".
وأشار التقرير إلى أن تدفقات الأموال الساخنة هي نوع من الاستثمار غير المباشر والمتداول والشائع، قائلاً إنها تنطوي على التعرض لأسواق الأوراق المالية وتداول العملات الأجنبية والأدوات الأخرى قصيرة الأجل.
كان تعويم الجنيه المصري علامة فارقة في الجهود المبذولة لجذب تدفقات رأس المال الأجنبي. قال بنك جيه بي مورجان الاستثماري ومقره نيويورك في 8 مارس إن تخفيض قيمة العملة سيكون مطلوبا، مشيرا إلى الضغوط المتزايدة على الجنيه المصري، وكان تخفيض قيمة العملة هو أحد الإجراءات حتى لا يكون هناك سوق موازية ومع ذلك، من الضروري تعزيز مناخ الاستثمار للأموال الأجنبية والأفراد لضخ العملة الصعبة مباشرة في سوق رأس المال ومددت مصر آجال استحقاق الودائع الدولارية من دول الخليج.
وفي 9 مارس، مددت المملكة العربية السعودية وديعة بقيمة 2.3 مليار دولار في البنك المركزي حتى أكتوبر 2026 وتشمل الودائع الأخرى بالدولار في البنك المركزي من الخليج العربي 5.7 مليار دولار من الإمارات العربية المتحدة و4 مليارات دولار من الكويت.
ويجب أن تكون هناك وسائل لجذب تدفقات العملة الصعبة بالإضافة إلى الموارد الأربعة التقليدية: إيرادات قناة السويس، والسياحة، وتحويلات المغتربين المصريين، والصادرات وسوق الأسهم يمكن أن تكون قناة موثوقة لجذب التدفقات الدولارية، علاوة على أهمية إصلاح سوق رأس المال لضخ المزيد من السيولة في الأسهم المحلية.
والأهم من ذلك، يجب أن يثق المستثمرون الأجانب والمحليون في سوق الأوراق المالية كما يجب التعلم من تجارب الآخرين، فالمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال استفادت من الاكتتاب العام الأولي لشركة النفط العملاقة أرامكو وسجل سهم الشركة أعلى مستوى له على الإطلاق عند 45 ريالاً [12 دولاراً] بلغت القيمة السوقية لأرامكو 2.4 تريليون دولار، أي ما يعادل إجمالي الناتج المحلي المجمع لعشر دول عربية.