الخميس 12 ديسمبر 2024 الموافق 11 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

السياح الروس والأوكرانيين.. فرقتهم الحرب في بلادهم وجمعتهم المنتجعات السياحية في مصر

الرئيس نيوز

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن التوتر بين السياح الروس والأوكرانيين في الفنادق والشواطئ المصرية على شاطئ البحر الأحمر واضح، رغم وجود لحظات من التعاطف، وثال بعض السياح الأوكرانيين للتايمز إنهم حاولوا، وفشلوا إلى حد كبير، في إقناع الروس بأن بلادهم لم تفعل شيئًا لتستحق الغزو، وأكدت فيفيان يي، في تقرير نشرته التايمز، أن منتجعات شرم الشيخ ذات الخمس نجوم على شواطئ البحر الأحمر تصر على توفر أفضل خدماتها مهما اشتدت الصعوبة، من خلال 20 مطعمًا وبارًا، وحديقة مائية، ومنتجعًا صحيًا فاخرًا، وترفيه ليلي، وأنشطة الغطس، واليوجا عند غروب الشمس، وفي ردهة أحد الفنادق، رصدت التايمز امرأة ترتدي زي كرة القدم للمنتخب الأوكراني جلست تعزف موسيقى فريدريك شوبان على بيانو كبير لامع، وعلى مقربة منها رصدت مراسلة التايمز جحافل من الأطفال يسيرون في ممرات تحيطها شجيرات الزينة ويلوحون بالسيوف البلاستيكية ويهتفون بالروسية: "أنا القرصان!".

وقالت التايمز إن العديد من النزلاء بالفنادق هم من الروس والبعض من الأوكرانيين وكان من المفترض أن يعود معظمهم إلى منازلهم منذ أيام ولكن بدلاً من ذلك، تقطعت بهم السبل فأصبحوا عالقين مع بعضهم البعض في شرم الشيخ والغردقة، ونقلت التايمز عن يفجيني شيفتشينكو، 30 عامًا، الذي وصل إلى مصر من العاصمة الأوكرانية، كييف، مع زوجته وطفله الصغير قبل ثلاثة أسابيع فيما كان من المفترض أن يكون عطلة ممتعة على الشاطئ: "بالنسبة لي، من الصعب التحدث مع الروس الآن"، فبعد أربعة أيام فقط من بدء إجازته، استيقظ على نبأ غزو بلاده.

في إشارة إلى الروس في المنتجع، قال: "لديهم أيضًا مشاكل، مثل بطاقات الائتمان الخاصة بهم لا تعمل، والروبل ينخفض ولكن لا يمكنك مقارنتها بمشاكلنا نحن، أو بشكل عام بالمشكلة الأوكرانية وأزمتنا كوطن ".

وقالت ليزا بيلوزوب، مصممة أزياء من كييف، مع ابنها مارك البالغ من العمر 3 سنوات، لقد تقطعت بنا السبل  مع عائلتي في شرم الشيخ بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتحدثت التايمز معها بينما كانت تسير في شرم الشيخ المشمسة في الأسابيع التي تلت الغزو الروسي لأوكرانيا الشهر الماضي، فأشارت إلى المفارقة عندما وجد آلاف السياح من كلا الجانبين أنفسهم محصورين معًا، غير قادرين على العودة إلى الوطن وغير قادرين على تجنب بعضهم البعض في بوفيه الإفطار وكانت الأيام الأولى للغزو مليئة بالتوتر والعدوان والخوف من الآخر، إلى جانب لحظات التعاطف العرضية.

ويروي رجل أوكراني رؤيته روسية ترتدي قميصا عليه العلم الوطني وأخذت تحدق في سائحة أوكرانية في بهو الفندق، ثم انفجرت الاثنتان بالبكاء، ولأن الناس ليسوا كلهم مهذبون فقد سمع تبادل الشتائم بين الروس والأوكرانيين في مناطق التسوق في جميع أنحاء المدينة، وقال إن المنتجعات عرضت وجبات مجانية وامتيازات أخرى لإقناع الأوكرانيين والروس بتناول الطعام في مطاعم منفصلة لتجنب الاحتكاكات، وبسبب التواجد بنفس المكان، اندلع العنف مرة واحدة فقط قبل أسبوعين، وتم استدعاء الشرطة إلى الفندق للفصل بين رجل روسي وامرأة أوكرانية دخلا مشاجرة، وفقًا لعمال السياحة المحليين. تم نقل أحدهما إلى فندق آخر، وتؤكد بيلوزوب: "قلبي ينكسر كل دقيقة لأن عقولنا وأفكارنا ومشاعرنا في كييف".

وكان الأوكراني شيفتشينكو في منطقة لعب الأطفال عندما حاول سائح روسي ودود إجراء محادثة قصيرة معه، معترفًا بأن بطاقته الائتمانية قد توقفت عن العمل بعد انسحاب فيزا وماستركاردووقف عملياتهما في روسيا، وحاول شيفتشينكو أن يهون عليه الأمر، قائلا: "أنا أفهم ما تمرون به"، قبل أن يتركه ويبتعد.

وعندما بدأ الغزو، قال مسؤولو السفارة الأوكرانية إن حوالي 11000 أوكراني كانوا يقيمون في شرم و9000 آخرين في منتجع مصري آخر على البحر الأحمر، بالغردقة وتضاءلت هذه الأرقام منذ ذلك الحين حيث نسقت مصر رحلات إجلاء إلى أوروبا وعدد الروس العالقين في مصر، وإن لم يكن علنًا، كان على الأرجح بعشرات الآلاف، وفي ظل الظروف والأوقات العادية، توفر شواطئ مصر للروس والأوكرانيين ملاذًا شاملاً للهروب من المناخ الشتوي على بعد ساعات قليلة فقط من رحلة الطيران من يكاترينبرج، روسيا، أو من خاركيف بأوكرانيا وقضى السائحون الوقت في شرم الشيخ هذا الشهر عندما بدأ الغزو، ولكن الحرب في أوكرانيا كانت فقط الأحدث من بين العديد من الضربات التي تعرضت لها صناعة السياحة المصرية منذ العام 2011 وآخرها بسبب جائحة كوفيد-19.

لم تتوقف مصر أبدًا عن تقديم الطعام للروس والأوكرانيين، الذين شكلوا ذات مرة ثلث زوار البلاد وبدأوا في التدفق مرة أخرى إلى شرم الشيخ مرة أخرى أواخر العام الماضي وفي المنتجعات في جميع أنحاء شرم، يمكن للضيوف العثور على القوائم واللافتات والأنشطة باللغة الروسية، والتي يتحدث بها أيضًا العديد من الأوكرانيين، وفي غرف النزلاء، تبث التلفزيونات في الغالب القنوات الروسية والأوكرانية وحتى ما قبل أسبوعين، وبسبب عوامل اللغة والثقافة والتاريخ، قضى الروس والأوكرانيون إجازتهم في وئام، ثم بدأت القنوات الأوكرانية تظهر القوات الروسية وهي تدمر المدن الأوكرانية وتطلق النار على المدنيين الفارين، وبدأت القنوات الروسية تدعي أنه لا حرب على الإطلاق.

وتحدثت مراسلة التايمز مع فاديم هارات وبولينا كيريشنكو، من أوكرانيا، فقد كانا في إجازة في شرم الشيخ عندما اندلعت الحرب وقال هارات: "ما زلت أشعر بالذنب لوجودي هنا، وعندما وجد سيرجي فيسوشين، 58 عامًا، وألينا فيسوشينا، 43 عامًا، نفسيهما غير قادرين على العودة إلى ديارهما في كاميانسك، أوكرانيا، بعد إجازة شهر العسل في شرم، حاولا التخفيف من شعورهما بالذنب والقيام بدورهم في حرب المعلومات والتصدي للمعلومات المضللة عبر الإنترنت، ولنهما اقتربا من السياح الروس، في محاولة لشرح ما يجري وفي محاولة لاختراق العقلية الروسية، قاموا أحيانًا بقلب القناة على تلفزيون غرفتهم من يورونيوز إلى قناة روسيا 24 على الرغم من أن ما رأوه أثار غضبهما.

لكن الروس الذين التقوا بهم ردوا مثل بافيل، 35 عامًا، الذي كان يدفع عربة الأطفال بجانب الرمال في أحد المنتجعات الأسبوع الماضي وقال: "بشكل عام، أنا أؤيد جانب الحكومة الروسية، علينا حماية أنفسنا من الناتو".

وقالت السيدة فيسوشينا، مديرة شركة الحافلات التي التقت بزوجها، وهو سائق حافلة، في العمل: "لا يمكنهم قبول وجهة نظرنا وحاولنا التوضيح، لكنه سيثير الصراع بيننا، ولا نريد أن يكون لدينا صراع أو أي مشكلة هنا"، وهناك بعض الروس الذين لا يصدقون الدعاية التي يدعمها الكرملين والتي يشاهدونها على التلفزيون الحكومي، وأكد الجانبان أن شواطئ مصر توفر للروس والأوكرانيين على السواء ملاذًا شاملاً من الأجواء الشتوية، وقال مايك، 30 عامًا، الذي يعمل في شركة أدوية مقرها موسكو، إن مجموعة من السياح الأوكرانيين واجهوه بالقرب من طاولات تنس الطاولة في منتجعه، وسحبوا هواتفهم لكي يرى بنفسه صورًا للمذبحة، وعقب: "لم أقل شيئًا، ولم يكن لدي أي كلمات لشرح ما يحدث، ولذلك عانقتهم بحرارة".

وعندما شاهد هو وزوجته، أناستاسيا، 30 عامًا، في شرم الشيخ، أخبار الحرب، ناقشا مغادرة روسيا، لكنهما قررا أنهما لا يستطيعان ترك عائلاتهما، كما قال العديد من السياح الأوكرانيين أنه من الصعب أن ينحاز لهم مواطنون روس وسط حملة القمع الروسية المتزايدة على المعارضة، ولكن أناستاسيا أعربت عن أملها قائلة: "لكن، نأمل أن يتغير كل شيء."

الشعور بالتنافر شيء حتمي عند الحديث عن الحرب بجانب البحر الهادئ، تحت السماء بهذا اللون الأزرق، والشمس الساطعة في شرم الشيخ، في حين ملأت مقاطع الفيديو المفعمة بالألم والدمار هواتف السائحين واكتشف الأوكرانيون، وهم ينجرفون مع أيام إجازتهم التي طالت أنه لم يكن هناك سوى الكثير من الوقت الذي يمكنهم أن يقضوه في متابعة الأخبار، أو التنقل في رعب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو البكاء، ويناقش البعض المكان الأفضل والأكثر أمانًا للذهاب بعد شرم الشيخ: ماذا لو توغلت روسيا أكثر في أوروبا؟ ناقش آخرون ماذا سيفعلون عند عودتهم إلى أوروبا: التطوع للقتال؟ الحصول على وظائف وإرسال الأموال إلى الجبهة؟

أمرت الحكومة المصرية الفنادق من فئة نجمتين وثلاث نجوم على البحر الأحمر بتمديد إقامة الضيوف الأوكرانيين مجانًا، بينما طُلب من المنتجعات الأكثر تكلفة تقديم أسعار خاصة أو النقل إلى أماكن إقامة أرخص وكان ذلك مصدر ارتياح للسياح، لكنه كان بمثابة ضربة للفنادق التي تضررت بالفعل بشدة من الوباء، والتي وعدت الحكومة بتعويض قدره 10 دولارات فقط لكل ضيف أوكراني في الليلة وذكر أشرف شريف، مدير المبيعات في سلسلة فنادق البحر الأحمر في شرم والغردقة: "إذا تحدثت إلى المصريين، فإنهم سيكونون أكثر حزنًا من الأوكرانيين أنفسهم لأن هذه المدينة بها سياحة فقط."

قال السائحون الروس في شرم الشيخ إنهم يعتمدون على منظمي الرحلات السياحية الخاصة بهم لدفع تكاليف إقامتهم وترتيب النقل إلى الوطن الآن بعد تعليق الرحلات الجوية المباشرة إلى روسيا وتوقف بطاقات الائتمان الخاصة بهم عن العمل وكان بعض المسافرين من كلا البلدين يتطلعون لإقامة إقامة طويلة الأمد في مصر، وهي ملاذ أكثر إشراقًا وأرخص من العديد من الخيارات الأخرى وقال أندري باناجوشين، الدبلوماسي الأوكراني السابق الذي يعيش في شرم الشيخ، إنه وسكان أوكرانيون آخرون تلقوا طلبات من مواطنين يبحثون عن إيجارات طويلة الأجل.