تفاصيل دعوة "التعاون الخليجي" لمفاوضات السلام مع الحوثى
قالت مصادر سياسية عربية مطلعة لصحيفة واشنطن إكزامينر الأمريكية إن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تقوم بترتيبات لدعوة الأطراف السياسية والاجتماعية في اليمن، بما في ذلك الحوثيون المدعومون من إيران، إلى المشاورات في مقر المجلس بالعاصمة السعودية الرياض، وإذا لم يقبل الحوثيون المدعومون من إيران الدعوة كما هو متوقع، فإن غيابهم لن يؤدي إلا إلى تسليط الضوء على معارضتهم للتسوية السلمية للصراع.
ووفقًا للمصادر فإن المحادثات المقرر أن تستمر في الفترة من 29 مارس إلى 7 أبريل سيحضرها مبعوثا الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى اليمن وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي وممثلو حوالي 19 دولة لها مصلحة في الصراع اليمني، ومن المنتظر أن يتم الإعلان رسميا عن المبادرة خلال اليومين المقبلين من قبل الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف الذي التقى بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوم الاثنين. وقدم رئيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال ذلك الاجتماع، تفاصيل مقترح عقد مشاورات موسعة في الرياض بمشاركة مختلف الفصائل اليمنية، على هادي.
وبحسب المصادر، فإن الاقتراح الخليجي قد وافق عليه الرئيس اليمني، وبدءًا من الأيام القليلة المقبلة، سيتم إرسال الدعوات إلى مجموعات سياسية مختلفة، بما في ذلك الحوثيين، الذين ستعرض عليهم دول مجلس التعاون الخليجي تسهيل الخدمات اللوجستية وضمان أمنهم خلال المفاوضات، وتضيف المصادر أن الاقتراح برعاية دول مجلس التعاون الخليجي له ميزة أنه ليس مبادرة سعودية منفردة وهذا يسمح للرياض بألا تبدو وكأنها تقدم عرض سلام مباشر للحوثيين في وقت يواصلون فيه شن هجمات على مواقع مدنية ومنشآت حكومية في المملكة، والتي "يمكن فهمها على أنها تنازل سعودي تحت الضغط".
ووصفت المصادر المبادرة الخليجية بأنها استمرار لتلك التي قدمتها السعودية قبل عام والتي تهدف إلى الاتفاق على هدنة والدخول في حوار سياسي شامل لإنهاء الحرب. لكن الحوثيين رفضوا المبادرة السعودية، رغم أنها حظيت بدعم إقليمي ودولي وردا على اقتراح مجلس التعاون الخليجي، قال الحوثيون، الثلاثاء، إن السعودية ليست في وضع يسمح لها بدور الوسيط في الصراع، متجاهلين حقيقة أن الدعوات تأتي من مجلس التعاون الخليجي وليس من الرياض.
وقال المتحدث باسم "وزارة الخارجية" الحوثية، أحمد العماد، "لم نتلق دعوة والسعودية طرف في العدوان وليست جهة محايدة". وأضاف: "لا جديد. هذه مجرد دعوة للاستهلاك الإعلامي"، وقالت المصادر العربية الأسبوعية إن المحادثات ستكون مزيجاً من مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ترعاه الأمم المتحدة عام 2013 ومؤتمر الرياض الذي عقد في مايو 2015 وسيشارك حوالي 500 مشارك من مختلف الجماعات السياسية اليمنية بما في ذلك شيوخ القبائل والكتاب والمثقفون وممثلو منظمات المجتمع المدني.
وترى مصادر سياسية، وفقًا لصحيفة آراب ويكلي، التي تصدر في لندن، أن رد الفعل الإيجابي من قبل الحوثيين غير مرجح ولكنهم يشيرون إلى أن المبادرة الخليجية ستعمق عزلة الحوثيين وتؤكد للمجتمع الإقليمي والدولي أن الميليشيات المدعومة من إيران ليست جادة في طي صفحة الحرب وإشراك جيران اليمن بشكل بناء.
يأمل المحللون أن يؤدي مؤتمر الحوار، حتى مع المقاطعة المتوقعة من قبل الحوثيين، إلى خلق ديناميكية سلام جديدة ويفتح المجال لمراجعة واسعة النطاق للسنوات السبع الماضية من الحرب ولن يؤدي غياب الحوثيين إلا إلى إبراز معارضتهم للتسوية السلمية للصراع ويرى المحللون أن المنظمين يهدفون إلى توسيع دائرة المشاركين في صنع القرار الحكومي الشرعي لتشمل قوى فاعلة، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح، بالإضافة إلى اللاعبين الاجتماعيين والمدنيين الذين تم تهميشهم سياسيًا خلال السنوات القليلة الماضية.
وسيضع مجلس التعاون الخليجي آلية لضمان تنفيذ القرارات المتخذة خلال المحادثات، مما قد يمثل بداية مرحلة جديدة في إدارة الأزمة اليمنية وتعليقا على الاستعدادات لاجتماع الرياض، قال فهد طالب الشرفي مستشار وزارة الإعلام اليمنية إن "التسوية السياسية يجب أن تبدأ بالقوى اليمنية التي لديها رؤية سياسية للحل قبل النظر في ضم التشكيلات المسلحة"، ووصف الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر المبادرة بأنها فرصة أخرى لليمن، بعد الفرصة التي فوتها الحوثيون في مارس 2021، عندما أطلقت السعودية مبادرة سلام واضحة المعالم.
وتوقع طاهر رد فعل الحوثيين المحتمل على المبادرة الخليجية، وقال لصحيفة "العرب الأسبوعية": "هناك سيناريوهان للتعامل مع هذه المبادرة؛ الأول قبولها، بهدف إخبار جمهورها في الداخل، بأن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية هي مجرد حبر على ورق ومن ثم يبيعون مشاركتهم على أنها انتصار على مثل هذه القرارات وفي هذه الحالة، فإنهم يشاركون فقط من أجل الحضور".
السيناريو الثاني، وهو الأرجح بحسب طاهر، هو أن "الحوثيين يرفضون المشاركة في المشاورات، ويواصلون تفويت فرص السلام والعمل على تصعيد عملياتهم العسكرية داخل اليمن، حيث يواصلون الاعتقاد بانتهاء الحرب في اليمن لن تأتي إلا من خلال القوة العسكرية".