الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"دواعش ومرتزقة ونازيون".. أوكرانيا أصبحت ساحة للقتال وتصفية الحسابات

الرئيس نيوز

عنونت صحيفة واشنطن بوست، اليوم الثلاثاء، "النازيون الجدد يستغلون الحرب الروسية في أوكرانيا لأغراضهم الخاصة"، و منذ ظهور نواة تنظيم داعش في أعقاب غزو الأنجلو-أمريكي للعراق، لم يشهد العالم مثل هذه الفورة من أنشطة التجنيد.

ورصدت ريتا كاتز، المديرة التنفيذية لمجموعة سايت إنتلجنس جروب الرسالة التالية عبر الإنترنت: "مرحبًا، هل يمكنك إعادة توجيه رسالة لأن اثنين منا يحاولان الحصول على وسيلة مواصلات مناسبة للانتقال من ألمانيا إلى أوكرانيا"، هذا نص الرسالة، التي أرسلت بتاريخ 26 فبراير إلى قناة ويب شعبية يمتلكها النازيون الجدد، وجاء الرد في تعليق يقول: "نحن 3 فرنسيون، نغادر ستراسبورج صباح الغد بسيارتنا، ومعنا مكان لمقاتلين ألمان، على الرحب والسعة".

تجدر الإشارة إلى أن ريتا كاتز هي أيضا محللة متخصصة في ملف الإرهاب ومؤلفة كتاب "القديسون والجنود: داخل كواليس جماعات الإرهاب في عصر الإنترنت.. من سوريا إلى حصار الكابيتول".

وقبل بضعة أيام، قال رئيس أركان الدفاع رادكين لتلفزيون بي بي سي: "لقد كنا واضحين للغاية أنه من غير القانوني وغير المفيد للجيش البريطاني ولسكان المملكة المتحدة، البدء في التوجه نحو أوكرانيا".

وأكد مسؤول أمريكي كبير في إنفاذ القانون الفيدرالي لوكالة أسوشيتيد برس إنه في ظل بعض الظروف، قد يواجه الأمريكيون الذين يتطوعون في حرب أوكرانيا عقوبات جنائية، أو حتى يخاطرون بفقدان جنسيتهم، لمشاركتهم في صراع خارجي.

وأضاف أن السلطات الأمريكية قلقة بشأن ما يمكن أن يحدث إذا قُتل أمريكي أو أُسر أو جُنِّد أثناء وجوده هناك للعمل في جهاز استخبارات أجنبي عند عودته إلى الوطن ويشعر الخبراء الأمنيون الغربيون الرسميون والمستقلون بالقلق من أن بعض المقاتلين الأجانب المحتملين ربما يكونون من أتباع تفوق البيض، الذين يُعتقد أنهم يقاتلون على جانبي الصراع ويمكن أن يصبحوا أكثر راديكالية ويحصلون على تدريب عسكري في أوكرانيا، وبالتالي يشكلون خطرًا متزايدًا بعد عودتهم إلى ديارهم.

اليمينيون والقوميون
دفع الغزو الروسي لأوكرانيا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى دعوة جميع "مواطني العالم" لاحقًا للانضمام إلى القتال ضد الجيش الروسي والمساعدة في الدفاع عن "التعايش السلمي" ويبدو أن الآلاف يتبنون هذه القضية، بما في ذلك العشرات من الأمريكيين والكنديين.

ولكن من بين المواطنين ذوي النوايا الحسنة الذين يصطفون للقتال من أجل أوكرانيا، هناك بعض المتطوعين من كافة أنحاء العالم الذين لهم صلات بتفوق البيض واليمين المتطرف وفي السنوات الأخيرة، سعى المقاتلون الأجانب النازيون الجدد والمتطرفون البيض في العالم إلى التدريب واكتساب الخبرة القتالية من خلال الانضمام إلى ميليشيات الدفاع القومية المتطرفة في أوكرانيا وانضم عضو في مجموعة النازيين الجدد الأمريكية The Base، وهو جندي سابق في مشاة البحرية، إلى المجهود الحربي الأوكراني في عام 2020 قبل طرده من البلاد.

ارتبطت فصائل من المقاتلين الأوكرانيين بحركات تفوق البيض أو النازيين الجدد على مدار السنوات الثماني الماضية، بما في ذلك بعض أعضاء كتيبة آزوف القومية المتطرفة، التي قاتلت ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا في عام 2014 وأصبحت في نهاية المطاف ذراعًا متطوعًا للجيش الوطني تحت اسم "لواء حارس أوكرانيا" ومع تصاعد الصراع مع روسيا في الآونة الأخيرة، نشر أعضاء آزوف مقطع فيديو لأنفسهم وهم يدهنون الرصاص بدهن الخنازير ويحذرون الجنود الروس المسلمين، ومن المرجح أن يكونوا من الشيشان ذات الأغلبية المسلمة في روسيا، بأنهم "لن يذهبوا إلى الجنة".

وبالغ بوتين في حقيقة أن أقلية صغيرة من المقاتلين الأوكرانيين لهم صلات بالتطرف اليميني المتطرف في محاولته لوصف أوكرانيا بأكملها بأنها بحاجة إلى "اجتثاث النازية"، معتمدًا على مغالطة تخدم أهدافه السياسية في حين أن هناك مشاكل مع الجماعات اليمينية المتطرفة والعنف اليميني المتطرف في أوكرانيا، كما هو الحال في أجزاء أخرى من أوروبا، هناك القليل من الدعم بين الطيف الأوسع للأحزاب القومية اليمينية.

حالمون بالثراء ومغامرون ومدمنو الحروب!
وقالت شبكة إن بي سي الأمريكية إن حتى بين المقاتلين الأجانب الذين يسافرون إلى أوكرانيا، فإن الغالبية العظمى لا تربطهم علاقة بالتطرف العنصري الأبيض وحتى داخل أقصى اليمين، تختلف الدوافع للانضمام إلى صراع خارجي وتوصلت الأبحاث السابقة حول المقاتلين الأجانب اليمينيين المتطرفين إلى أن بعضهم "مدمنو حرب" ومغامرون أو انضموا لأنهم سعوا لتغيير مهنتهم كمقاتلين أو بالأحرى مرتزقةفي بلد جديد.

لكن من الواضح أن الصراع قد خلق فرصة للمتطرفين لتجنيد مقاتلين أجانب متعصبين للبيض الذين يسعون إلى التدريب والشبكات أو يسعون إلى تكثيف مشاركتهم في القضية بطرق أخرى ورد قادة الميليشيات اليمينية المتطرفة في أوروبا على الغزو الروسي لأوكرانيا من خلال جمع الأموال عبر الإنترنت، وتجنيد المقاتلين والتخطيط للسفر إلى الخطوط الأمامية، وهي الأنشطة التي وصفتها مجموعة سايت إنتلجنس جروب بأنها "تدفق من الدعم لأوكرانيا" من قبل الجماعات القومية البيضاء والنازية الجديدة في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية.

خطر التطرف ليس مستبعدا
هناك أيضًا مخاطر أن يصبح المقاتلون متطرفين بمجرد وجودهم في الخارج والعودة إلى بلدانهم الأصلية بتدريب عسكري إضافي ومهارات قتالية وتكتيكية ويوجد بالفعل تاريخ موثق لما يحدث في أوكرانيا، بطرق وُصفت بأنها محاولة إنشاء "مركز في شبكة التطرف عبر الوطنية للمتطرفين البيض".

نظرية المؤامرة
لكن اليمين المتطرف العالمي ليس له موقف موحد بأي حال من الأحوال لدعم أوكرانيا ضد روسيا، ويعجب الكثير من اليمين المتطرف الأمريكي بمواقف بوتين المناهضة للغرب والنسوية والمناهضة لمجتمع الميم، ولاحظ فريق بحثي في مختبر الاستقطاب والتطرف والابتكار التابع للجامعة الأمريكية في قنوات المتطرفين البيض على موقع تليجرام ارتفاع مشاركة نظريات المؤامرة المعادية للسامية حول ما يسمى بـ "مؤامرة يهودية" ضد روسيا أو "حرب يهودية" تضع البيض في مواجهة البيض، ويولي مسؤولو مكافحة الإرهاب اهتمامًا للمخاطر المتزايدة التي يشكلها المتطوعون من جميع أنحاء العالم وهم يشقون طريقهم إلى أوكرانيا.

وبعد سفر ما لا يقل عن ستة من النازيين الجدد المعروفين إلى أوكرانيا من الولايات المتحدة وأوروبا في أوائل فبراير، قدمت سلطات مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة استجوابًا إضافيًا حول الغرض من السفر لأي شخص يغادر المملكة المتحدة إلى أوكرانيا مثل هذه الفحوصات مطلوبة أيضًا في مواقع المغادرة الدولية الأخرى.

شهد العالم دعمًا غير مسبوق لأوكرانيا خلال الأسبوع الماضي، بما في ذلك بعض الدعم السياسي للمتطوعين العالميين قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، واصفة الحرب بأنها "معركة من أجل الديمقراطية"، إنها تدعم المقاتلين الأجانب الذين اختاروا الذهاب إلى أوكرانيا من المملكة المتحدة، وصوت البرلمان في لاتفيا بالإجماع في 28 فبراير للسماح لللاتفيين بالقتال في أوكرانيا.

من الواضح أن هؤلاء المقاتلين الأجانب يواجهون مخاطر جسيمة على سلامتهم الشخصية، مما دفع بعض الدول إلى إصدار تحذيرات ضد السفر وفي إشارة إلى الأوكرانيين، قالت نائبة السكرتير الصحفي للبيت الأبيض كارين جان بيير: "نعم، إننا نشيد بشجاعتهم. ومع ذلك، تظل إرشادات السفر الخاصة بنا على المواطنين الأمريكيين عدم السفر إلى أوكرانيا".

ولكن بينما تتدافع الدول والمواطنون في جميع أنحاء العالم للتدخل واستعادة السلام في أوكرانيا، يجب أن نتذكر أن مخاطر مشاركة المقاتلين الأجانب لا تتعلق فقط بسلامة هؤلاء الأفراد ويثير الصراع في أوكرانيا أيضًا مخاطر جسيمة للتجنيد والتطرف والتعبئة في الحركات المتطرفة العنيفة المتعصبة للبيض بطرق قد تمتد إلى الخارج لفترة طويلة بعد حل هذا الصراع المروع.

التجنيد والتحريض على العنف في زمن السوشيال ميديا
تقول روسكومنادزور، وهي وكالة مراقبة وسائل الإعلام الحكومية الروسية، إنه تم حظر موقع إنستجرام في البلاد بسبب "دعوات للعنف" ضد الجنود الروس، وردت شركة ميتا، مالكة إنستجرام، إنها ستسمح لمستخدميها في بعض البلدان بالدعوة إلى العنف ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والجنود الروس وسيسمح مؤقتًا ببعض المنشورات العنيفة مثل "الموت للغزاة الروس" التي عادة ما تنتهك قواعد تطبيقات فيسبوك وإنستا ولكنها لن تسمح بالدعوات إلى العنف ضد المدنيين الروس وردًا على التحول في سياسة الشركة، دعت روسيا الولايات المتحدة إلى وقف "الأنشطة المتطرفة" لعملاق وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا مكتب المدعي العام الروسي إلى فتح تحقيق جنائي ضد ميتا، مستشهدا بقوانين الدعاية والتطرف الروسية وقال مكتب المدعي العام إنه طلب من وكالة الرقابة على وسائل الإعلام الحكومية روسكومنادزور تقييد الوصول إلى إنستجرام بسبب "توزيع مواد إعلامية تحتوي على دعوات للقيام بأعمال عنف ضد الروس، بمن فيهم الجنود".

درس أفغانستان المهم
وحذر تقرير لموقع وورلد بوليتكس ريفيو من أن أوكرانيا من الممكن أن تتحول بسهولة أوكرانيا يمكن أن تتحول إلى حاضنة لليمينيين من كافة أنحاء العالم في وضع يشبه أفغانستان في نقطة ما من تاريخها حيث شهدت ازدهار المتشددين القادمين من حول العالم، ففي الثمانينيات، تحولت أفغانستان إلى مرتع خصب للمتشددين والمقاتلون الأجانب، للكفاح المسلح ضد الشيوعيين.

ذهبت عدة مليارات من الدولارات من المساعدات العسكرية السرية الأمريكية لتدريب وتسليح مقاتلي حرب العصابات، بما في ذلك صواريخ ستينجر المضادة للطائرات، والتي أعاقت القوة الجوية السوفيتية إلى حد كبير، ولكنما لم تكن حكومة الولايات المتحدة تحسب حسابه في ذلك الوقت هو كيف أن هزيمة السوفييت في أفغانستان ستستمر في تحفيز المتطرفين وإرساء الأسس لهجمات إرهابية مستقبلية استهدفت الغرب.