الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

معهد الشرق الأوسط: تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية الاقتصادية على مصر تطورت بشكل سريع

الرئيس نيوز


بعد أسبوع من غزو روسيا لأوكرانيا، تطورت التداعيات الاقتصادية والسياسية بالنسبة مصر بشكل أسرع وأشمل مما كان يتمناه صناع السياسة، وذكر تقرير لمعهد الشرق الأوسط، في واشنطن، أنه يتعين على مصر التعامل مع التداعيات على عدد من الجبهات، بما في ذلك المخاوف بشأن واردات القمح بالغة الأهمية (حوالي 80٪ منها تأتي من روسيا وأوكرانيا)، وضربات أخرى لقطاع السياحة المتضرر بشدة بالفعل، ونضوب الاحتياطيات الأجنبية، ومناورات عديدة يجب على القاهرة التعامل معها من أجل تحقيق التوازن بين علاقاتها بروسيا من ناحية، وعلاقاتها بالعواصم الغربية من ناحية أخرى.

القمح
يحظى القمح بأكبر قدر من اهتمام وسائل الإعلام، باعتبار مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، من بين 20 مليون طن من المتوقع أن يستهلكها السكان هذا العام (2021/202)، يتم استيراد حوالي 13.2 مليون طن، وحوالي 80 ٪ من ذلك سيأتي عادة من روسيا وأوكرانيا (حوالي 50 ٪ و 30 ٪ على التوالي)، وفي الواقع، كانت مصر تعمل بهدوء على تنويع مصادر القمح الخاصة بها لمعظم العام الماضي، من كل من المصادر الأوروبية والمصادر الأقرب إلى الوطن، في القارة، وقبل الغزو مباشرة، اشترت مصر حوالي 180 ألف طن من القمح الروماني للتحوط من الأزمة وذكرت تقارير الصحف الغربية أن السفينة المصرية وادي العرب تحمل قمحًا أوكرانيًا غادرت ميناء يوجني في 26 فبراير متجهة إلى الإسكندرية ومع ذلك، تشتري مصر القمح في المناقصات، وتراجعت عطاءات القمح التاليتان خلال الأسبوع الذي تلا الغزو، حيث كان القمح الوحيد المتاح هو القمح الفرنسي والأمريكي الذي تم بيعه بما يقرب من ضعف ما خصصته الحكومة المصرية في الموازنة العامة،  وحتى الآن، هناك مخاوف من أن فاتورة دعم الخبز لهذا العام، والتي تبلغ بالفعل 3.2 مليار دولار، قد ترتفع بأكثر من 760 مليون دولار.

وتفاقم الوضع بسبب الارتفاع الأوسع في أسعار الغذاء العالمية، التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 10 سنوات، مع تصدّر أسعار القمح القائمة، بارتفاع 33.1٪، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، ويصف التقرير الاضطراب الحالي في وضف الوضع الراهن، فالبعض يقول إنه مريع والبعض يعتبره يشكل أزمة وجودية وهناك فريق ثالثا يؤكد: "لا داعي للقلق"، اعتمادًا على من يروي القصة والواقع أنه على الرغم من أنها قد لا تكون أزمة فورية في الوقت الحالي، فقد قال المتحدث باسم مجلس الوزراء نادر سعد إنه بين الواردات والإنتاج المحلي، تمتلك مصر من القمح ما يكفي لما يقرب من تسعة أشهر.

تستهلك مصر هذه الكميات الهائلة من القمح لأنها تستهلك كميات كبيرة من الخبز وأدت تدابير التقشف التي تم اتخاذها خلال برنامج الإصلاح على خلفية قرض صندوق النقد الدولي لعام 2016 إلى خفض الدعم عن معظم المنتجات، ولكن ليس الخبز، لأنه من السلع بالغة الحساسية بشكل خاص للمصريين؛ وبدعم كبير، فإنه يوفر شريان الحياة لما يقدر بنحو 29.7 ٪ من السكان وكانت آخر مرة حاولت فيها حكومة مصرية تحريك دعم الخبز عام 1977، في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وفي الآونة الأخيرة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إنه يجب تقليص الدعم، مما يقلل من عدد الأشخاص لكل أسرة الذين يتلقون التموين على البطاقات التموينية وعدم السماح لأي متقدمين جدد بالانضمام لمنظومة الدعم، بينما من المتوقع صدور قرار نهائي في نهاية شهر مارس، كانت هناك شائعات بأن نظام البطاقات قد يتم استبداله بالبدل النقدي، على الرغم من مخاوف الحكومة بشأن التضخم، فهذا ليس مؤكدًا بأي حال من الأحوال.


السياحة على المحك
تؤثر الأزمة الأوكرانية أيضًا على قطاع السياحة الذي يعاني منذ سنوات في مصر، والذي تضرر بالفعل بشدة من الوباء وكان الروس يشكلون في السابق جزءًا كبيرًا من زوار مصر حتى عام 2015 واستؤنفت الرحلات الجوية في عام 2021 وكانت الحكومة تأمل في أن يؤدي عدد السياح الروس المتوقع الذين يتراوح عددهم بين 300 ألف و 400 ألف سائح شهريًا إلى انخفاض كبير في عجز القطاع، ولكن بدلاً من ذلك، يتعين على قطاع السياحة التعامل مع تكلفة أخرى غير متوقعة وطلبت وزارة السياحة من الفنادق استضافة أكثر من 16000 أوكراني تقطعت بهم السبل في مصر، مجانًا، حتى يتمكنوا من السفر إلى بلدهم أو بلد مجاور، وفي حين أنها لفتة كريمة من الحكومة، إلا أنها ستكلف الفنادق ما بين 50 إلى 100 ألف جنيه بينما يبدو أنه من المتوقع أن يستمر الوضع حتى 3 مارس فقط، إلا أنه لا يزال يمثل ضربة قاسية لصناعة تكافح من أجل النهوض من كبوتها.

سندات الخزانة
كما أن قطاع السياحة ليس هو الوحيد الذي يتكبد خسائر، ذكرت وكالة رويترز مؤخرًا أن صافي الأصول الأجنبية لمصر، الذي هو بالفعل عند أدنى مستوياتها منذ أبريل 2017، يتعرض لتأثيرات سلبية، وكانت مصر تعمل جاهدة بالفعل على زيادة الطلب على أذون الخزانة، لإصلاح عجز الميزانية ودعم الحسابات الجارية، وكانت ترى أن جهودها معقدة بسبب أنباء عن رفع وشيك لسعر الفائدة على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جعلت الأزمة في أوكرانيا المستثمرين حذرين من الأسواق الناشئة.