الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

انهيار أرضي يعود تاريخه لأكثر من 500 عام في البحر الأحمر ينذر بكارثة في شرم الشيخ

الرئيس نيوز

أكدت مجلة ساينس أليرت أن البحر الأحمر لا يزال يخفي قوى جيولوجية هائلة من الممكن أن تعرض المجتمعات على ساحل مصر والمملكة العربية السعودية للخطر، وسلطت الضوء على لحظات جديرة بالتوثيق عاشها عالم الجيولوجيا البحرية من جامعة ميامي سام بيركيس بينما حبس أنفاسه وهو يحدق من نافذة غواصة بعمق 900 متر (3000 قدم) في مضيق تيران، فهناك، في ضوء مصباح الغواصة، ظهرت بوضوح فجوة بعرض ثلاثة أمتار وطول ثمانية أمتار (أي 10 × 26 قدمًا).

و"على الفور"، يعلق بيركيس: "أدركت أن ما كنا نبحث عنه كان نتيجة لبعض القوة الجيولوجية، التي أحدثت تصدعًا بالقشرة الأرضية عند قاع البحر"، وكشفت المزيد من الأبحاث أن هذا كان نتيجة لانهيار أرضي تحت سطح البحر، والذي تسبب على الأرجح في حدوث أمواج بارتفاع 10 أمتار ضربت الساحل المصري منذ ما يقرب من 500 عام.
تجنب وقوع كارثة في المستقبل
واليوم، لا تزال تلك البقعة من الأراضي المصرية تتأرجح على الحافة، وإذا انزلقت طبقات الأرض السطحية، تشير النماذج فقد يؤدي الأمر لحدوث تسونامي ثانٍ يبلغ ضعف حجم سابقه، أي بارتفاع المياه لنحو 20 مترًا، وحتى عندما تحدث الزلازل في المنطقة ، فإنها نادراً ما تولد أمواج تسونامي بهذا الحجم، وأوضح بيركيس أن "اهتزاز بسيط في المكان الخطأ يمكن أن يتسبب في انزلاق الطبقات السطحية، وانهيار الجدار عند قاع البحر بالكامل، مما يؤدي إلى حدوث تسونامي أكبر بكثير مما حدث قبل 500 عام".

وأضاف: "تلك المنطقة من مصر، وكذلك المملكة العربية السعودية، التي تشهد حركة العمران والتحضر السريع للغاية، بها بعض المخاطر التي لم يتم التعرف عليها مسبقًا، ولكن يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار  من أجل تجنب وقوع كارثة في المستقبل".

ونشرت المجلة العلمية خريطة لمكان حدوث الانهيار الأرضي القديم، والخريطة من إعداد علماء جامعة ميامي الأمريكية، وتوضح الخريطة أن ما يتحدث عنه العلماء هو عبارة عن صدع بحري في أعماق البحر الأحمر، مما يعني أن طبقتين من القاع تتباعد عن بعضها البعض حيث تتحول الصفحتان التكتونيتان المتاخمتان لهما تدريجياً مما يجعل المنطقة معرضة بشدة للزلازل، ولكن اكتشاف الانهيار الأرضي تحت سطح البحر يشير إلى وجود قوى أخرى تؤدي إلى تسونامي والتي كان بعض العلماء يتجاهلونها في السابق.

 حالات انهيار المنحدرات على طول أجزاء من ساحل البحر الأحمر خطيرة
قد تكون حالات انهيار المنحدرات على طول أجزاء من ساحل البحر الأحمر خطيرة بشكل خاص في المضائق أو الممرات الضيقة الأخرى، حيث يمكن للموجة أن تصل بسرعة إلى اليابسة دون سابق إنذار وفي مضيق تيران، على سبيل المثال، يقول فريق البحث الجيولوجي الذي نفذ الدراسة إن تسونامي بارتفاع 20 مترًا يمكن أن "يهدد بشكل خطير الخط الساحلي السريع التحضر" لمصر والمملكة العربية السعودية. ووفقًا للنماذج المستخدمة في الدراسة، تقع بلدة مصرية في مسار الموج مباشرة.

تم تمويل رحلة البحث التي اكتشفت هذا الانهيار الأرضي وفريق الغواصة من قبل شركة تعمل على تطوير الساحل السعودي، وتبين أن تقييم المخاطر كان فكرة جيدة على الرغم من الانزلاق لمسافة 30 مترًا فقط (100 قدم)، تسبب الانهيار الأرضي الذي حدث قبل 500 عام في وصول موجات قوية إلى الشاطئ في دقائق معدودة.

فإذا انزلقت الأرض بمقدار 50 مترًا أو أكثر  في وقت ما في المستقبل، تظهر النماذج أن التأثيرات الأولى ستشعر بها مدينة شرم الشيخ المصرية، التي تقع قليلاً إلى الجنوب الغربي في غضون دقيقة وثلاثين ثانية، يمكن أن تصل الأمواج على الشاطئ إلى ارتفاع 21 مترًا.

وإذا انزلقت الأرض لمسافة 100 متر أخرى، يمكن أن تمتد الأمواج التي قد تضرب شرم الشيخ لارتفاع 35 مترًا. في أقصى الشمال قليلاً، في خليج موسى، يمكن أن تصل الأمواج فعليًا إلى 45 مترًا ، لتصل إلى الساحل في أقل من ثلاث دقائق وبعد دقائق قليلة من ذلك، سيتأثر الساحل السعودي على الجانب الآخر من المضيق، وإن كان ذلك بموجات أصغر قليلاً وفي أسوأ السيناريوهات، يعتقد الباحثون أن ارتفاع الأمواج قد يصل إلى 15 مترًا.
السجلات التاريخية أخطأت في تقدير الانهيار الأرضي
 وكتب فريق الدراسة: "اللافت في جميع عمليات المحاكاة هو كيف يقيد قياس أعماق المضيق تسونامي ويوجهه، وتسمح المياه الواسعة والعميقة في الشمال لجبهة الموجة بالتقدم دون عوائق حتى خليج العقبة وإلى الجنوب، تقيد المضائق الضيقة والضحلة دخول الأمواج إلى البحر الأحمر".

ليس من المستغرب أن السجلات التاريخية أخطأت بطريقة ما تقدير الانهيار الأرضي تحت سطح البحر الذي تسبب في حدوث تسونامي قبل 500 عام، ولكن الساحل حيث تقع شرم الشيخ الآن كان مجرد قاعدة عرضية للصيادين في ذلك الوقت، مما يعني أن قلة من الناس ربما شاهدوا الأمواج.

واليوم، الواقع مختلف جدا وهذا هو سبب أهمية دراسات الغواصات من هذا النوع ؛ يمكن أن تكشف عن نقاط الضعف في البنية التحتية الساحلية التي يمكن أن تعرض المجتمعات للخطر وعلى سبيل المثال، المنحدرات البحرية قبالة شرم الشيخ شديدة الانحدار فإذا انزلقت هذه الجدران أيضًا إلى العمق، فقد يؤدي ذلك إلى موجة من الأمواج التي يمكن أن تصل بسهولة إلى الساحل السعودي.

إن القدرة على التنبؤ بموعد حدوث موجات المد العاتية (تسونامي) يمكن أن تنقذ الأرواح والبنية التحتية ويرى الباحثون أنه يجب مراقبة الانهيارات الأرضية تحت سطح البحر في البحر الأحمر مثل الزلازل في المستقبل ونُشرت الدراسة في رسائل البحوث الجيوفيزيائية.