السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

انتهى عصر السلة الواحدة.. سياسة "التنويع" تسمح لمصر ألا تكون رهينة للضغوط الأمريكية

الرئيس نيوز

تعمل القاهرة على تنويع علاقاتها من خلال تقوية العلاقات مع أوروبا وروسيا وكذلك حلفائها في الخليج العربي مع الحرص على عدم خسارة علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ولكن مجلة بوليتيكو الأمريكية ترجح أن عصر السلة الواحدة بات جزءًا من الماضي وأن مصر لن تضع كل علاقاتها رهينة بالضغوط الأمريكية وبدأت مصر، أمس الأول الاثنين، مناورات جوية وبحرية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط مع فرنسا، أحد أكبر موردي الأسلحة لها.
مناورات عسكرية مصرية_فرنسية
وقد أجرى البلدان بالفعل عدة مناورات بحرية في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط شاركت فيها فرقاطات مصرية وفرنسية وفي العام الماضي، وقعت مصر صفقة مع شركة داسو للطيران الفرنسية لشراء 30 طائرة مقاتلة من طراز رافال، وأضافت صحيفة ويكلي ويكلي الأمريكية أن المناورات المصرية الفرنسية تشير إلى تعميق العلاقات مع فرنسا بين العديد من الدول الأوروبية الأخرى التي لها تداعيات ونتائج بعيدة المدى، ويعتقد ماجد مندور، المحلل السياسي وكاتب عمود بموقع "أوبن ديمكراسي" أن "التحالف المتنامي بين القاهرة وباريس يؤدي إلى تنسيق كبير في السياسة الخارجية وتداعيات سياسية واقتصادية في كل من مصر وفرنسا".
اقتطاع 130 مليون دولار من المساعدات الأمريكية لمصر 
في صفقاتها الإقليمية والدولية، تبقي حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي نصب أعينها العلاقة الحاسمة والمتذبذبة مع واشنطن وأعلنت إدارة جو بايدن في نهاية يناير قطع 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وسرعان ما نقلت المواقع المهتمة بالشأن العسكري أنباء عن موافقات للبنتاجون بشأن تحديث قدرات مصر في مجال حراسة وتأمين الحدود، ليبدو للمراقبين أن سياسة واشنطن تجاه القاهرة تتقدم خطوات وتتأخر خطوات أخرى.
وعندما زار الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، القاهرة في وقت سابق من هذا الشهر، أكد أن التخفيضات لا تمثل جزءًا كبيرًا من 1.3 مليار دولار خصصتها الولايات المتحدة لمصر، "مقارنة بمبلغ الأموال الأخرى المخصصة، فإنه مبلغ صغير جدًا"، وفقًا لتصريحات ماكنزي، ولكن القاهرة تعتقد أنه من المفترض أن يكون إشارة لتوجهات إدارة بايدن تجاه العلاقات الأمريكية المصرية.
وتظل المساعدة العسكرية التي تقدمها واشنطن للقاهرة أحد أكبر برامجها في العالم وهذا على الرغم من كل التقلبات التي عانتها مصر في عهد السيسي من قبل أعضاء الكونجرس والمنظمات غير الحكومية في واشنطن في ظل إدارة ديمقراطية تحرص على إرضاء الإعلام النيوليبرالي الذي يتعمكد تضخيم أوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية ويضعهما في مقدمة اعتباراتها عند تحديد مسار علاقاتها مع كافة دول الشرق الأوسط. .
لكن مصر التي تتوخى الحذر كانت حذرة بدرجة أكبر من وضع كل بيضها في نفس السلة، لذا فإنها تنوع علاقاتها من خلال اللجوء إلى أوروبا وروسيا وكذلك حلفائها في الخليج العربي مع الحرص على عدم تنفير الولايات المتحدة.
ارتفاع الواردات المصرية من الأسلحة الأوربية والروسية 
ارتفعت واردات مصر من الأسلحة من روسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفقًا لبيانات من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، على الرغم من أن أي عملية شراء أسلحة كبيرة من روسيا قد تؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية بموجب قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات، المعروف باسم CAATSA.
الدور الاستراتيجى لمصر إقليميا فى المنطقة 
وأقنعت تحركات مصر السريعة في المنطقة، كما يتضح من وساطتها في غزة بين حماس وإسرائيل، البيت الأبيض وأعضاء الإدارة الأمريكية بالدور الاستراتيجي الذي لا يزال بإمكان القاهرة أن تلعبه في دعم سياسات واشنطن في الشرق الأوسط، ولكن سعي السيسي لإقامة علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية أقوى مع الحلفاء العرب أضعف مع ذلك نفوذ الولايات المتحدة في عملية صنع القرار في مصر.
لم يقتصر تنوع التحالفات على دول الخليج والسعودية والإمارات على وجه الخصوص، بل امتد إلى العديد من الدول الأخرى، فقد استثمرت القاهرة قدرًا كبيرًا من الدبلوماسية للتأكد من أن صفقات الأسلحة وحزم المساعدات المالية لم تكن مصحوبة بشروط كثيرة مرتبطة بها ولم تسبب ضغوطًا أمريكية إضافية.
سياسة خارجية حذرة 
طوال الوقت، اتبعت مصر سياسة حذرة في متابعة مصالحها على نحو يؤكد أن الانحياز إلى جانب واحد لا يضمن نتائج إيجابية على طول الخط، ورصدت مجلة بوليتيكو وعياً سياسياً كبيرًا لدى القاهرة بأن الأزمات بين القوى الكبرى ستنتهي عاجلاً أم آجلاً وأن آثارها لا تزعج العلاقات إلا مع من انحازوا إلى جانب هذه القوى أو تلك أثناء الأزمات.
إن طبيعة العلاقات الدولية تقوم على المصالح الاقتصادية ونقل التكنولوجيا والاستثمارات المشتركة وصفقات السلاح، وهذه الاعتبارات تطغى على الأيديولوجيات السياسية التي تتماشى مع النهج المصري وبناء المصالح على أساس الأرضية المشتركة مع الآخرين كما تتفادي القاهرة الخوض في القضايا الخلافية التي قد تؤدي إلى توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا أو الدول الأوروبية، ما يمنحها قدرة أكبر على تحقيق التوازن بين تلك العلاقات.

صفقات سلاح توثق العلاقات مع الدول الأوربية 
 استخدمت القاهرة صفقات السلاح لبناء علاقات أوثق مع الدول الأوروبية، وخاصة مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا، بشكل غير مباشر وبدورها تمارس فرنسا وألمانيا وإيطاليا ضغوطًا غير مباشرة على الولايات المتحدة للحفاظ على علاقات تعاون عسكري "قوية" مع مصر تتضمن عقودًا مربحة ضخمة، ومؤخرًا استثمرت القاهرة الإنفاق الكبير على مشاريع البنية التحتية لبناء تحالفات أوثق مع أوروبا، وبالفعل وقعت القاهرة اتفاقية مع شركة سيمنز الألمانية ومذكرة تفاهم لبناء قطار فائق السرعة بقيمة 23 مليار دولار.
قطاع الغاز 
وفي قطاع النفط والغاز، استثمرت شركة إيني الإيطالية في مصر ما مجموعه 13 مليار دولار بين عامي 2015 و2019، وشملت الصفقات الجديدة التي تم الإعلان عنها مؤخرًا مشاركة شركات أمريكية، ووفقًا لصحيفة آراب ويكلي، يعتقد خبراء الشؤون الدولية في القاهرة أنه من المرجح أن تستمر مصر في مواجهة انتقادات من كل من الولايات المتحدة وأوروبا بسبب مزاعم تتعلق بحقوق الإنسان ولكن صناع القرار المصريين يعتقدون أن سياسة التنويع في البلاد ستسمح لها بالحفاظ على الضغوط المتعلقة بالحقوق عند مستوى يمكن إدارته. مع تنوع الشركاء يأتي أيضًا تنوع في جداول أعمال التعاون على أساس المصالح المشتركة مع دول المنطقة والعالم.