الإثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق 13 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"بلاش تبوسني".. متى سيطرت "السينما النظيفة" على الساحة الفنية؟

الرئيس نيوز

لا تزال أزمة الهجوم على الفنانات وانتقادهم بسبب أدوارهن في الأعمال السينمائية التي قدمنها مؤخرا، تفرض نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يعيد إلى الأذهان مصطلح "السينما النظيفة" الذي ظهر في أواخر السبعينات، ثم فرض نفسه على السينما بشكل كبير في التسعينات.

حول مصطلح "السينما النظيفة" وغياب مشاهد القبلات والأحضان، واقتصار السينما على الأكشن والكوميديا، أجرى "الرئيس نيوز" لقائات مع بعض صناع السينما والنقاد والفنانات اللاتي تعرضن لهجوم بسبب أدوارهم.

نبيلة عبيد: إهانة الفن والفنانين مرفوضة وجمهور السينما تغير كثيرا

في البداية تقول النجمة نبيلة عبيد حول غياب سينما القبلات والأحضان، أرى أن جمهور السينما هو الذى تغير كثيرا في السنوات الأخيرة، ولم يعد هو نفس الجمهور الذي كان يتابع أعمالنا وأعمال سابقينا، ورواد السينما الذين يدخلونها اليوم مختلفون عن رواد السينما الذين كانوا يدخلونها سابقا.

وتضيف نبيلة عبيد : " الهجوم على الفن وأهله أمر مرفوض بالمرة، والفنانات يقمن بأداء أدوارهن حسبما تتطلب شخصية العمل وسيناريو الأحداث، وأغلب القبلات فى السينما ليست حقيقية، وتقوم على الخدع، وهناك ما يقرب من خمسين عاملا من فنيين ومصورين ومهندسى صوت وإضاءة يحضرون تصوير المشاهد كاملة، فكيف يكون هناك ما يدعى للسباب والقذف"

وقالت : "أتعجب من توجيه الشتائم للفنانين وانتقادهم على أداء أدوارهم، ودائما أدعم الأجيال الجديدة من الفنانات في أزماتهم مع السوشيال ميديا وروادها بسبب الأدوار التي يقدموها في السينما، برغم أن السينما تغيرت كثيرا واصبحت أكثر انغلاق ولا تحتوي على موضوعات جريئة أو مشاهد بها حرية أكبر".

ماجدة خيرالله : ردة سينمائية بدأت في السبعينات.. ولا يصح وصف فنانة بأنها "شمال" بسبب دور في فيلم

وتقول الناقدة السينمائية ماجدة خيرالله إن الهجمة أو الردة التي قيل عنها أنها دينية، وهي في الأصل وهابية، بدأت من منتصف السبعينات، واستمرت إلى أن وصلنا لهذا الحال السينمائي، وللأسف اصبحت هي الثقافة الغالبة للجمهور والمجتمع، بالإضافة إلى غياب الموسيقى وجميع الفنون عن المدارس المصرية، وتم وقف المنافسات الفنية بين المدارس، والتي كانت تسهم في خروج أجيال جديدة من الموهوبين.

واشارت أن الكثير من نجومنا الكبار لم يدخلوا معهد سينما، وأبرزهم عادل إمام وسمير غانم وصلاح السعدني وغيرهم، ولكن كانت روحهم متعلقة بالفن والتمثيل من طفولتهم، مشيرة أنه يجب أن نتغلب على هذه الأفكار الوهابية من خلال التنشئة وتعليم الأطفال للفنون منذ الصغر.

وقالت :"لك أن تتخيل أن الكثيرين عندما يشاهدوا فنان يقدم دور تاجر مخدرات أو قاتل يعتقدون أنها حقيقته"، وهناك أزمة أخرى كبيرة جدا وهي أن أي فنانة تقدم شخصية عاهرة يعتقدون أنها حقيقتها، ويتعامل معها الجميع وكأنها (شمال)، وقالت أن الأفكار التي انتشرت في المجتمع بسبب ترك الساحة للسلفيين والإخوان شوهت أفكار الشباب.

وأضافت أن الجمهور زمان كان عاشق للفن، والدليل عشقهم وحبيهم للنجمة فاتن حمامة ووصفها بالملاك، برغم تقديمها أعمال كثيرة بها مشاهد ساخنة وقبلات وأحضان، ولم يصفها أحد حينها بألفاظ بذيئة أو يهاجمها كما يحدث الأن من بعض الفنانات، وقالت :"فاتن حمامة قدمت أدوارا متحفظة في اطار السينما والموضوع المقدم، كما قدمت أعمالا أخرى بها حريات واستقلالية وجرأة بما يتناسب مع الشخصية لتي تقدمها".

وقالت : "عندما قدمت منى زكي دورا مختلفا عن أدوارها أو به جراة أكبر كان رد فعل الجمهور صعب وقاسي جدا، حتى أن البعض كان يقول جملة (انا كنت فاكرة مؤدبة)، للأسف أصبح المجتمع يربط علقته بالفنان بناء على الصورة الذهنية المأخوذة من أعماله، وهذا أمر في غاية الخطورة".

سلوى خطاب : المخرجين يستعينوا بالأجانب لتقديم هذه المشاهد 

فيما قالت الفنانة سلوى خطاب أن السينما انحدرت منذ توقف بها مشاهد القبلات، واضافت أن مؤخرا كان المخرجين والمنتجين يستعينوا بفنانات أجانب من أجل مشاهد القبلات والأحضان، خوفا من أن تقدمها فنانة مصرية فتتعرض لانتقادات وهجوم، وتضيف :"كثير من النجمات الحاليين يخشون تقديم هذه المشاهد خوفا من المجتمع والسوشيال ميديا التي اصبحت رقيبا على الجميع بدون وجه حق".

أيمن عبدالرحمن: تقييم السينما بمعايير أخلاقية ودينية ساهم في انحدارها

ويقول المخرج والناقد أيمن عبدالرحمن في تصريحات خاصة لـ"الرئيس نيوز"، أن مشاهد القبلات والأحضان موجودة في السينما المصرية، ولكنها غابت منذ فترة وتحديدا كان أخرها فيلم "بوبوس" الذي قام ببطولته عادل إمام ويسرا، أما الجيل الحالي من الفنانين والفنانات فيميلوا لتقديم سينما محافقظة تجنبهم الصدام مع المجتمع والجمهور الذي تغيرت أفكاره منذ سنوات طويلة، وقال :" طالما اعتمدنا على تقييم السينما بمعايير دينية وأخلاقية فلن ترتقي وستذهب للانحدار خطوة خطوة وهو حالها الحالي".

وأضاف عبدالرحمن أنه مع توغل حركات الاسلام السياسى فى الشارع المصري في عهد السادات، بدأت تزيد تدريجيا هذه الأفكار التي ادت لانهيار السينما لسنوات طويلة، قبل أن يعيد بريقها فيلم "إسماعيليه رايح جاي"، وهو الفيلم الكوميدي الذي جعل الجميع يتجه لنفس السياق السينمائي، ويهرب من السينما العميقة إلى سينما الضحك، التي تناسب كل أفراد الأسرة بداية من الاطفال.

واشار أن هذه التجربة أثبتت نجاحها لسنوات وحققت عوائد كبيرة وضخمة، ولكنها اضرت بمستوى السينما وصناعتها، لأن أبطالها وصناعها أصروا على تقديم سينما منزوعة القبلات والأحضان والمشاعر، مشيرا أن توقف جيل كامل من النجوم السينمائيين فجأة مثل عادل إمام وأحمد زكي ووغيرهم من نجوم ونجمات السينما، أدى لأن تفرض الرؤية الجديدة نفسها على الساحة السينمائية.

وقال أن الانحدار السياسي الذي عاشه المجتمع المصري في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، جعل الاخوان والسلفيين يفرضوا نفسهم وأفكارهم في الشارع وحتى داخل الأوساط الفنية، مؤكدا أن نظام مبارك أراد ابعاد هؤلاء عن السياسة، فقرر أن يترك لهم المساحة في فرض الأخلاق على المجتمع من خلال تواجدهم في البرلمان ومجلس الشورى، وقال : (نظام مبارك كان يترك لهم منطقة الأخلاق حتى يتركوا له منطقة السياسة).

وأضاف أنه كان هناك أفلام ضد هذا التيار يقدمها مثلا خالد يوسف ويوسف شاهين من قبله، ثم إيناس الدغيدي، ويشارك في بطولتها نجمات مثل إلهام شاهين ويسرا وغيرهم، ولكنها كانت أعمال محدودة جدا بالنسبة لحجم الانتاج، بل كانت هناك حملات تشويه وهجوم يتعرضون لها طوال الوقت بسبب هذه الأفلام، وقال :"في ظل الانغلاق السياسي وتردي الأحوال وتغير أفكار الفنانين أنفسهم وخوفهم من السوشيال ميديا، انحدر مستوى السينما بشكل كبير"، وقال أن جزء من المشكلة الأفكار التي انتشرت بين الاجيال الجديدة من الفنانين أنفسهم، وما يصفونه بالسينما النظيفة، الخالية من القبلات والأحضان والمشاعر الإنسانية الطبيعية.

ساندي: السينما المصرية زمان كانت أكثر انفتاحا وجرأة

الفنانة التونسية ساندي تعد أحد الفنانات اللاتي تعرضن لهجوم وانتقادات بسبب أدوارها الجريئة، وتقول ساندي في تصريح خاص لـ"الرئيس نيوز" أنه دائما ترفض مصطلح السينما النظيفة، مشيرة أن السينما لا يتم تقييمها بهذه المقاييس، ولكن تقيم بما تقدمه في المجمل، وقالت :"تعلمنا الفن من السينما المصرية القديمة ولم يكن هناك فنانات يفكرون بهذه الطريقة الحالية، بل كانت السينما أكثر انفتاحا وجرأة من الوقت الحالي، وكان دور الممثلة هو الالتزام بما يمليه عليها المخرج ليتناسب مع الشخصية أيا كانت، ولا نجد مثلا أن نجمات بحجم وموهبة نادية لطفي أو نبيلة عبيد أو غيرهم من الأجيال السابقة قد أعلنت رفضها لوجود قبلات أو أحضان في عمل تقدمه، بالعكس كانوا جميعا يؤمنون بالفن ويعملوا وفق رؤية المخرج للعمل".