أزمة أوكرانيا.. بوتين يرفع شعار "أخر الدواء الكي".. والغرب "عقوباتنا أقوى من الرصاص"
أحدثت القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن اعترافه بسلطة المنطقتين الانفصاليتين في دونباس شرق أوكرانيا، موجة كبيرة من التداعيات التي ستلقي بظلالها على المنطقة والعالم.
وبينما قال الرئيس الروسي إن الغرب سيفرض عقوبات على بلاده سواء تم حل الأزمة الأوكرانية أم لا، مما يعني أن موسكو تدرك أن الغرب، لن يقبل على المواجهة العسكرية وأن العقوبات هي سلاحه الوحيد.
كان مسؤولون أمريكان أكدوا خلال وقت سابق، أن البيت الأبيض بالتشاور مع حلفائه، وضعوا تصورًا للعقوبات شديد القسوة، من المؤكد أنه سيشل الاقتصاد الروسي، بينها فرض عقوبات على التحويلات البنكية والمصرفية، وفرض عقوبات على قطاع الطاقة، والتسليح. ورفضت أمريكا الكشف عن كامل ملف العقوبات حتى لا تتحسب لها روسيا.
شعار المرحلة
الباحث في الشؤون الدولية، علي رجب، يقول لـ"الرئيس نيوز": "أمريكا والناتو لن يغامرا بالدخول في مواجهة عسكرية مع روسيا، لكن سلاح العقوبات لا يمكن التقليل من شأنه، فالغرب بقيادة امريكا يرفع شعار عقوباتنا الاقتصاية أقوى من الرصاص، لكن السؤال الأبرز في الوقت الحالي ما مدى قدرة موسكو على تحمل فاتورة العقوبات، وهل الغرب عازم على التطبيق الحرفي لتلك العقوبات في ظل اعتماده الأساسي على الغاز الروسي؟".
لفت رجب إلى أن بوتين يدرك أن كارت الغاز هو أقوى الأسلحة التي في يديه لمنع الغرب من الإمعان في فرض العقوبات عليه، وأمريكا هي الأخرى تريد استغلال الموقف لصالحها في تعجيز الاقتصاد الروسي، وتقييد الاقتصاد الصيني المتداخل مع الاقتصاد الروسي في الكثير من الملفات، مما يعني ضرب عصفران بحجر واحد، كما تريد تقديم نفسها بوصفها البديل المناسب للطاقة في أوروبا بسبب امتلاكها احتياطيات هائلة من الغاز الأحفوري".
يتابع الباحث: "بوتين لم يقبل على تلك الخطوة في الوقت الحالي إلا بعدما أدرك أن الغرب سيماطل في إعطائه الضمانات الأمنية، فأراد تحريك الماء الراكد بهذا الاعتراف الذي ينقصه اعتراف مجلس الدوما ليصبح رسميًا"، يضيف: "ظني أن الرئيس الروسي يترقب ردود الفعل الغربية والأوكرانية، وفي حال كان رد فعل كييف عنيف وقررت اجتياح إقليمي دونيتسك ولوغانسيك سيقرر بوتين فعليًا الانخحراط في الحرب".
شدد رجب على أن اندلاع الحرب في أوكرانيا سيترتب عليها نتائج كارثية على المنطقة والعالم، خاصة فيما يتعلق بإمدادت الأقماح والغاز، لكن بوتين يرفع شعار أخر الدواء الكي، أي بعدما فشل في الحصول على الضمانات الأمنية لبلاده من الغرب، سيكون الاجتياح والغزو حاضران على قمة جدول أعماله.
تنديد دولي
نددت الولايات المتحدة وحلفاؤها بأعمال روسيا خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الاثنين، 21 فبراير، شاجبين اعتراف الرئيس فلاديمير بوتين بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وإعطاءه أوامر بنشر قوات هناك باعتبار ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وذريعةً للحرب.
سخرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد، من تأكيد بوتين أن مهمة القوات الروسية "حفظ السلام" في منطقتي دونيتسك ولوغانسك. وقالت، "إنه يدعوها قوات حفظ سلام. هذا هراء. نحن نعرف ما هي حقيقة هذه القوات".
أكد مندوب أوكرانيا سيرغي كيسليتسيا أن "الحدود الأوكرانية المعترف بها دولياً كانت، وستبقى، غير قابلة للتغيير، بصرف النظر عن أي بيانات أو أفعال من قبل روسيا الاتحادية".
أما السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، فأعرب عن انفتاح بلاده للتوصل إلى حل دبلوماسي، لكنه شدد على ضرورة الدفاع عن المناطق الانفصالية في وجه العدوان الأوكراني على حد وصفه. وقال، "نبقى منفتحين على الدبلوماسية"، مضيفاً، "ومع ذلك، فإن السماح بحمام دم جديد في دونباس شيء لا ننوي فعله".
أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وحفظ السلام، روزماري ديكارلو، عن "أسفها" لنشر جنود روس في الجمهوريتين الانفصاليتين. وقالت، "الساعات والأيام المقبلة ستكون حرجة"، مشيرةً إلى أن "هناك خطراً حقيقياً لنشوب نزاع كبير، ويجب منعه بأي ثمن".
دعوات خفض التصعيد
أما السفيرة البريطانية، باربرا وودوارد، فقالت إن المجلس يجب أن يكون متحداً في حضّ روسيا على "خفض التصعيد"، و"احترام التزاماتها". وأضافت، "لقد جرّتنا روسيا إلى حافة الهاوية. نحضّ روسيا على التراجع إلى الوراء".
رأى شاهد من وكالة "رويترز" طوابير طويلة من المعدات العسكرية، تشمل دبابات، في مدينة دونيتسك الانفصالية، بعد أن أمر بوتين وزارة الدفاع بإرسال قوات إلى المنطقتين "لحفظ السلام".
أثارت الخطوات الروسية تنديداً من الولايات المتحدة وأوروبا اللتين توعدتا بفرض عقوبات جديدة. وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرض عقوبات على موسكو، الثلاثاء، بعد أن فرضت بالفعل، الاثنين، عقوبات محدودة على المنطقتين الانفصاليتين في دونباس في شرق أوكرانيا.
فيما أكدت روسيا، الثلاثاء، أنها لا تزال مستعدة لعقد مفاوضات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي من المقرر أن يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف، الخميس.