الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الحكومة الليبية.. الخلفية العسكرية تحسم الصراع لصالح باشاغا على حساب الدبيبة

الرئيس نيوز




يحتدم الجدل السياسي في ليبيا وسط حالة من عدم اليقين تحيط بالصراع على رئاسة الوزراء بين وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، ورئيس الوزراء المؤقت عبد الحميد دبيبة.

ويجري الطيار السابق بسلاح الجو باشاغا، الذي عينه مجلس النواب الأسبوع الماضي رئيسا للوزراء، مشاورات لتشكيل حكومة مع مختلف الأحزاب والمناطق ومن المتوقع أن يقدم قائمته الوزارية إلى جلسة عامة لمجلس النواب تعقد في طبرق في غضون أقل من أسبوعين، ولكن الدبيبة يصر على البقاء في المنصب وتعهد فقط بتسليم مقاليد السلطة إلى سلطة منتخبة.

في الداخل، تختلف الآراء بين مؤيدي باشاغا، وهو سياسي ذو خلفية عسكرية في القوات الجوية، وبين مؤيدي الدبيبة وهو رجل أعمال ومهندس بنية تحتية وبالمثل، تختلف التوقعات بين أولئك الذين يرون علامات تراجع التصعيد وأولئك الذين يكتشفون المؤشرات المشؤومة لتصاعد التوترات الخطيرة وينحدر كل من باشاغا والدبيبة من مدينة مصراتة، على بعد 250 كم شرق العاصمة طرابلس.

وتستضيف مصراتة، المعروفة باسم عاصمة الأعمال في البلاد، العديد من مراكز صنع القرار السياسي والمالي في ليبيا، بالإضافة إلى العديد من الميليشيات والجماعات المسلحة في الغرب الليبي، وأظهر باشاغا مؤشرات على تطور منهجيته من الراديكالية السابقة إلى البراجماتية اليوم وعلى مدار العامين الماضيين، تواصل بالفعل مع العديد من القوى الإقليمية والدولية، وفي نوفمبر 2020، بينما كانت الأمم المتحدة تعقد منتدى الحوار السياسي في تونس، زار باشاغا باريس والقاهرة، كما غير رأيه بشأن موسكو داعياً إلى الحوار مع روسيا وبشكل عام، أرسل إشارات مطمئنة لجميع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين.


في 10 فبراير، بعد وصوله كرئيس وزراء مكلف إلى مطار معيتيقة في طرابلس من مدينة طبرق الشرقية، قال باشاغا إنه يعتزم التركيز على المصالحة بين شرائح المجتمع الليبية وترسيخ المشاركة الشاملة كأسلوب للحكومة وأضاف أن العلاقة مع العالم الخارجي ستكون على أساس الاحترام المتبادل والتنسيق المستمر على جميع المستويات.

في خطاب إلى الشعب الليبي، قال باشاغا إنه يأسف لعقلية لعبة محصلتها صفر التي سادت خلال السنوات العشر الماضية، مضيفًا أن الجميع "يدرك اليوم أننا كنا مخطئين في اعتقادنا أنه يمكن لأحدهم إلغاء الآخر، لا أحد يمكنه أن يمتلك الحقيقة كاملة، تكمن أهميتنا في تنوعنا ومصيرنا الواحد "، ورحب الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر بقرار البرلمان اختيار باشاغا لتشكيل حكومة جديدة.

ووفقًا لصحيفة آراب ويكلي، التي تصدر في لندن، بدا أن موقف قيادة الجيش الوطني الليبي يعكس اتفاقًا قائمًا بين المشير حفتر وباشاغا ومن خلال الاتصالات والمشاورات السابقة، اتفقا على عدد من القضايا الرئيسية ويقول الخبراء إن مثل هذه الاتفاقات بين حفتر وباشاغا من شأنها أن تمهد الطريق لتشكيل سلس للحكومة.

ويرى الخبراء أن مجرد فتح قنوات للتواصل والتشاور بين باشاغا وحفتر يمثل نقطة انطلاق إيجابية لحل القضايا العالقة، بما في ذلك توحيد القوات المسلحة وبالتالي، يمكن أن يكون باشاغا أول رئيس حكومة في طرابلس قادر على تنسيق المواقف مع مختلف اللاعبين الليبيين دون استثناء ويتمتع بدعم القوى النشطة على الأرض.

فشل الدبيبة في القيام بذلك، حيث أثار استعداء الجيش الوطني الليبي حتى لا ينفّر الميليشيات التي تدعمه وفضل أن يحكم كرجل أعمال ومستثمر عزز قبضته على السلطة بالموارد المالية لخزينة الدولة، وفتح الإجماع العام بين مجلس النواب ومجلس الدولة الاستشاري آفاقًا جديدة لإعادة تشكيل المشهد السياسي ويبدو أنه يعزز فرص باشاغا أمام منافسه.

في غضون ذلك، رفض رئيس الوزراء المؤقت الاعتراف بالتغييرات التي حدثت في البلاد، حيث رفض قرارات مجلس النواب ومجلس الدولة وكان يعتقد أنه يستطيع الاعتماد على قوة المال ونفوذ جماعة الإخوان المسلمين والميليشيات المتحالفة معها.

في الدعوة إلى الانتخابات البرلمانية في يونيو المقبل، تجاهل بطريقة ما استمرار العوامل نفسها التي حالت دون إجراء انتخابات 24 ديسمبر، ومن غير المرجح أن يؤخذ تعهده بعدم الترشح لمنصب الرئيس على محمل الجد لأنه تعهد في السابق بعدم القيام بذلك لكنه ما زال يترشح للرئاسة. إذن من سيفوز في المواجهة بين السياسي ذي الخلفية العسكرية أم رجل الأعمال؟ كل الدلائل تشير إلى أن باشاغا يبدو مؤهلًا بشكل أفضل للانتصار.

ومع ذلك، قد يحتاج دبيبة إلى ضمانات سياسية وقضائية للتخلي عن منصبه، بالنظر إلى شبهات الفساد التي تحوم حول الحكومة وبعض مساعدي الدبيبة المقربين، ومنذ توليه منصبه، اعتمد رئيس الوزراء المؤقت على المال كسلاح فعال لإدارة السياسة، وشراء الولاءات، والتحضير للانتخابات، وبناء شبكات الدعم، داخليًا وخارجيًا وكان هدفه هو الحفاظ على الوضع كما هو لسنوات قادمة، خاصة وأن صادرات النفط مستمرة، والأسعار آخذة في الارتفاع واستمرار تدفق الإيرادات.

أما باشاغا، السياسي، سيتعين عليه أن يواجه انتقال السلطة بهدوء كبير وضبط النفس، مع الاعتماد على القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المؤثرة لإقناع الدبيبة بالتحلي بمزيد من الواقعية، تمامًا كما فعل رئيس الوزراء السابق فايز السراج وتسليم السلطة بهدوء، بما يحافظ على السلم الأهلي ويسمح بظهور مرحلة جديدة في ليبيا.