دويتش فيله: كيف ستؤثر أزمة أوكرانيا على الشرق الأوسط؟
بعد لحظة وجيزة من الراحة، تصاعدت مجددًا المخاوف بشأن حرب محتملة على أوكرانيا مرة أخرى أمس الأربعاء، وقال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج إنه حتى الآن، لم يشهد الحلف تهدئة على الأرض على العكس من ذلك، يبدو أن روسيا تواصل تعزيز حشودها العسكرية.
ومع ذلك، فإن تصعيد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا لن يقتصر على أوروبا وحدها، بل سيكون له آثار مضاعفة كبيرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أيضًا، وفقًا لأحدث تقرير لموقع دويتش فيله الألماني.
فيما يلي نظرة عامة على كيفية تأثير الحرب المحتملة على الإمدادات الغذائية الحيوية وطرق الطاقة العالمية والاستقرار الإقليمي:
ليبيا وقاعدة الجفرة الروسية
تعد الدولة التي مزقتها الحرب من بين الدول الأولى التي ستتأثر بشكل مباشر بنزاع مفتوح بين روسيا وأوكرانيا، وقال سامي حمدي، العضو المنتدب لشركة إنترناشيونال إنترست، وهي شركة عالمية متخصصة في المخاطر والاستخبارات في لندن، لدويتش فيله: "تحتفظ روسيا بقاعدة الجفرة الجوية التي يمكن أن تعبئها على الفور في حالة نشوب حرب مع أوكرانيا".
وبالنسبة لليبيا، تأتي التوترات بين روسيا وأوكرانيا في فترة عدم استقرار داخلي شديد، ففي ديسمبر، أُلغيت الانتخابات الوطنية، وفي معارضة الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس، كانت روسيا داعمًا قويًا لقوات الجيش الوطني الليبي.
وتابع حمدي لدويتش فيله: "قد نرى فجأة استعدادًا دوليًا جديدًا للتعامل مع الجيش الوطني الليبي، ويعود الدفء بين واشنطن والعواصم الأوروبية من جهة وشرق ليبيا من جهة مجددًا في أعقاب نحو سنة من العلاقات الفاترة.
وتخشى المحللة السياسية سينزيا بيانكو أن تحاول موسكو الضغط على أوروبا من خلال موجة جديدة من اللاجئين القادمين من ليبيا وصرحت بأنه قد "يتم استخدام اللاجئين كوسيلة ضغط، ويمكن رؤية مثال على هذا النوع من الضغط بإلقاء نظرة على ما حدث أثناء الخريف الماضي على الحدود بين روسيا البيضاء وبولندا"، ومن المرجح أن يؤدي تجدد الصراع في ليبيا إلى توجه المزيد من اللاجئين إلى أوروبا.
سوريا: قوات روسية وقواعد جوية
لروسيا أيضًا قوات في سوريا ولها ميناء بحري وقاعدة جوية في مدينة طرطوس، لذلك، يمكن أن يكون الحليف المقرب لدمشق قادرًا على زيادة نفوذه العام في المنطقة، وقالت بيانكو: "روسيا هي في الأساس الممثل الدولي الأكبر في سوريا" وفي هذه الحالة، يسير "الدولي" جنبًا إلى جنب مع "المؤثر" على سبيل المثال، أصرت روسيا على أنه لا يمكن إرسال المساعدات إلى سوريا إلا عبر الحدود الخاضعة لسيطرة دمشق، ويرتبط التحكم في تدفق المساعدات الإنسانية بدوره بالحركة المحتملة للاجئين.
وأوضحت بيانكو أن "روسيا لديها بعض النفوذ في سوريا، على الرغم من اختلاف مسار اللاجئين من سوريا عنه في حالة ليبيا، حيث تعتمد روسيا إلى حد كبير على نظام الحدود التركي".
تراقب إسرائيل، جارة سوريا، التوترات في شرق أوروبا عن كثب وتستهدف إسرائيل قواعد تعمل بالوكالة عن إيران في سوريا بينما تتغاضى القوات الروسية المتمركزة في سوريا عنها، ورأينا أن روسيا تحاول استمالة إسرائيل نتيجة المصالح المشتركة في سوريا، كما أن إسرائيل يمكن أن تصبح الخاسر الأكبر في أي حرب بين روسيا والولايات المتحدة، وذلك أساسًا لأنها ستضطر إلى الانحياز إلى أي طرف بطريقة تقوض أي مكاسب حققتها من الطرف الآخر.
واعتبارًا من الأسبوع الماضي، حذر نائب وزير الخارجية الأوكراني أمين دشاباروفا إسرائيل من أنها ستتأثر بشكل مباشر بأي شكل من أشكال التصعيد وقد تكون العواقب المحتملة هي المهاجرين اليهود إلى إسرائيل من أوكرانيا أو تخفيضات كبيرة في واردات القمح.
يمكن أن يكون للصراع في أوكرانيا تأثير كبير على شبه الجزيرة العربية وعلى السعودية والإمارات تحديدًا نظرًا لكونهما حليفتان مقربتان للولايات المتحدة، وتشمل علاقتهما إمدادات النفط والغاز من ناحية ومبيعات الأسلحة من ناحية أخرى، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تعد الولايات المتحدة إلى حد بعيد أكبر مورد للأسلحة لدول الخليج، ومع ذلك، فإن هيمنة السعودية على أوبك والنفط كانت بالشراكة مع روسيا، علاوة على ذلك، وقعت السعودية وروسيا اتفاقية تعاون عسكري في أغسطس من العام الماضي، ولذلك، فإن الاضطرار إلى الاختيار بين روسيا والولايات المتحدة يمكن أن يتحول إلى معضلة حقيقية قد تواجهها الرياض.في الوقت نفسه، يمكن أن تستفيد دول الخليج أيضًا من الأزمة على سبيل المثال، قد يأمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تعرض لانتقادات غربية شديدة في تقديم صورة إيجابية للمملكة وهو بالفعل يعيش أفضل أيامه، حيث يطلب منه بايدن الآن زيادة الإنتاج وخفض أسعار النفط".
في قطر، تحتفظ الولايات المتحدة بقاعدة العيديد الجوية التي تأوي القوات البريطانية والأسترالية وهي أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة وفي ضوء الأزمة، يمكن للولايات المتحدة أن تحث شركائها المملكة العربية السعودية وقطر على اتخاذ موقف، على سبيل المثال من خلال توسيع إمدادات الطاقة إلى أوروبا في حالة تخفيضات إمدادات الطاقة الروسية.
ومع ذلك، لا يعتقد المراقبون أن قطر يمكن أن تتدخل وتعوض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، فقطر تقدم وعوداً كاذبة بـ (نعم، يمكنني تزويد الغاز)، لكنها في الحقيقة تأمل ألا تكون هناك حرب.
أفاد تقرير صادر عن معهد الشرق الأوسط بواشنطن أن "أوكرانيا تصدر 95٪ من حبوبها عبر البحر الأسود، وصدرت أكثر من 50٪ من صادراتها من القمح إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020، ولذلك، فإن أي اضطراب سيكون له "عواقب وخيمة" على الأمن الغذائي في "البلدان التي تعاني أزمات بالفعل"، كما يحذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.