مصير ليبيا والمنطقة بعد عزل الدبيبة.. هل يشعل فتيل الحرب من جديد ؟
قبل أيام قليلة، كانت الأسئلة تدور حول ما إذا كان يمكن للدبيبة التمسك بالسلطة لفترة أطول قليلاً وماذا يمكن أن يحدث إذا تم إجباره على التنحي، أما اليوم فقد أصبحت لمجلس النواب اليد العليا، واستبدل الدبيبة بزميله فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق والعدو اللدود للعديد من المشرعين بمن فيهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وكان من الواضح أن مجلس النواب كان يتجه نحو عزل الدبيبة، وقرر في جلسة يوم 7 فبراير استبدال رئيس الوزراء بعد أقل من عام في منصبه وأمام باشاغا الآن أسبوعين لتشكيل الحكومة.
كان الدبيبة شخصية مثيرة للانقسام منذ انتخابه رئيسًا للوزراء في مارس الماضي في اجتماع منتدى الحوار السياسي الليبي برعاية الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا بعد ذلك مباشرة، اتهم بعض أعضاء الوفود المشاركة في جنيف الدبيبة برشوة أعضاء آخرين لكسب دعمهم.
وفي نوفمبر 2020، في الأيام الأولى لجلسات عمل ليبية عديدة أجريت في تونس، كتب حوالي 60 عضوًا من المشاركين في المباحثات إلى الأمين العام للأمم المتحدة يطلبون منه التحقيق على وجه السرعة في مزاعم الرشوة وأقرت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، باستلام الطلب وأكدت إحالته إلى لجنة عقوبات ليبيا التابعة للأمم المتحدة.
وأجرت هيئة الأمم المتحدة تحقيقا لكن لم يسفر عن نتائج، وفي نهاية المطاف تولى الدبيبة رئاسة الوزراء بعد فوزه بتأييد البرلمان في تصويت ساحق بالثقة في 10 مارس 2021، وفي سبتمبر، سحب مجلس النواب دعمه لكنه أبقى على حكومة الوحدة الوطنية كإدارة انتقالية حتى الانتخابات المقرر إجراؤها في 3 ديسمبر، وفي العام الماضي، كان الدبيبة نفسه مرشحًا على الرغم من توقيعه تعهدًا بعدم الترشح، ولم تنظم تلك الانتخابات ورفض الدبيبة المتحدي قرار المجلس التشريعي، داعيًا إلى إقالة مجلس النواب نفسه، وفي خطوة استباقية، قال الدبيبة في خطاب متلفز في 8 فبراير إن "حكومة الوحدة الوطنية ستواصل العمل" حتى الانتخابات القادمة.
على الرغم من كل ما حدث، استمر الدبيبة في رئاسة الوزراء منذ أواخر ديسمبر، وسُجن أربعة من وزرائه بتهمة الفساد وسوء الإدارة وإهدار الأموال العامة، وكان آخرهم وزير الصحة علي الزناتي ونائبه سمير كوكو المتهمون بشراء أجهزة مكملة للأكسجين لمرضى كوفيد-19، بسعر 1000٪ كما أنهم متهمون بشراء لقاحات روسية على الأقل بضعف السعر المعلن، وفقًا لبلاغ من مصدر مجهول تحدث إلى منظمة مكافحة الفساد الليبية، وهي منظمة غير حكومية، بل إن الدبيبة نفسه متهم أيضًا بتزوير شهادته الجامعية الخاصة ولم يتم فعل أي شيء حيال ذلك أيضًا.
وقال أحمد سليم المحامي من بنغازي للمونيتور إن مثل هذه الاتهامات يجب أن "تجبر أي سياسي محترم على الاستقالة على الفور"، لكن ليس في ليبيا، حيث "السياسة اللائقة لم يسمع بها أحد"، ويبدو أن حظ رئيس الوزراء صامد، حيث إن "إزاحته تحمل إمكانية تعطيل" العملية السياسية برمتها، بوساطة مستشارة الأمم المتحدة الخاصة لليبيا، ستيفاني ويليامز كما أن لديها القدرة على إعادة استنساخ سيناريو 2014 الذي كان لليبيا فيه حكومتان متوازيتان: واحدة في طرابلس معترف بها من قبل الأمم المتحدة، وأخرى في البيضاء لا تعترف بها أي دولة أخرى.
ومع ذلك، هناك احتمال بأن تؤدي الإطاحة بالدبيبة إلى إشعال حرب أخرى، وإنهاء وقف إطلاق النار المستمر منذ أكتوبر 2020، فهناك اللجنة العسكرية الليبية، المعروفة باسم لجنة 5 + 5، المكونة من عدد متساوٍ من الضباط العسكريين الذين يمثلون المنطقتين الشرقية والغربية من البلاد، تجتمع بانتظام للحفاظ على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، واللجنة مكلفة أيضًا بترتيبات خروج جميع المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية وهذا هو النجاح الحقيقي الوحيد حتى الآن في الصراع الذي دام عقدًا من الزمان.
لكن المشهد السياسي مختلف الآن، ويعتقد ميلاد سعيد، المحاضر المختص في الاقتصاد بجامعة بني وليد، جنوب غرب طرابلس أن الانقسامات السياسية في ليبيا ليست بالحدة التي كانت عليها في "2019، ولفت سعيد إلى أن "الدعوات لإزاحة الدبيبة تأتي من جميع أنحاء ليبيا" على عكس الخلافات السياسية السابقة التي "جرت على أسس جهوية".