هل نجح أردوغان في إختراق معادلة غاز شرق المتوسط؟
رجح الرئيس التركي أن يكون ملف التعاون في مجال الطاقة على جدول الأعمال خلال الاجتماع المقبل مع نظيره الإسرائيلي هرتسوج، ونقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إن تركيا وإسرائيل يمكن أن يعملا سويًا لنقل الغاز الطبيعي من الشرق الأوسط إلى أوروبا، وأن البلدين سيناقشان التعاون في مجال الطاقة خلال المحادثات المتوقع إجراؤها الشهر المقبل.
وقال أردوغان للصحفيين في رحلة عودته من كييف إن التعاون في مجال الطاقة سيكون على جدول الأعمال خلال زيارة الرئيس إسحاق هرتسوج لتركيا في منتصف مارس كما نقلت صحيفة ديلي صباح الموالية للحكومة التركية عن أردوغان قوله "يمكننا استخدام الغاز الطبيعي الإسرائيلي في بلادنا، وبعد ذلك يمكننا أيضا العمل معا لنقله إلى أوروبا"، مضيفًا: "نأمل أن تكون هذه القضايا على جدول أعمالنا خلال زيارة السيد هرتسوج لتركيا"، وأضافت التقارير أن أنقرة تناقش أيضا توقيع اتفاق لتوريد الغاز الطبيعي مع العراق.
وشوهدت تركيا - التي عانت من أزمة اقتصادية في الداخل - تتخذ خطوات لتحسين العلاقات مع منافسيها الإقليميين، بعد انخفاض الدعم الأمريكي لخط أنابيب غاز متوسطي المثير للجدل، فهل نجح أردوغان في إزاحة اليونان من معادلة الغاز في شرق المتوسط إلى الحد الذي منحه الجرأة الكافية للتصريح بدور ما لتركيا في نقل الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا؟ هذا السؤال يشغل حيزًا كبيرًا من تفكير المراقبين في الوقت الحالي دون شك.
أشار أردوغان إلى أنه يريد أن تشارك تركيا في استيراد الغاز الإسرائيلي وتمريره إلى أوروبا، قائلا إنه كان هناك "بعض التقدم" في هذا الشأن في الماضي، وتعمل إسرائيل ومجموعة من الدول، بما في ذلك المنافس التاريخي لتركيا؛ أي اليونان، على إنشاء خط أنابيب مشترك لنقل غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا وعارضت تركيا المشروع بشدة ورهنت ذلك الملف بمطالباتها الإقليمية بثروة الطاقة في المنطقة، ونقلت صحيفة "هآرتس" الأسبوع الماضي عن مسؤولين قولهم إن تحسين العلاقات مع تركيا لن يأتي على حساب تحالف إسرائيل مع اليونان وقبرص.
ولم يعرب هذان البلدان عن معارضتهما لدفء العلاقات بين تركيا وإسرائيل وقال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل أوضحت أن التعاون الأمني معها سيستمر وأنهما يشجعان الحوار مع أردوغان، وتأتي تصريحات أردوغان بعد أن أعلن أنه سيستضيف هرتسوج في زيارة رسمية منتصف مارس وسط جهود لتنشيط العلاقات التي كانت قوية بين البلدين، بينما رفض متحدث باسم هرتسوج التعليق على إعلان أردوغان، لكن المسؤولين أكدوا في السابق إجراء محادثات بشأن زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة، وأكد أردوغان مرارًا وتكرارًا إنه مهتم باستضافة هرتسوج وتوقع مؤخرًا زيارة في فبراير، وقام هرتسوج هذا الأسبوع بأول زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهام في عام 2020.
في الأسبوع الماضي نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول إسرائيلي وصف اللقاء المحتمل بين هرتسوج وأردوغان بأنه "مؤشر" على نوايا الرئيس التركي، وتابع: "الاجتماع على المستوى الرئاسي ... أداة يمكن استخدامها"، ومن المعروف في إسرائيل أن الرئيس هو شخصية رمزية، وليس شخصية سياسية، وعلى أي حال، فإن هرتسوج يجري محادثاته الخاصة مع الأتراك ويمكن للمرء أن يبدأ بهذه القناة ثم التحقق من التطورات والآثار، كل ذلك بوتيرة بطيئة".
وقال مسؤول آخر: "يتم اتخاذ القرار لتغيير العلاقات مع تركيا من "مجمدة" إلى"باردة" كل أنواع الأشياء الرمزية يمكن أن تحدث، على سبيل المثال، تبادل السفراء أو الصفقات الاقتصادية ولكننا لن نمضي قدما دون تعهدات واضحة في المقابل من تركيا"، وشهدت إسرائيل وتركيا، ذات يوم من الحلفاء الإقليميين الأقوياء، توترًا في علاقاتهما طوال فترة حكم أردوغان، حيث ظل منتقدًا صريحًا لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، وفي غضون ذلك، تشعر إسرائيل بالضيق من علاقات أردوغان الدافئة مع حماس، الحركة التي تسيطر على قطاع غزة.
وسحبت الدولتان سفرائهما في عام 2010 بعد أن صعدت القوات الإسرائيلية على متن قافلة بحرية متجهة إلى غزة تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين الذين حاولوا كسر الحصار الإسرائيلي وعلى الرغم من أن معظم السفن المشاركة مرت دون وقوع حوادث، إلا أن أولئك الذين كانوا على متن قارب العبارة التركية قاوموا بشدة الإجراءات الإسرائيلية، مما أدى إلى مقتل تسعة ناشطين أتراك ثم تحسنت العلاقات ببطء لكنها انهارت مرة أخرى في عام 2018، بعد أن غضبت تركيا من نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس.