السبت 05 أكتوبر 2024 الموافق 02 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تدخين الحشيش على السوشيال ميديا.. مؤشر على تغير ثقافة الشرق الأوسط

الرئيس نيوز

كشفت دراسة حديثة عن أن طريقة التندر حول تدخين الحشيش عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة النكات والتعليقات الفكاهية الساخرة حول الشيشة، تعد مؤشرًا قويًا على مزيد من الانفتاح حول استخدام تلك المخدرات الترويحية في المنطقة العربية التي عادة ما تعد هذه الممارسة من بين المحرمات.

ونشر موقع دويتش فيله الإخباري الألماني تقريرًا يتضمن صورة للافتة في مقهى مغربي تقول ممنوع تدخين المخدرات، في إشارة إلى أن تدخين الحشيش قد يكون مباحًا في مقاهي أخرى.

وأشار التقرير إلى وجود آلاف النكات على صفحات وحسابات التواصل الاجتماعي باللغة العربية، وبعضها لديه الملايين من المتابعين.

تعاطي المخدرات والفكاهة
حذرت الدراسة من أن الموقف الشعبي غير الرسمي تجاه تدخين الحشيش أصبح شائعًا بشكل متزايد في بعض أجزاء الشرق الأوسط، وفي الآونة الأخيرة، كان هناك أيضًا عدد من الحالات في دول الخليج حيث صور مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أنفسهم وهم يدخنون الحشيش، ولكن تم القبض على البعض من قبل الشرطة المحلية.

وفي الصيف الماضي، طُرد المؤثر المقيم في دبي عمر بركان الجلاء من الإمارة بسبب تدخينه الحشيش خلال بث مباشر على حسابه على إنستاجرام، حيث لديه 1.3 مليون متابع، ودافع كبار ضباط شرطة دبي عن قرار طرده، قائلين إن هناك علاقة قوية بين المشاهير الذين يروجون لتعاطي المخدرات والمراهقين الذين يقلدونهم في كل شيء.

وفي عام 2021، حجبت شرطة قطر 75 ملفًا شخصيًا وموقعًا إلكترونيًا لبيع المخدرات أو الترويج لها، وفي عام 2019، حظرت الدوحة 15 شخصًا فقط، وفي الماضي، قالت الشرطة السعودية إن الأشخاص الذين يتداولون النكات الفظة مسؤولون عن تفكك المجتمع وتردي الشباب في فخ الإدمان.
سابقة تاريخية

على الرغم من الغضب الذي تعبر عنه سلطات إنفاذ القانون، لطالما استخدم السكان المحليون في الشرق الأوسط المخدرات، وأشار مازيار غيابي، المحاضر في العلوم الإنسانية الطبية في جامعة إكستر والذي يركز على تأثيرات المخدرات، إلى أنه "صحيح أن الناس في الشرق الأوسط يدينون تاريخياً تدخين الحشيش بأي شكل من الأشكال، ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن موجودًا"، وكان القنب جزءًا من ثقافة الشرق الأوسط على مر العصور، ففي القرن الثاني عشر، قام بعض الصوفيين بتدخين الحشيش كجزء من الطقوس الدينية، ومع ذلك، حتى وقت قريب، كان عدد قليل من السكان المحليين صريحين بشأن استخدامهم للمخدرات غير المشروعة.

ونقل الموقع الألماني عن محمود، وهو سوري الجنسية يبلغ من العمر 32 عامًا ويعيش في ألمانيا ولم يرغب في الكشف عن اسمه بالكامل بسبب حساسية الموضوع، قوله: "مواقف الشباب تجاه أشياء مثل الحشيش تتغير بالتأكيد"، وبالعودة إلى مسقط رأسه دمشق، قال محمود إنه وأصدقاؤه يدخنون الحشيش، أو راتنجات القنب، ويأخذون أقراص الأمفيتامين - المعروفة باسم العلامة التجارية كبتاجون - من أجل المتعة وتحتوي الأقراص المخدرة على مزيج من الأمفيتامينات وغالبًا ما يشار إليها باسم كوكايين الرجل الفقير، ولكن محمود يقول إن أقرب أصدقائه فقط كانوا على علم بتعاطيه المخدرات وهو يعتقد أن الشباب الآن في المنطقة، وخاصة أولئك الذين يعيشون في مراكزها الحضرية، أصبحوا أكثر انفتاحًا بشأن مثل هذه الأشياء، ولدى سؤاله عن متى بدأت المواقف من تدخين الحشيش تتغير، ابتسم محمود وأجاب: "منذ بدأ انتشار الإنترنت".

النفوذ الدولي
توصلت دراسة بعنوان "المخدرات وراء حجاب الإسلام: نظرة للشباب السعودي"، نُشرت في أكتوبر الماضي 2021 في المجلة العلمية "القانون والتغير الاجتماعي - الجريمة" إلى استنتاجات مماثلة؛ وقد أجرى الباحثون مقابلات متعمقة مع 18 طالبًا جامعيًا سعوديًا وخلصوا إلى أن الشباب السعودي أصبحوا أكثر اهتمامًا وانفتاحًا على استخدام المخدرات مثل القنب لأغراض ترفيهية، لا سيما عبر الإنترنت، وقال أحد الذين تمت مقابلتهم إن "حساب حكمت محشيش ينشر الكثير من مقاطع الفيديو والقصص المضحكة عن مدخني الحشيش"، في إشارة إلى صفحة شهيرة على فيسبوك نشرت معلومات ونكات عن المخدرات الترفيهية وكان لديها أكثر من مليون متابع، وهي صفحة ذات محتوى مضحك للغاية لدرجة أنها قد تشي بأن الناس لم يعد لديهم اعتقاد بأن تدخين الحشيش حرام".

وتوصلت الدراسة أيضًا إلى أسباب أخرى لاتخاذ موقف أكثر حيادية تجاه المخدرات غير المشروعة في المملكة العربية السعودية؛ بما في ذلك المزيد من التفاعلات مع الأجانب والثقافة الدولية، ومدى تدين الأشخاص، والتخفيف الأخير من القواعد المتعلقة بالتفاعل الاجتماعي.

أرقام مخفية

قال إيلي أراج، مدير جمعية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للحد من الأضرار، لدويتش فيله: "مع وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح كل شيء أكثر انفتاحًا الآن، وجيل الشباب يعرف المزيد عن المخدرات وكيفية استخدامها الآن"، ومن المستحيل معرفة ما إذا كانت هذه التغييرات في المواقف على الإنترنت تترجم إلى زيادة تعاطي المخدرات في الحياة الواقعية، وهذا في المقام الأول بسبب وجود عدد قليل من الإحصاءات الموثوقة حول هذا الموضوع.

وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في حديث لدويتش فيله: "البيانات من الشرق الأوسط نادرة، وبالتالي لا يمكننا قول أي شيء عن أي اتجاه متزايد في استخدام المخدرات في المنطقة" وتقوم المنظمة بتجميع تقرير سنوي عن تعاطي المخدرات غير المشروع في جميع أنحاء العالم، بل وأكدت المنظمة هذه الحقيقة في تقييمها لعام 2021 للمنطقة، مشيرة إلى أن الأزمات المختلفة في المنطقة تجعل من الصعب التوصل إلى أرقام دقيقة حول تعاطي المخدرات، في حين أن كل بلد لديه أنماط مختلفة من تعاطي المخدرات اعتمادًا على المادة الأكثر توفرًا، تعتقد المنظمة الاستشارية أن الحشيش لا يزال أكثر المخدرات شعبية في الشرق الأوسط، وقد خلص الخبراء إلى أن الانفتاح المتزايد بشأن استخدامه يمكن أن يُنظر إليه على أنه إيجابي من بعض النواحي، وأضاف غيابي، الباحث في جامعة إكستر، أن اتباع نهج أكثر واقعية للتصدي لتعاطي المخدرات قد يؤدي إلى سياسة عامة أكثر "معقولية وتماسكًا تقلل من مخاطر تعاطي المخدرات"، وتابع: "نحتاج إلى أكثر من مجرد قواعد قمعية بشأن تعاطي المخدرات لأنها لا تكفي للتعامل مع هذا الوضع الراهن".