هل تؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية على مخزون القمح بأكبر دولة عربية ؟
تواجه الأسواق العالمية احتمالية تعطل سوق القمح، وهذا من شأنه أن يلحق ضررا جسيما بمصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد الشكان، وذكرت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية أن مصر؛ أكبر مشتر للقمح في العالم، تستورد أكثر من 13 مليون طن من الحبوب هذا العام، ولكن الغريب أن الطريقة التي تجري بها عمليات الشراء قديمة جدًا، وتستدعي القاهرة كل بضعة أسابيع التجار للاجتماع معهم، ويطلب من الوكلاء من الشركات الكبرى التي تقوم بتوريد المواد الغذائية وتخزينها وشحنها إحضار مظروف بأفضل سعر بداخله ويتم فتح هذه المظاريف بعد ذلك ويتم الكشف عن الأسعار للجميع، وذلك عندما تبدأ المساومة، وتستمر المناقصات لساعات، لكن مصر تعلن في نهاية المطاف عن صفقة شراء كبيرة بالقدر الكافي لإحداث ردود فعل واسعة بأسعار القمح العالمية.
وأضاف المجلة أن استقرار مصر يعتمد على هذه الواردات وتستخدم الحكومة القمح في صناعة الخبز المدعم الذي تعتمد عليه الكثير من العائلات، لذا فإن توفير الأرغفة الرخيصة مستمر، ولا يزال سعر الرغيف المدعم بخمس قروش وهو جزء يسير مما يكلف صنعه.وعلى الرغم من ذلك، يهدد اضطراب محتمل في أسواق السلع هذه السلعة المصرية الأساسية، وتأتي الغالبية العظمى من القمح الذي تستورده مصر من روسيا وأوكرانيا اللتين تتجهان نحو الحرب، ووصلت أسعار القمح بالفعل إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من عقد من الزمان العام الماضي وتم إلقاء اللوم على عدد من العوامل، بما في ذلك ارتفاع أسعار الوقود والأسمدة، وسوء الأحوال الجوية، وتراكم كميات كبيرة من الغلال في الموانئ وهو وضع تفاقم بسبب الوباء ولم تساعد الضريبة الروسية على الصادرات، التي تهدف إلى إبقاء المخزونات الفائضة في الداخل في ضبط أسعار القمح، وفي أحدث مناقصة في مصر، في 28 يناير، دفعت القاهرة 350 دولارًا للطن، أي 100 دولار أكثر مما كانت قد وضعته في الميزانية وبهذا السعر ستدفع مصر 1.5 مليار دولار إضافية (0.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي) هذا العام للقمح.
وأشارت المجلة إلى أنه من المحتمل أن تسوء الأمور، فعندما استولت روسيا على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، ارتفعت أسعار القمح وأصبحت أوكرانيا منذ ذلك الحين قوة قوية في مجال الحبوب ونمت مبيعات القمح في العام الماضي بنسبة 28 ، مما يجعلها رابع أكبر مصدر لهذه السلعة الاستراتيجية، ولكن تأتي روسيا أولاً، ويشكلان معًا 30٪ من صادرات القمح العالمية، أي ضعف نصيبهما في عام 2014 إذ تبيع أوكرانيا أيضًا الذرة والشعير وزيت الطهي إلى الشرق الأوسط.
كيف سيؤثر ذلك على سعر الخبز في مصر؟ يدرك الرئيس عبد الفتاح السيسي أنها قضية حساسة وعندما وقعت الحكومة اتفاقا مع صندوق النقد الدولي في عام 2016، وافقت على خفض الدعم على البنزين والكهرباء والزيوت النباتية، ولكن الحكومة لم تقترب من الخبز ولكن في العام الماضي، مع ارتفاع أسعار السلع، أعاد السيسي النظر بل وحذر من أن الحصص الغذائية ستقتصر قريبًا على مستفيدين اثنين لكل أسرة وأن المتزوجين حديثًا سينقطع عنهم الدعم تمامًا وتفكر الحكومة في استبدال النظام القائم بالدعم النقدي، ولكن المراقبين ينتظرون التفاصيل، ولكن هناك شيء واحد واضح: مصر لا تستطيع دفع مثل هذا السعر المرتفع للقمح وفقًا لأسعار برصات السلع، وفي نفس الوقت مواصلة تقديم أرغفة رخيصة للجماهير.