الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

صفقات الدرون تجبر تركيا على نقل سفارتها من أديس أبابا إلى كينيا

الرئيس نيوز

نقلت تركيا سفارتها من إثيوبيا إلى كينيا في مواجهة التهديدات المتزايدة ضد بعثتها الدبلوماسية في أعقاب الدور الذي الطائرات التركية بدون طيار في الاشتباكات بين الحكومة الإثيوبية وقوات جبهة تحرير تيجراي، مما يثبت خطورة وجدية التحذيرات الصادرة عن العديد من الدول بشأن الآثار المحتملة لبيع أنقرة طائرات بدون طيار إلى دول أجنبية دون وضع قيود.

وأشار الصحفي التركي فهيم تستكين، في تقرير نشرته صحيفة نبض تركيا، إلى أن أول من تحدث عن نقل السفارة كان المراسل الدبلوماسي المخضرم بارسين يونانك في حين تلتزم حكومة أردوغان الصمت، وأكد مصدر دبلوماسي بشرط عدم الكشف عن هويته، أن السفارة نقلت بالفعل.

وقال مصدر آخر مقرب من الحكومة التركية لموقع المونيتور الأمريكي: "التهديدات للسفارة اشتدت بحلول نوفمبر 2021، وأضاف المصدر أن وزارة الخارجية التركية قررت نقل أنشطة السفارة إلى كينيا المجاورة في منتصف ديسمبر بعد العثور على أسلحة متطورة على بعد 200 متر من مجمع السفارة.

وأصبح دور أنقرة في الاشتباكات بين الحكومة الإثيوبية وقوات جبهة تحرير تيجراي في الشمال مثيرًا للجدل في كل من إثيوبيا والمجتمع الدولي بعد أن باعت تركيا طائرات مسيرة مسلحة من طراز بيرقدار إلى أديس أبابا، واعتاد أردوغان التباهي بمثل هذه الصفقات علنًا، وحصلت إثيوبيا على 6 طائرات بدون طيار من أصل 13 اشترتها من تركيا بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الإثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام آبي أحمد.

وبالفعل استخدمت الطائرات التركية بدون طيار في صد القوات الحكومية لقوات جبهة تحرير تيجراي من منطقتي عفار وأمهرة الشمالية وتوجه سكان تيجراي إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوا أنقرة إلى وقف هذه الصفقة.

مع تزايد غضب أهالي تيجراي، استضافت إسطنبول قمة الشراكة التركية الأفريقية في الفترة من 16 إلى 18 ديسمبر، حيث سعى أردوغان لبيع المزيد من الطائرات المقاتلة بدون طيار لدول أخرى في القارة السمراء، متجاهلًا غضب الإثيوبيين، ويؤكد أردوغان على نجاح الطائرات التركية بدون طيار - التي صنعتها شركة بيرقدار وهي شركة مملوكة لعائلة صهر أردوغان سلجوق بيرقدار - في كل مناسبة في محاولة للتغطية على المشاكل الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

وبعد توقيع اتفاقيات تعاون عسكري مع 25 دولة أفريقية، باعت تركيا حتى الآن معدات عسكرية إلى بوركينا فاسو والجزائر وتشاد والمغرب وغانا وكينيا ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال والصومال ورواندا وأوغندا، وتلقت المملكة المغربية الدفعة الأولى من 12 طائرة مسيرة تركية في سبتمبر بموجب اتفاق مبرم منذ مايو 2021.

وأثارت عدة عوامل الشهية للطائرات المقاتلة التركية بدون طيار على سبيل المثال تجربتها في الميدان في ناجورنو كاراباخ، والصراعات الليبية والسورية وأسعارها الأرخص نسبيًا مقارنة بمنافسيها؛ وعدم وجود أي شروط مسبقة أو قيود على حقوق الإنسان تحد من استخدامها؛ وعدم وجود تأخيرات مثل الموافقة البرلمانية.

وبينما يشيد البعض بالمبيعات العسكرية المتزايدة لأنقرة، يحذر الخبراء، بما في ذلك عدد متزايد من الأصوات المؤيدة للحكومة، من أن عسكرة العلاقات مع الدول الأفريقية يمكن أن يعقد علاقات أنقرة مع القارة، مما يجر تركيا إلى الصراعات الداخلية، بينما ترفض الحكومة التركية ببساطة هذه التحذيرات، قائلة إن مبيعات المعدات العسكرية للدول الأوروبية للقارة بالكاد تثير مثل هذه الانتقادات.

ومع ذلك، يصعب على أنقرة تجنب الانتقادات لأن مبيعات تركيا للطائرات بدون طيار لإثيوبيا أصبحت إشكالية بشكل خاص في وقت تدق فيه المنظمات الدولية ناقوس الخطر بشأن زيادة الخسائر المدنية من الضربات الجوية الحكومية.

وقالت ليز ثروسيل، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مؤتمر صحفي: "قُتل ما لا يقل عن 108 مدنيين وأصيب 75 آخرون منذ بداية العام نتيجة الضربات الجوية التي يُزعم أن القوات الجوية الإثيوبية نفذتها".

في 8 يناير، قتلت غارة جوية على مخيم للاجئين في منطقة تيجراي 56 شخصًا، بينهم أطفال وعمال إغاثة، وجرحت 30 وأطلقت العنان للغضب الدولي وفي 5 يناير استهدفت غارة جوية شنتها القوات الجوية الإثيوبية مخيمًا للاجئين في بلدة ماي تسيبري بجنوب تيجراي، مما أسفر عن مقتل ثلاثة لاجئين إريتريين، بينهم طفلان، كما استنكرت إدارة بايدن تلك الضربات الجوية أثناء مباحثات هاتفية مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، إذ أعرب الرئيس جو بايدن عن مخاوفه بشأن تلك الغارات.

بالإضافة إلى الخسائر في صفوف المدنيين والانتهاكات المتفشية لحقوق الإنسان، أفادت الأمم المتحدة أيضًا أن أكثر من مليوني شخص قد نزحوا خلال الاشتباكات وأن الملايين معرضون لخطر المجاعة، وأثار هذا الوضع نداء سياسيًا نادرًا من قبل لجنة جائزة نوبل للسلام "كرئيس للوزراء والحائز على جائزة السلام أبي أحمد لديه مسؤولية خاصة لإنهاء الصراع والمساهمة في صنع السلام وتجددت الاشتباكات المسلحة في إثيوبيا في سبتمبر 2020 بعد أن أجلت الحكومة الانتخابات العامة بسبب جائحة كوفيد -19، وفي تحد لقرار الحكومة، أجرى المتمردون انتخابات إقليمية في منطقة تيجراي. أعلنت الحكومة المركزية أن هذه الانتخابات غير شرعية، وبدأت الاشتباكات.

وسيكون للصراع تداعيات على مستقبل علاقات تركيا مع إثيوبيا والمنطقة الأوسع ولا يزال بإمكان الأطراف المتصارعة إيجاد حل وسط تحت الضغط الدولي المتزايد، ومع ذلك من المرجح أن تظل إثيوبيا حقل ألغام دبلوماسيًا وسياسيًا لأنقرة.