الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مجلة أمريكية: الولايات المتحدة ليس أمامها سوى الخيارات الصعبة بعد اعتداءات الحوثي على الإمارات

الرئيس نيوز

تتصاعد أصوات الغارات ويستمر إطلاق الرصاص وفي الوقت ذاته، تتضاءل خيارات الولايات المتحدة في جولة جديدة من الحرب الأهلية اليمنية.

وأشارت مجلة ستارز آند سترايبس الأمريكية إلى هجوم الأسبوع الماضي  بالقرب من صهاريج شركة النفط العملاقة أدنوك بالقرب من المطار في عاصمة الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي وراح ضحيتها ثلاثة أشخاص في هجوم يشتبه أنه بطائرة بدون طيار أدى إلى انفجار وحريق في أبو ظبي، واهتمت المجلة العسكرية بشكل خاص بحقيقة تحليق سرب من الطائرات بدون طيار والصواريخ لما يقرب من 1000 ميل قبل أن يحلق فوق ناطحات السحاب في أبو ظبي.

ثم انقسم السرب، فاتجهت بعض الطائرات إلى منطقة المصفح الصناعية، على بعد أميال قليلة من قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات العربية المتحدة، حيث تتمركز القوات الأمريكية، واصطدمت بشاحنات بترول كبيرة تابعة لشركة النفط المملوكة للدولة وأسفر الانفجار عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة آخرين، وذكرت السلطات إن بقية الطائرات انحرفت باتجاه مطار أبوظبي الدولي وأشعلت حريقًا محدودًا في موقع بناء على أطراف المطار، وسرعان ما أعلنت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران مسؤوليتها عن الهجمات، لتشعل فتيل حلقة جديدة من التصعيد في الحرب الأهلية اليمنية الطاحنة التي استمرت سبع سنوات.

وفي غضون ساعات، قصفت الطائرات الحربية للتحالف الذي تقوده السعودية والذي يضم الإمارات، العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، صنعاء، مما أسفر عن مقتل حوالي 20 شخصًا. وفي وقت مبكر من يوم الجمعة، أسفر المزيد من الانتقام الجوي من التحالف عن مقتل المزيد وانقطاع الإنترنت عن مدينة بأكملها، ووفقًا للمجلة الأمريكية: "تؤكد مذبحة العين بالعين والسن بالسن على الحسابات المعقدة والمميتة في كثير من الأحيان التي تواجه الولايات المتحدة في صراع مستمر يبدو أن واشنطن ليس لديها في إطاره سوى الخيارات السيئة.

وانتزع الحوثيون، أعضاء الحركة الشيعية التي حاربت الحكومة اليمنية منذ عقود، السيطرة على صنعاء لأول مرة في عام 2014 قبل أن يتحولوا إلى المناطق الجنوبية في البلاد في محاولة للسيطرة الكاملة على اليمن، ومن ثم قامت المملكة العربية السعودية، وهي دولة مسلمة سنية، بخوفها من أن تسمح سيطرة الحوثيين لخصمها الشيعي الإقليمي، إيران، بإقامة موطئ قدم بالقرب من حدودها، بتشكيل تحالف مع الإمارات العربية المتحدة كما أطلقت - بمساعدة الولايات المتحدة - حملة جوية عقابية بالإضافة إلى حصار بري وبحري لدعم الحكومة اليمنية الشرعية في المنفى.

بمرور الوقت، قُتل مئات الآلاف من اليمنيين في غارات جوية للتحالف ومعارك برية أو ماتوا جوعاً - وكل ذلك جعل الأمم المتحدة تعلن أن اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم وعلى الرغم من أن الحوثيين يتبادلون بانتظام إطلاق الصواريخ مع السعوديين، إلا أن الإمارات نجت منذ سحب قواتها من اليمن في عام 2019، مع استمرارها في تدريب ومساعدة الجماعات شبه العسكرية المناهضة للحوثيين وكانت تلك الجماعات - إلى جانب الطائرات بدون طيار الإماراتية المنتشرة فوقها - مفيدة في طرد الحوثيين من شبوة، وهي محافظة استراتيجية غنية بالنفط يُنظر إليها على أنها ركيزة للسيطرة على جنوب اليمن والتي كاد الحوثيون استولوا عليها أواخر العام الماضي.

وقال توماس جونو، الخبير في شؤون اليمن بجامعة أوتاوا: "كان هناك تفاهم ضمني وقيِّم للغاية بين الحوثيين والإمارات العربية المتحدة بأنهم لن يواجهوا بعضهم البعض بشكل مباشر"، مضيفا أن حملة الحوثيين في شبوة تحدت هذا الفهم، وفتح الهجوم الجوي يوم الاثنين فصلاً دمويًا جديدًا في الصراع، وفي يوم الأربعاء، التقى سفير الإمارات ومدير المخابرات الوطنية بمسؤولين أمريكيين في البيت الأبيض ومبنى الكابيتول، بينما اتصل وزير الدفاع لويد جيه أوستن بولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد و”أكد دعمه الثابت لأمن الإمارات والدفاع عن أراضيها ضد كافة التهديدات"، وفقا لعبارة بيان البنتاجون، كما أطلق السفير يوسف عتيبة جهودًا منسقة حثت فيها إدارة بايدن على إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.

سعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إنهاء الحرب الأهلية في اليمن في الوقت الذي يبذل فيه أيضًا جهودًا لإعادة العمل باتفاق نووي مع إيران تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب، وألغى تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في الأيام الأخيرة من إدارة ترامب، كما أوقف بايدن دعمه للعمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية وأرسل الدبلوماسي المخضرم تيم ليندركينج كمبعوث خاص إلى اليمن، وردًا على سؤال الأربعاء عما إذا كان سيمضي قدما في إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، أجاب بايدن في مؤتمر صحفي أن هذا الموضوع "قيد النظر"، مضيفًا أن "إنهاء الحرب في اليمن يتطلب مشاركة الطرفين للقيام بذلك.. وسيكون الأمر صعبًا للغاية."

قالت الإمارات في بيان إنها "ترحب" بدراسة بايدن لإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وغرد حساب السفارة الإماراتية على تويتر قائلاً: "القضية واضحة - إطلاق صواريخ باليستية وصواريخ كروز ضد أهداف مدنية، ومواصلة العدوان، وتحويل المساعدات عن الشعب اليمني"، ولكن الخبراء يشيرون إلى إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مثل هذه الخطوة ستحقق نتائج، وبالنظر إلى الخسائر المميتة للرد الانتقامي، ما إذا كانت هذه الخطوة لا تزال مبررة.

قال بيتر سالزبري، المتخصص في شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، "إن الضربات الجوية وتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية يشير مرة أخرى إلى حدود النفوذ الدولي على الحوثيين والمشكلة هي أن الفكرة السيئة في غياب بديل أفضل لا تصبح فكرة أفضل"، وأسفرت الغارات الانتقامية التي نفذتها الإمارات عن قصف ما يبدو أنه مركز للاتصالات السلكية واللاسلكية في مدينة الحديدة الساحلية، مما أدى فعليًا إلى قطع الإنترنت لشركة تلي يمن، مزود الإنترنت الرئيسي في البلاد.

 وأشار موقع نت بلوكس وهو عبارة عن مجموعة تراقب اضطرابات الاتصالات إلى أن انقطاع الإنترنت فعليًا يعيق الجهود الإنسانية والإنقاذ.

من المرجح أيضًا أن يؤدي الضغط على الحوثي لتكرار الهجوم العسكري على الإمارات العربية المتحدة، وهذه لعنة بالنسبة لبلد يعتبر نفسه مكانًا للبراجماتيين والوجهة المفضلة لأصحاب الأعمال في المنطقة كما أشار مايكل نايتس، المحلل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ويرى نايتس أن الدفاع عن مدن مثل أبو ظبي ودبي ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ بأنظمة الأسلحة الحالية غير ممكن.

وقال نايتس: "يريد الإماراتيون أسلحة طاقة موجهة وطرق اعتراض للخروج من المدن"، مضيفًا أن مثل هذه البرامج لا تزال في مهدها، وفي غضون ذلك، أثار القادة الإسرائيليون إمكانية بيع نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ إلى الإمارات والسعودية، كما أثرت الأعمال العدائية المستمرة على الشحن، ففي يوم رأس السنة، خطف الحوثيون ناقلة النفط روابي التي ترفع علم الإمارات وذكر الحوثيون إن السفينة وطاقمها لا يزالون محتجزين في انتظار دعوى قضائية بزعم دخول المياه الإقليمية اليمنية بدون تصريح.

وتابعت المجلة: "يبدو أن الإمارات العربية المتحدة تتبع مسارين عندما يتعلق الأمر بإيران: المسار الأول هو مواجهة الميليشيات الإيرانية ومخالب طهران في المنطقة والآن في اليمن، لذلك نحن ندفع هذا الجانب العسكري بينما نتعامل في نفس الوقت مع المسار الدبلوماسي"، وهذا ما يؤكده عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي.