قانون الجمعيات الأهلية.. بين التضييق على الحريات والالتزام بسيادة القانون
قبل نحو 4 شهور، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي 2022 عاما للمجتمع المدني، بالتزامن مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وأكد حينها أهمية تعزيز التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة لتحقيق التقدم ونشر الوعي في جميع المجالات وتلبية مطالب المواطنين.
وقبل أيام، وبالتحديد في 10 يناير الجاري، أعلنت الشبكة العربية لحقوق الإنسان وقف نشاطها في مصر بعد 18 عامًا من العمل في المجال الحقوقي، بدعوى "التضييق على العمل الأهلي والحقوقي، وملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان بطرق مباشرة وغير مباشرة",
وبعد إعلان وقف نشاط الشبكة العربية لحقوق الإنسان، طالبت 17 منظمة مصرية ودولية، منها "هيومان رايتس والعفو الدولية"، البرلمان المصري بسحب قانون الجمعيات الأهلية، والعمل مع منظمات لحقوق الإنسان لصياغة إطار قانون جديد يضمن حرية تكوين الجمعيات بما يتوافق مع القوانين والمعايير الدولية.
قرار الشبكة العربية لحقوق الإنسان جاء في اليوم الأخير من المهلة التي حددتها الحكومة للمنظمات غير الحكومية والجمعات الأهلية لتسوية وضعها القانوني. وألزم القانون جميع الجمعيات والمؤسسات الأهلية بتوفيق أوضاعها وفقا لأحكامه خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون وإلا قضت المحكمة المختصة بحلها.
اعتراضات على قانون الجمعيات الأهلية
يقول المعترضون على قانون الجمعيات الأهلية إنه "يفرض قيودا على عمل منظمات المجتمع المدني، ويضع رقابة حكومية تشمل شرط تسجيل جميع المنظمات غير الحكومية لدى وزارة التضامن الاجتماعي."
ويرى المعترضون أنه "يتيح لوزارة التضامن الاجتماعي التدخل في أعمال منظمات المجتمع المدني المسجلة، وكذلك في نوعية الأنشطة التي تمارسها وتمويلها، ويسمح للسلطات باقتحام مقار منظمات المجتمع المدني دون إخطار مسبق، والحق في تفتيش الوثائق".
ويتضمن القانون بنودا منها "منح الجهة الإدارية صلاحيات بحل وغلق مقار أي كيان يمارس عمل الجمعيات الأهلية دون أن يكون مسجلا كجمعية، وإباحة مصادرة أمواله"، وتتضمن البنود "حظر إجراء استطلاعات للرأي والبحوث الميدانية ونشر نتائجها إلا بعد موافقة جهاز التعبئة والإحصاء".
ونص قانون الجمعيات الأهلية على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، كل من أستمر في ممارسة العمل الأهلي دون اتخاذ شكل من الأشكال القانونية الخاضعة لهذا القانون رغم إخطاره بتوفيق أوضاعه وفوات المهلة المحددة في الإخطار.
حقوقي: "القانون ينظم العمل الأهلي ولا يقيده"
محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، والخبير الحقوقي، قال لـ"الرئيس نيوز" إن "الجمعيات الحقوقية في الأساس هي جمعيات أهلية لكن الغرض من كل جمعية هو الأمر المختلف بينهم، فهناك من يهتم بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ومنهم من بعمل على حزمة من الحقوق السياسية والمدنية، ومنها الجمعيات الحقوقية التي تدافع عن الملفات الحقوقية كل منهم على حسب اتجاهاته المختلفة.
وأضاف "البدوي" أن قانون الجمعيات الأهلية لا يقيد العمل ولكنه ينظمه، وعندما يقال إن الأمور ستسير على إطلاقها فهذا سيخرج من بند الحريات إلى بند الفوضى مثلما كان سابقا حين انتشرت مراكز تعمل بصفة غير قانونية لا تخضع للإشراف المالي والفني والاجتماعي، مثلما حدث في قضية التمويلات غير الشرعية، وثبت أن هناك تمويلا تم إنفاقه في غير أغراضه وهناك أموال اختلط فيها العام بالخاص."
واعتبر البدوي أن سيادة القانون وسلطة الدولة مشروعة في سؤال الجمعيات عن أوجه الإنفاق، ويقول: "عندما يكون هناك ضوابط تنظم العلاقة بين الدولة والكيانات الأهلية ومنها الكيانات الحقوقية فهذا الأمر كلنا ندعمه ولسنا ضده، وهناك أكثر من قضية بها تحقيقات مع منظمات بها أموال صرفت في غير أغراضها ولا يوجد أي دليل عليهم، فأي شخص مع سيادة القانون يرفض هذه الاعتراضات، فعندما يتم سؤال المنظمة عن الجهة التي يتم إنفاق الأموال فيها أو تغيير نشاطه من خدمي لاجتماعي أو غيره فهذا أمر مشروع".
وواصل البدوي: "القانون جاء لكي ينظم عمل هذه المنظمات من منطلق الاستحقاق الذي تحدثت عنه المادة الخاصة بالعمل الأهلي في الدستور المعدل في يناير 2014، إذ تحدثت عن حرية إطلاق العمل الأهلي ومن ضمن المسارات التي تحدثت عنها المسار التنموي الخاص بمنظمات المجتمع الأهلي وفي القلب منها المنظمات الحقوقية، واعترفت بفكرة أن الدولة تقوم بجناحين هما الجناح الأهلي والجناح الحكومي أو الرسمي فلا يصح جناح بدون الآخر، فنحن مع إطلاق حرية العمل ولكن مع تنظيمه وأن نخضع جميعنا لضوابط والفيصل بيننا وبين الدولة في النهاية هو القانون".
وشدد البدوي على أن "القانون لا يتعامل مع المنظمات بالمسمى الحقوقي أو الثقافي أو الاقتصادي أو الاجتماعي ولكن ككيان أهلي، لا بد أن يوفق أوضاعه وفقا للضوابط التي وضعها القانون وليس هناك أزمة في ذلك ولا يستطع أحد أن يمنع من العمل على ملف سواء كان سياسي او اقتصادي أو حقوقي أو حقوق مرأة أو حقوق سياسية ولكن وفقا للضوابط التي تضعها الدولة".
رئيس "حقوق إنسان النواب": "هيومان رايتس إخوانية"
النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، اعتبر أن "منظمة هيومان رايتس فقدت مصداقيتها بعد أن أصبحت المتحدث الرسمي لجماعة الاخوان، والتاريخ سوف يكشف أنها مأجورة، وكل التقارير التي تبث فيها سمومها ضد مصر ممولة من جماعة الإخوان، وكلها إشاعات وأكاذيب ضد مصر، والعالم كله أصبح على وعي وإدراك بما يدور داخل مصر في كل ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان".
وأضاف طارق رضوان لـ"الرئيس نيوز" أن "جميع التقارير التي تصدرها هذه المنظمة المشبوهة يلقى بها الشعب المصري في سلة القمامة بعد أن تأكد بذكائه أنه لا صحة على وجه الإطلاق لما تبثه من أكاذيب وسموم وافتراءات ضد مصر".
وعن الشبكة العربية لحقوق الإنسان، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب: "يجب على القائمين على إدارة الجمعية المنحلة بقرار من الجمعية العمومية أو بموجب حكم قضائي المبادرة إلى تسليم أموال الجمعية وجميع المستندات والسجلات والأوراق الخاصة بها إلى المصفى بمجرد طلبها، ويحظر عليهم وعلى الجهة المودع لديها أموال الجمعية والمدينين لها التصرف في شأن أي من شئونها أو أموالها أو حقوقها إلا بأمر كتابي من المصفى".
نائب: "قانون الجمعيات المنفذ الأخير للمنظمات المشبوهة"
أما تامر عبد القادر، عضو مجلس النواب، فقال لـ"الرئيس نيوز": "منظمة هيومان رايتس والمنظمات الغربية التي لها أجندة تسعى لتنفيذ مخطط مخابرات دول ومن أبرزه مخطط الشرق الأوسط الكبير، وما يحدث على أرض مصر الآن من تنمية ودحر للإرهاب وسيطرة على كل ما يتعرض له دول العالم من ضربات اقتصادية ونجاح مصر في أزمة كورونا التي أثرت في كثير من دول العالم، إلى جانب أن مصر تصدر قانون لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية أدى إلى عرقلة حلم هذه المنظمات الغربية لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير.
وأضاف: "حلم هذه المنظمات بدأ ينهار أمام ما يحدث في مصر، وطبعا فشلوا في عملهم على أرض الواقع في اختراق الدولة المصرية أو عقول المصريين أو التأثير على الشعب المصري بشكل أو بآخر لإحداث فوضى في أي وقت من الأوقات، وزاوية قانون الجمعيات الأهلية بات المدخل لتنفيذ مخططتهم والمتنفس الأخير لهذه المنظمات المشبوهة التي تتلقى التمويلات منهم كي تنفذ أجندتهم، فاليوم مصر عندما تصدر قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية ويقنن وضعها كي تستطيع الدولة المصرية التعرف على مصادر التمويل لهذه المنظمات والأجندات التي تنفذها وهذا حق أصيل للدولة المصرية".