" القمة العربية".. رهان الجزائر لتعزيز مكانتها الإقليمية ومصداقيتها في الداخل
لا يزال عدد من القضايا الخلافية يقف في طريق التحضير السلس للقمة العربية المقبلة، وكثفت الجزائر اتصالاتها الدبلوماسية في العالم العربي، سعيًا لإقناع قادة المنطقة بحضور قمة جامعة الدول العربية، المقرر عقدها في مارس، على أمل أن يعزز ذلك المكانة الدبلوماسية للدولة في المنطقة ومصداقيتها في الداخل، حسب خبراء تحدثوا إلى فرانس 24.
ويقول محللون إن الجزائر تريد التوصل إلى اتفاق مبكر مع أشقائها العرب على جدول أعمال القمة لتجاوز الخلافات التي قد تعيق العمل العربي المشترك ويزداد الأمر سوءًا في ظل الأزمة المتفاقمة بين الجزائر والمغرب وموقف الرباط الذي يحظى بدعم دول الخليج العربي حيال تسوية أزمة الصحراء الغربية.
ويقوم وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة حاليًا برحلات مكوكية بين العواصم العربية لإقناع زعماء المنطقة بحضور اجتماع الجامعة العربية، وبالفعل زار العمامرة عددا من العواصم منها الرياض وأبوظبي والقاهرة لعرض وجهات نظر الجزائر حول سبل تجاوز الخلافات العربية والتوصل إلى اتفاق حول القضايا الرئيسية مثل القضية الفلسطينية وعودة سوريا إلى الصف العربي وجامعة الدول العربية.
ونقلت صحيفة آراب ويكلي التي تصدر في لندن عن محللين قولهم إن الجزائر تسعى لضمان نجاح اجتماع القمة العربية المقبلة في مواجهة التوترات المتصاعدة مع الرباط ومحاولاتها الداخلية إسكات الانتقادات لفشلها الملحوظ في إدارة مصالحها الإقليمية والدولية بالشكل المناسب، خاصة بعد إعلان دول الخليج دعمها لموقف المغرب في حل مشكلة الصحراء الغربية، ويبدو أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على المساعدة الدبلوماسية لمصر لضمان نجاح القمة المقبلة، والتأكد بشكل خاص من وجود إقبال كبير من أعضاء جامعة الدول العربية ولفتت الصحيفة إلى أن أي حضور باهت مماثل لما حدث خلال القمة العربية الأخيرة التي استضافتها موريتانيا من شأنه أن يضر بسمعة الجزائر الدبلوماسية ويحرج قيادتها.
لا يزال عدد من القضايا الخلافية يقف في طريق الاستعدادات السلسة للقمة؛ إذا أعطت ردود الفعل في العواصم العربية الانطباع بأنه لا يوجد اعتراض بشكل عام على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، فلا يوجد إجماع حتى الآن على قضايا أخرى، مثل عملية التطبيع العربي الإسرائيلي والخلاف الثنائي بين الجزائر والرباط، بينما ترغب الجزائر في وضع نفسها على أنها زعيمة المعسكر المناهض للتطبيع، يبدو أن عدد الدول العربية الراغبة في إقامة علاقات طبيعية مع الدولة اليهودية آخذ في الازدياد وتتحدث التقارير الأخيرة عن اتصالات إسرائيلية ليبية جارية تمهيداً لإعلان التطبيع بين البلدين.
التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، هذا الأسبوع نظيره الجزائري العمامرة في القاهرة، بحسب ما نشرته وزارة الخارجية المصرية على فيسبوك وذكر أن "الوزير شكري يستقبل حاليا الوزير العمامرة لبحث سبل تعزيز آفاق التعاون الثنائي في إطار العلاقات بين البلدين الشقيقين، فضلا عن بحث القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك".
كما أجرى العمامرة محادثات مع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في أبو ظبي. وناقض الجانبان الأوضاع في المنطقة وعددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بالإضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية والتداعيات العالمية لوباء فيروس كورونا، كما تحاول الجزائر تجاوز التدهور الأخير في علاقاتها مع دول الخليج العربي بعد موقف مجلس التعاون من نزاع الصحراء الغربية وهي تكثف المحاولات الدبلوماسية لإقناع قادة دول الخليج العربي بحضور قمة الجزائر وإحياء المبادرة العربية الهادفة إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلا أن مساعيها تتعارض مع رفضها السابق لكل الوساطة العربية، خاصة من السعودية والكويت، في خلافها مع المغرب.
وقالت مصادر دبلوماسية إن الجزائر أبلغت الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، خلال زيارته الأخيرة للجزائر، بأنها جعلت عودة العلاقات الطبيعية مع المغرب مشروطة بإنهاء الاتفاقات المبرمة بين الرباط وتل أبيب وتقول المصادر نفسها إن من المرجح أن الجزائر بعثت رسائل إلى إسرائيل، لم يتم الكشف عن محتواها، عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما زار الجزائر آخر مرة وكذلك عبر مصر، عندما كان رئيس أركان الجيش في القاهرة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وشرعت الجزائر في حملة مصالحة فلسطينية من خلال الاجتماع بشكل منفصل مع مختلف الفصائل الفلسطينية في محاولة للتوسط فيما بينها كما وصل وفد من حركة فتح الفلسطينية إلى الجزائر، السبت، بدعوة من الرئاسة الجزائرية، وصرح مصدر دبلوماسي فلسطيني بأن “وفد حركة فتح يرأسه عضو اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لمنظمة التحرير عزام الأحمد”.
وأشار المصدر إلى أن الوفد سيبدأ محادثات مع المسؤولين الجزائريين لبحث سبل ضمان إنجاح الحوار الوطني واستكمال عملية المصالحة الفلسطينية، كما أعلنت حماس أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية "تلقى من السفير الجزائري في قطر دعوة من الدولة الجزائرية لإرسال وفد يمثل قيادة الحركة إلى الجزائر".