بدلا من إنقاذ الليرة.. وزير المالية التركي يهاجم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
تعرض وزير المالية التركي للتوبيخ والانتقادات الحادة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين واجهوه بالفشل الذريع في إنقاذ العملة التركية وذلك بعد أن حاول إلهاء الرأي العام عن تدهور الليرة بادعائه أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي للولايات المتحدة) تديره 5 عائلات.
وغطت صحيفة أحوال التركية تفاصيل ما واجهه وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين النبطي من ردود الأفعال العنيفة من قبل الأكاديميين والاقتصاديين والجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن قال إن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ليس مستقلاً، بل تديره أسر غنية، في محاولة بائسة لتبرير تدخل الرئيس التركي في قرارات البنك المركزي التركي وهو التدخل الذي يعتبره الخبراء سببًا رئيسيًا في انهيار الليرة وتراجعها لأدنى مستوياتها وفقدانها معظم قيمتها مقابل العملات الأجنبية وبصفة خاصة الدولار في غضون بضعة أشهر.
وكان النبطي، 58 عامًا، الذي عينه الرئيس رجب طيب أردوغان في 2 ديسمبر بعد استقالة سلفه بسبب خلافات حول السياسة الاقتصادية، قد أدلى بهذه التصريحات في مقابلة تلفزيونية مع قناة سي إن إن التركية الإخبارية وقال "البنك المركزي الأمريكي ليس ملكًا للجمهور، إنه في أيدي خمس عائلات"،
وعلق تيم آش، كبير محللي الأسواق الناشئة في مؤسسة بلوباي لإدارة الأصول، ومقرها لندن، عبر تويتر مؤكدًا أن تصريحات الوزير مجنونة ومحرجة لتركيا، وتابع آش: "تركيا بحاجة إلى محترفين في المناصب الرئيسية، كيف يمكن لوزير مالية إحدى دول مجموعة العشرين - تركيا الدولة التي نظنها جادة - أن يقول مثل هذا الهراء؟".
وأثناء المقابلة، كان النبطي، المدير السابق لأكبر مجموعة أعمال إسلامية في تركيا، يدافع عن استقلال البنك المركزي التركي، الذي خفض أسعار الفائدة بمقدار 5 نقاط مئوية إلى 14٪ منذ سبتمبر على الرغم من تسارع التضخم وفقًا لتعليمات من أردوغان، وانتقد المستثمرون والاقتصاديون والمعارضة السياسية في تركيا البنك المركزي بسبب قراره خفض أسعار الفائدة بناءً على أوامر من الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يزعم أن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب ارتفاع التضخم.
وقال إبراهيم طورهان، الأكاديمي والنائب السابق لرئيس البنك المركزي التركي: "المشكلة هي أن نظرية المؤامرة غير الواقعية وغير المنطقية والمضحكة قد تم التعبير عنها علانية أمام أعين الملايين وبجدية تثير الدهشة من قبل مسؤول رسمي رفيع المستوى في بث تلفزيوني، فكروا في الأمر بهذه الطريقة: ما رد فعلك على تعيين رئيس لوكالة الفضاء ناسا يعتقد أن كوكب الأرض مسطح وليس كرويًا!"، وتساءل طورهان: "ماذا سنقول عن السياسة الاقتصادية بعد هذا؟".
وأقال أردوغان ثلاثة محافظين للبنك المركزي واستبدل معظم أعضاء لجنة السياسة النقدية منذ حصوله على سلطات رئاسية جديدة واسعة في عام 2018 وتحول نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، وفي وقت سابق من ديسمبر، قال أردوغان إن حكومته تدعو إلى خفض أسعار الفائدة لأن التعاليم الإسلامية تحرم الربا.
وقال سنان كيدي، الأستاذ المساعد للدراسات الأمنية في كلية الدراسات الأمنية في تركيا: "عرض وزير المالية التركي للعنصرية ومعاداة السامية علنًا - هذه هي الطريقة التي يفكر ويتحدث بها الغالبية العظمى من أتباع الإسلام السياسي في تركيا، ي مجالسهم الخاصة في الغالب، ولكن في هذه الحالة خرجت تلك التصريحات المتطرفة على التلفزيون العام، فأي تداعيات وأي عواقب تنتظرنا!".
تسببت السياسة النقدية غير التقليدية لتركيا في خسائر حادة لليرة التركية، التي تراجعت 43 في المائة مقابل الدولار هذا العام، مما دفع أردوغان إلى تقديم خيار للأتراك لربط ودائعهم بالليرة بقيمة الدولار الأسبوع الماضي ويزعم أردوغان أن سياساته ستحد من التضخم، الذي بلغ 21.3٪ في نوفمبر ولكن خبراء الاقتصاد يؤكدون أن التضخم قد يتسارع إلى 30 بالمئة سنويا في ديسمبر، وفقا لاستطلاع خبراء أجرته رويترز، وتتجه الأسواق الناشئة الرئيسية الأخرى حول العالم إلى تشديد السياسة النقدية للتعامل مع التضخم.
وقال هنري باركي، الزميل الأول المساعد لدراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية، ردًا على تعليقات وزير المالية التركي النبطي: "كم كنت غبيًا، كل هذه السنوات كنت اعتقد أن المسيطرين على الاحتياطي الفيدرالي 10 عائلات، فكشف الوزير التركي أنهم 5 فقط!".