الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

خلال 2022.. التضخم صداع كبير في رأس حكومات العالم وأسواق المال والبنوك المركزية

الرئيس نيوز


في يناير الماضي، كان من المتوقع أن تنهي الولايات المتحدة العام 2021 بنسبة تضخم تبلغ 2٪. بدلا من ذلك يقترب معدل التضخم في ديسمبر من 7٪. ونحن على أعتاب العام الجديد، 2022، كما قد ترتفع الأجور لاستيعاب ارتفاعات أسعار السلع.


مع طفو قضية تغير المناخ على سطح اهتمامات القوى الدولية، بسبب ارتفاع الظواهر الجوية المدمرة، قد تستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، ولكن كوفيد19 لم يبتعد عن الصورة الكاملة، فكل المخاطر لا تسير في نفس الاتجاه، ويمكن لموجة جديدة من الفيروس أن تضرب قطاع السفر على سبيل المثال - مما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، ومع ذلك، فإن التأثير المشترك يمكن أن يظل بمثابة صدمة تضخمية مصحوبة بركود تضخمي تترك بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى دون إجابات سهلة، ولعل ذلك يفسر عدول محافظ الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول خلال اجتماعات المركزي الأمريكي عن رأيه السابق الذي تمسك به طوال السنة، حيث أعلن أمام الكونجرس أنه قد آن الأوان للتخلي عن وصف التضخم بأنه "ظاهرة مؤقتة"، واعترافه بأن التضخم ظهر على المشهد الاقتصادي ليبقى ولن يزول قريبًا.


السلع الغذائية

الجوع محرك تاريخي للاضطرابات الاجتماعية، وقد أدت مجموعة من تأثيرات الطقس السيئ إلى دفع أسعار الغذاء العالمية بالقرب من مستويات قياسية، ويمكن أن تبقيها ذات العوامل مرتفعة العام المقبل، وأحدثت صدمة أسعار الغذاء الأخيرة في عام 2011 موجة من الاحتجاجات الشعبية، لا سيما في الشرق الأوسط ولا تزال العديد من البلدان في المنطقة تعاني من تلك الآثار السلبية، ولكن تقرير بلومبيرج أشار إلى أن إثيوبيا، في القرن الأفريقي، والسودان واليمن ولبنان، بالمنطقة العربية، دول باتت تحت الضغط بالفعل، وتبدو جميعها معرضة للخطر على الأقل اليوم كما كانت في عام 2011 تمامًا، وبعض الدول أصبحت أكثر هشاشة، ولكن التقرير يؤكد أن مصر ميسورة فيما يتعلق بتوافر السلع الغذائية وبصفة خاصة القمح.


وحذر التقرير من أنه نادرًا ما تكون الانتفاضات الشعبية أحداثًا محلية، فخطر ضرب الاستقرار الإقليمي الأوسع هو خطر حقيقي، لذا لجأت الحكومة الأرجنتين لفرض سقف على صادرات الذرة والقمح في محاولة جديدة من قبل الحكومة اليسارية لمواجهة تضخم أسعار المواد الغذائية في الداخل، ومن المتوقع أن تقرر الحكومة أولاً كمية الحبوب المطلوبة في الأرجنتين، ثم تشرع في منع المصدرين من تسجيل الشحنات التي قد تعرض تلك الإمدادات المحلية للخطر، وفقًا لقرار نُشر على موقع الحكومة على الإنترنت يوم الجمعة.


الأسمدة والعمالة

أما مجلة Fortune الأمريكية فتؤكد أن أسعار المواد الغذائية بالفعل عند أعلى مستوى لها منذ 10 سنوات، وتشير إلى تقرير قاتم جديد كشف عن أن هذا الموقف الراهن للأسعار لن يتحسن في 2022، إذا كان عام 2022 يعد باضطرابات أقل في سلاسل التوريد نتيجة وباء كوفيدـ19، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بأسعار السلع الزراعية، فإن أي شعور بالعودة إلى الوضع الطبيعي يبدو مستبعدًا، والتضخم عند مستوياته الحالية من المتوقع أن يرتفع، فهو ليس "مؤقتًا"، وتشير المجلة إلى تقرير قاتم بعنوان "الجحيم في سلة السوبرماركت"، وقال كارلوس ميرا، رئيس أبحاث سوق السلع الزراعية لدى رابوبانك، وهو البنك الذي أصدر التقرير المذكور: "نحن بالتأكيد لا نتوقع أن تعود الأسعار إلى متوسطات خمس أو عشر سنوات". ويرجع ذلك جزئيًا إلى "أرضية" ارتفاع الأسعار العالمية علاوة على ارتفاع تكاليف الأسمدة والمدخلات الأخرى في العمليات الزراعية، وترتفع تكاليف أجور المزارعين أيضًا وفي الوقت نفسه، فإن زيادة التحوط وبناء المخزونات للتخفيف من تأثير صدمات العرض المألوفة الآن تؤدي أيضًا إلى زيادة الطلب.


سجلت أسعار الغذاء العالمية أعلى مستوى لها منذ يوليو 2011 اعتبارًا من أكتوبر، وفقًا لمؤشر أسعار الغذاء التابع لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، والذي يتعقب سلة من المواد الغذائية الأساسية وكان الدافع وراء هذا الارتفاع في الأسعار على وجه الخصوص هو ارتفاع أسعار الحبوب، وبصفة خاصة القمح.


كما شهدت أسواق العقود الآجلة للزراعة زيادات حادة منذ بداية العام، وارتفعت العقود الآجلة لسلع القهوة في الولايات المتحدة بأكثر من 82٪، بينما ارتفع القمح بنحو 26٪، وارتفع السكر بنحو 24٪، وفقًا لدراسة مسحية أجرتها من صحيفة وول ستريت جورنال.


كما أدى ارتفاع تكلفة الطاقة، وكيف أثرت على أسعار الأسمدة، إلى توجيه تحذيرات من المديرين التنفيذيين في الصناعة بشأن مخاطر صدمات الأسعار التي تضرب البلدان النامية، وفي وقت سابق من ديسمبر الجاري، قال الرئيس التنفيذي لشركة الأسمدة النرويجية يارا إنترناشونال إن تكاليف الطاقة قد ارتفعت لدرجة أن الشركة اضطرت إلى خفض إنتاجها من الأمونيا، وهو مكون رئيسي، بنسبة تصل إلى 40٪. قال سفين توري هولسيثير إن تكاليف إنتاج طن من الأمونيا ارتفعت من 110 دولارات في الصيف الماضي إلى حوالي 1000 دولار لهذا الطن، وعلق في ذلك الوقت قائلاً: "أخشى أننا سنواجه أزمة غذائية"، فإذا كانت هناك سلعة واحدة تلخص الضغوط على أسعار الغذاء العالمية - والمخاطر - فهي القمح. تقترب العقود الآجلة للقمح في شيكاغو من أعلى مستوى لها في تسع سنوات، في حين أن القمح على مستوى العالم قد انزلق إلى أكبر عجز له منذ عام 2012-2013، كما يقول ميرا ويمثل هذا العام الثاني على التوالي الذي يشهد عجزًا - بعد 10 سنوات سابقة كان العالم ينتج فيها قمحًا أكثر مما يحتاج إليه، وكان يحتفظ بالمخزونات.


ظاهرة النينيا تحرق القمح

يرجع العجز في إمدادات القمح في جزء كبير منه إلى الطقس، مع الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة التي وجهت ضربة قاسية لمنتجي القمح الرئيسيين بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وروسيا، والتي تفاقمت بسبب حدثين متتاليين من ظاهرة النينيا، التذبذب الجنوبي هو تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي، مؤثرًا على المناخ في الكثير من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية وأوضح ميرا: "كان تأثير الطقس على مناطق القمح الرئيسية فظيعًا"، ولأن القمح عنصر أساسي يدعم الأمن الغذائي الأساسي، يمكن أن يكون لارتفاع أسعار القمح عواقب جيوسياسية خطيرة.


وقال ميرا: "إنها سلعة يكون فيها التضخم أو الأسعار المرتفعة للغاية هو الأكثر إثارة للقلق"، مشيرًا إلى جهود الحكومات - التي تعاني بالفعل من الاضطرابات بشأن الوباء - للحد من تعرض الجمهور لارتفاع الأسعار وورفعت روسيا، وهي منتج رئيسي للقمح، ضريبة صادراتها على القمح لتحفيز الاحتفاظ بالإمدادات في الداخل، وقال ميرا: "هذا مخيف للغاية". "لقد تم إلقاء اللوم في نشوب أحداث مثل الثورة الفرنسية والربيع العربي على ارتفاع أسعار المواد الغذائية"، ويتوقع رابوبانك فائضاً ضئيلاً في القمح في النصف الأخير من عام 2022، لكنه لا يكفي لتعويض النقص الذي يواجهه العالم هذا العام.