"ما جناه أردوغان على شعبه".. طوابير الخبز ظاهرة جديدة في تركيا
أصبحت طوابير الخبز في تركيا من المشاهد المألوفة في كل يوم، إذ يصطف المواطنون واللاجئون في انتظار شراء خبز رخيص في برد الشتاء في جميع أنحاء تركيا في الأسابيع الأخيرة.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية التي لا غنى عنها، مع المزيد من الارتفاعات التي تلوح في الأفق طوال الشتاء، وكما هو الحال في جميع الدول الشرقية، يعتبر الخبز من الأطعمة الرئيسية في المطبخ التركي، مما يعني أن أسعار الخبز والمخبوزات بشكل عام مهمة دائمًا للجمهور وبالنسبة للفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وأصبح الخبز وسعره أكثر أهمية الآن بعد أن ذابت قوتهم الشرائية وسط تراجع الليرة التركية وارتفاع التضخم، وتعتمد تركيا على القمح المستورد لتلبية الاستهلاك المحلي من الخبز والمنتجات المخبوزة، وقد فاقم موسم الجفاف من الحاجة لاستيراد القمح هذا العام، ومن ثم أدى التأثير المشترك - الزيادة العالمية في أسعار القمح وانخفاض قيمة الليرة - إلى تأجيج سلسلة الزيادات في الأسعار في هذا القطاع، وأصبح استيراد القمح من الجوانب السلبية الهيكلية للاقتصاد التركي وسط نقص في الإنتاج المحلي حيث تدعم الحكومة واردات القمح منذ سنوات.
ومن المتوقع أن يصل تضخم المستهلك الشهري في تركيا إلى 15٪ في ديسمبر وأن يصل المعدل السنوي إلى 35٪ على الأقل، ومن المقرر أن يصدر معهد الإحصاء التركي الأرقام الرسمية للتضخم بتاريخ 3 يناير، إذ يخصص المعهد وزنا للغذاء بنسبة 26٪ في مسحه الشهري لتضخم المستهلكين ويمثل الخبز حصة 2.5٪ في هذه القراءة ومع ضم منتجات المخبوزات الأخرى، ترتفع الحصة إلى 5٪.
وبلغ متوسط الارتفاع الشهري في أسعار الخبز 1.6٪ منذ عام 2018، متجاوزًا متوسط تضخم المستهلك الشهري البالغ 1.3٪ في نفس الفترة وحدثت أكبر زيادة شهرية - 7.1٪ - في نوفمبر، حيث تضاعف التضخم الشهري للمستهلك بنسبة 3.5٪، وتبدو التوقعات لشهر ديسمبر والأشهر التالية أكثر كآبة في أعقاب الانخفاض المذهل لقيمة الليرة خلال الشهر الماضي وارتفع سعر الدولار بنسبة 70٪ إلى 17 ليرة في 17 ديسمبر من 10 ليرات في 16 نوفمبر، وربما انتعشت الليرة بشكل كبير منذ 20 ديسمبر بسبب خطة أنقرة لحماية الودائع بالليرة من تقلبات العملة، لكن تكاليف المدخلات المستوردة في وقت سابق تؤثر على ارتفاع أسعار العملات الأجنبية بالفعل وتنعكس في تكاليف السلع والخدمات على المدى القريب.
ويبلغ معدل كفاية القمح في تركيا - مدى تلبية الإنتاج المحلي للطلب المحلي - 89.5٪، مما يعني أن الفجوة المتبقية البالغة 10.5٪ يتم تغطيتها من خلال الواردات، وتقلصت حقول زراعة القمح في تركيا بأكثر من الربع لتصل إلى 9.2 مليون هكتار في العقد الماضي ويُقدر إنتاج القمح لهذا العام بـ 17.7 مليون طن - بانخفاض يقارب 14٪ من 20.5 مليون طن في عام 2020 وأقل كمية في الـ 14 عامًا الماضية ويعزى الانخفاض بشكل بارز إلى الجفاف الشديد في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية والوسطى من البلاد، وفقًا لمصطفى سونميز الخبير الاقتصادي التركي، في تقرير نشره موقع المونيتور الأمريكي.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن المواطن التركي سينجول إيسن، 57 عامًا قوله: "لا يستطيع الناس تدبير أمورهم، لقد عملت 21 عامًا كعامل نظافة في الجامعة، والآن أنتظر في طابور انتظار الخبز"، واليوم يتصارع الأتراك مع التضخم المتصاعد، وهم يشاهدون ارتفاع الأسعار يوميًا حيث انخفضت الليرة مقابل الدولار ولم تعد رواتبهم ومعاشاتهم تغطي حتى أساسيات الحياة وبدأت طوابير الخبز في الظهور في الأحياء حيث يتجه عدد متزايد من الناس إلى الخبز الرخيص الذي توفره الحكومة لموائدهم بشق الأنفس، ورفض كثيرون التحدث مع مراسل التايمز أو إجراء مقابلات معه خوفًا من الوقوع في مشاكل لانتقادهم حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، التي كثيرًا ما تحتجز منتقديه، وأولئك الذين تحدثوا رفضوا الكشف عن أسمائهم، ولكن مع بدء المحادثة، أخذ التذمر في النمو.
وعلى الرغم من أن الأكشاك الحكومية تعمل منذ سنوات في أحياء الطبقة العاملة في اسطنبول، فإن الكثير من الناس يشترون الآن الخبز الأرخص، وقالت إحدى الشابات: "ليس عليك أن تسأل كيف تسير الأمور، يمكنك أن ترى الطابور بعينيك"، وقال رجل كبير من خلفها: "نرى الأسعار تزداد صباحاً ومساءً". وقال عن الحكومة "إنهم لا يسألون عن أحوال الناس"، مضيفًا: "لكنك ترانا هنا في الطوابير"، ووقف فني كهربائي يستمع فعلق قائلاً: "الناس يتألمون" منهم من يكسب 2900 ليرة شهريًا حوالي 207 دولارات بالأسعار الحالية، وقد ارتفع إيجاره لتوه إلى 2000 ليرة ومن كانت زوجته تشتري القليل من كل شيء في تسوقها الأسبوعي أصبحت لا تستطيع تغطية نفقات منزلها".