نيوزويك: الشرق الأوسط يستعد لاستقبال حروب المخدرات
في أبريل 2021، حظرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى مؤقتًا استيراد المنتجات الزراعية من لبنان، ولم يكن هذا ردًا على أحداث سياسية أو على استفزاز عسكري أو سياسي علني، بل جاء الحظر رداً على اكتشاف شحنة ضخمة من مادة الأمفيتامين كابتاجون مخبأة في منتجات لبنانية وصلت إلى ميناء سعودي وفقًا لمجلة نيوزويك الأمريكية التي أكدت أن الكبتاجون هو اسم تجاري لعقار خطير ومسبب للإدمان من نوع الأمفيتامين يتضمن هيدروكلوريد الفينيثيلين.
والكبتاجون ليس جديدا على الشرق الأوسط، فهو من العقاقير الموجودة منذ أوائل الستينيات وهو عقار شائع في الحفلات بالنسبة للبعض ومع ذلك، فإن حجم إنتاج الكبتاجون والاتجار به في سوريا وحولها ظاهرة جديدة ومثيرة للقلق.
وصف تقرير استقصائي صدر مؤخرًا في صحيفة نيويورك تايمز كيف أصبح إنتاج الكبتاجون والاتجار به على نطاق صناعي سريعًا لا غنى عنه من الناحية المالية لبعض القوى السياسية المدعومة من إيران ومن المحتمل أيضًا أن يوفر التفرع في سوق الأمفيتامين مصادر جديدة للدخل لمجموعات وكلاء إيرانيين أخرى نشطة في تجارة المخدرات العالمية.
وأدت الأزمة المالية في لبنان، إلى جانب الآثار طويلة المدى للعقوبات الأمريكية والأوروبية، إلى قطع مصادر مهمة لتمويل المنظمات والأنظمة التي تدور في فلك طهران والتي صارت بحاجة ماسة إلى المال، ومن ذم لجأت تلك الجهات إلى الكبتاجون، الذي يتم شحنه من الموانئ السورية واللبنانية، مما أدى إلى توفير ما يكفي من الأموال التي ساهمت في تأجيج الأوضاع العسكرية والتوترات الأخرى ويشير هذا التحول إلى تجارة المخدرات إلى مرحلة جديدة في الصراعات وربما أيضًا ظهور بعض الدول بالمنطقة كدولة مخدرات.
وتشير التقارير الاستقصائية إلى تجارة عالمية بمليارات الدولارات، ففي يوليو 2020، صادرت السلطات الإيطالية 84 مليون قرص من عقار الكبتاجون بقيمة إجمالية قدرها 1 مليار يورو، يُعتقد أنها شحنت من ميناء اللاذقية وكانت أكبر عملية ضبط للأمفيتامينات في العالم حتى الآن، وفقًا للحكومة الإيطالية.
قامت السلطات في رومانيا، وماليزيا، واليونان، ومصر، والأردن، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة وأماكن أخرى بمصادرة كميات إضافية من العقار المخدر ولا تسهل تجارة المخدرات والكبتاجون توفير الأموال لأغراض مشينة فحسب، بل قد تؤدي أيضًا إلى مزيد من عدم الاستقرار من خلال الانتشار الواسع لاستخدام الأمفيتامين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها.
يُعد النزاع والتدمير والتشرذم الإقليمي من العوامل الرئيسية التي تسمح للجماعات المسلحة ورجال الأعمال في مجال المخدرات بالاستفادة من تجارة المخدرات وغالبًا ما يؤدي إنتاج المخدرات والاتجار بها على نطاق واسع من قبل الأنظمة المارقة أو في الأماكن غير الخاضعة للحكم أو الإدارة الضعيفة إلى مزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، مما يؤدي إلى زيادة الإجرام ومشاكل الصحة العامة في البلدان المستهلكة والمنتجة ويكاد هذا النموذج يترسخ الآن في ليبيا، حيث توجد تجارة مزدهرة للكبتاجون.
علاوة على ذلك، فإن أسواق المخدرات ليست ثابتة ويمكن لأسواق الأمفيتامين الكبتاجون اليومأن تتحول بسهولة إلى أسواق أقوى بكثير للميثامفيتامين، وهو ما حدث في أفغانستان، ويتطلب وقف مد إنتاج الكابتاجون والاتجار به في الشرق الأوسط تنسيقًا وإنفاذًا مكثفًا لتحسين حظر المخدرات في بلدان العبور والأسواق الخارجية من أجل مواجهة هذه التهديدات قبل أن تنتشر وتصبح غير قابلة للإدارة، وقالت المجلة: "يجب على الولايات المتحدة بذل جهود دولية لتعطيل وتفكيك شبكات إنتاج المخدرات وتهريبها المرتبطة بالقوى السياسية المفلسة.
يجب أن يبدأ أي جهد من هذا القبيل بعملية منسقة مشتركة بين الوكالات لدمج الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية وإنفاذ القانون لتحديد ومقاضاة أو معاقبة الأفراد والشركات المتورطة في شبكات إنتاج وتجارة الكابتاجون في الشرق الأوسط خاصة تلك التي تدعمها بعض الدول، ويجب على الولايات المتحدة أيضًا دعم التحقيقات المتعلقة بإنفاذ القانون والعقوبات في البلدان الشريكة التي تتلقى أو تنقل كميات كبيرة من سلائف الكابتاجون أو الكابتاجون.
إدراكًا للمشكلة، أصدر الكونجرس دعوات متعددة لتطوير استراتيجية مشتركة بين الوكالات لاستهداف شبكات التهريب والعمل عن كثب مع الحلفاء والحكومات المتضررة، ولكن من غير المرجح أن تتقلص تجارة المخدرات المتنامية، ناهيك عن أن تختفي، حتى تنتهي الصراعات الأهلية نفسها فقط من خلال الضغط الدولي والجهود الدولية المنسقة بين الوكالات لاستهداف تهريب المخدرات وإيجاد حل سياسي للصراعات الأهلية.