بين الخوف والرجاء.. "أوميكرون" أحد أبرز تهديدات الاقتصاد العالمي في 2022
مع ظهور جائحة كورونا، نشرت الصحف ووسائل الإعلام الكثير والكثير من التنبؤات التي لم يتحقق معظمها على أرض الواقع، لذا يجب أن يتريث أي شخص يتطلع إلى العام الجديد 2022، الذي سيبدأ بعد عدة أيام، وأن ينتظر حتى تتوافر كافة المعطيات قبل أن يقفز لاستنتاج ما إذا كان العام الجديد يحمل أخبارًا جيدة للاقتصاد أم خلاف ذلك.
يتحدث معظم الاقتصاديون اليوم عن عناوين عريضة، ولا يعد خبراء بلومبرج استثناءً من هذه القاعدة، وكمعطيات أساسية هناك على سبيل المثال لا الحصر انتعاش اقتصادي قوي في أمريكا، وتعثر للتعافي الاقتصادي في أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، ولكن العام 2021 أبى أن يرحل دون أن يجلب في شهره الأخير التحول عن السياسة النقدية الطارئة التي طبقتها غالبية الدول لإنقاذ الاقتصاد في ظل ظروف الوباء.
ومن بين أبرز 10 مخاطر يواجهها الاقتصاد العالمي في 2022، متحور كورونا الجديد أوميكرون، ومعدلات التضخم الساخنة وقرار البنك الاحتياطي الفيدرالي الأخير بسحب حزمة التحفيز والإسراع من إنهاء برنامج مساعدات كورونا عن طريق خفض مشتريات السندات الحكومية، وانهيار عملاق التطوير العقاري متمثلاً في مجموعة إيفرجراند المثقلة بالديون، وتطورات الخلاف بين الصين وتايوان، ومحاولات الأسواق الناشئة التشبث بالنمو، والبريكست الصعب، وأزمة اليورو الجديدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط، كل هذه الأمور تظهر في معرض الحديث عن المخاطر الاقتصادية الكبرى.
قد تسير الأمور في بعض هذه الملفات بشكل أفضل مما كان متوقعًا أيضًا، وبالطبع قد تقرر الحكومات الإبقاء على الدعم المالي للتجارة دون تعديل فيما تبقى من سنوات الوباء، ويمكن أن تحفز الخطة الخمسية الأخيرة للصين على زيادة الاستثمار، وقد تكون المدخرات الوبائية قادرة على تمويل الإنفاق العالمي الضخم.
ووفقًا لصحيفة BusinessStandard، قامت وكالة بلومبرج إيكونوميكس ببناء أداة جديدة لنمذجة المخاطر الاقتصادية العالمية، وتستخدم في التوصل إلى صورة تقريبية لاختبار الإجهاد للاقتصاد العالمي في عام 2022، ولكن بشرط الاتفاق من حيث المبدأ على أنه لا يزال من المبكر إصدار حكم نهائي بشأن متغير أوميكرون الذي يبدو أنها أكثر عدوى من المتحورات السابقة، ولكنه قد يكون أقل فتكًا أيضًا من فيروس كورونا، ومن شأن ذلك أن يساعد العالم على العودة إلى ما يشبه الوضع الطبيعي لما قبل الجائحة - مما يعني إنفاق المزيد من الأموال في قطاع الخدمات، ولعل ذلك يفسر سر اهتمام العالم بأوميكرون منذ ظهر للمرة الأولى في جنوب إفريقيا، فالمؤكد أن العالم يبحث عن بشرى، بعد أن أدت عمليات الإغلاق والحذر من كوفيد 19 إلى إبقاء البشر خارج الصالات الرياضية والسينما والمسرح والمطاعم.على سبيل المثال، وشجعهم الوباء في نسخته الأولى على شراء المزيد من الأشياء، بدلا من ذلك، قد تؤدي إعادة توازن الإنفاق إلى تعزيز النمو العالمي إلى 5.1٪ مقارنة بتوقعات قاعدة بلومبيرج إيكونوميكس البالغة 4.7٪.
وقد لا يحالف الحظ العالم في حالة ظهور أي متحور يثبت أنه أكثر عدوى وفتكًا، لأن النتيجة المتوقعة هي إعاقة الاقتصادات، فالعودة للإغلاق الإجباري للمرافق ولجوء العالم لإجراءات مشددة لمواجهة انتشار العدوى كما في بعض دول مثل المملكة المتحدة، التي تحركت بالفعل في هذا الاتجاه، من شأنها أن تعيق النمو في عام 2022 ليتباطأ إلى أقل من 4.2٪.
في ظل هذا السيناريو، سيكون الطلب أضعف ومن المرجح أن تستمر مشاكل العرض في العالم، مع إبعاد العمال عن أسواق العمل والمزيد من الأزمات اللوجستية، وبالفعل في هذا الشهر، شهدت مدينة نينجبو الصينية - موطن أحد أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم - عمليات إغلاق جديدة، علاوة على قرار النمسا بالإغلاق الإلزامي، فوفقًا لموقع دويتش فيله، تصبح اللقاحات فعّالة بعد أسبوعين على الأقل من تاريخ التطعيم، ما يجعل قيود التواصل مع الآخرين الحل الوحيد لوقف انتشار الفيروس. وهذا ما دفع النمسا لفرض الإغلاق من جديد وسوف تستمر إجراءات الإغلاق في النمسا خلال موسم الكريسماس، وحتى صدور إشعار آخر.
وقال رئيس الوزراء الهولندي، مارك روتي، إن بلاده ستبدأ إغلاقاً كليّاً جديداً اعتباراً من صباح غد الأحد، في محاولة للحدِّ من الإصابات بــ"كوفيد - 19"، وتقليل انتشار متحور "أوميكرون"، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز”، وأضاف "روتي" في مؤتمر صحفي: "هولندا تغلق أبوابها مرة أخرى. هذا أمرٌ لا مفر منه، بسبب الموجة الخامسة التي تأتي علينا مع متحور أوميكرون”،ووفقاً لرئيس الوزراء الهولندي، فإنه سيتم إغلاق المحال التجارية والمدارس والحانات والمطاعم والأماكن العامة غير الرئيسية حتى منتصف يناير المقبل.
وتتضمن التدابير الأخرى التي اتخذتها الحكومة التوصية بعدم استقبال الأسر لأكثر من زائرين اثنين في المنزل، وأن تقتصر التجمعات بالأماكن المفتوحة أيضاً على فردين كحدٍّ أقصى، وقال رئيس الوزراء، إن التقاعس عن اتخاذ إجراءات الآن من شأنه أن يؤدي إلى "وضع لا يمكن السيطرة عليه في المستشفيات"، التي قلّصت بالفعل خدماتها للرعاية المنتظمة لإفساح المجال لمرضى "كوفيد-19"، وفي نوفمبر الماضي اندلعت تظاهرات في هولندا، اعتراضاً على الإجراءات الحكومية، والحظر الجزئي في مواجهة انتشار الفيروس، وتزايد حالات العدوى.
تستقبل المملكة المتحدة العام الجديد بموجة جديدة من عدوى أوميكرون، وترتفع الإصابات اليومية إلى أعلى مستوى على الإطلاق، وتضطر الشركات البريطانية لإغلاق أبوابها مرة أخرى، ولكن ليس بسبب تعليمات الحكومة، بل قررت المطاعم والأماكن الأخرى الإغلاق بقرار ذاتي لأنه ليس لديها خيار سوى الإغلاق مبكرًا بسبب إلغاء الحجوزات الملغاة والمخاوف بشأن صحة الموظفين، وفقًا لتقرير جوليا هورويتز، مراسلة CNN، التي قال لها فرحات ديريك، الشريك في ملكية مطعم منجال – 2 الواقع في شرق لندن، إنه قرر الإغلاق قبل أسبوع من الموعد المخطط له بسبب إلغاء الحجوزات وحالة عدم اليقين العامة قبيل موسم الكريسماس، مما إنه يؤثر على معنويات الموظفين ودخلهم الشهري، وتشكل عمليات الإغلاق تهديدًا جديدًا للاقتصاد وصداعًا للحكومة، بعد ما يقرب من عامين من انتشار الوباء.