الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الدعم الصيني لإثيوبيا.. هل يسهم في تعقيد العلاقات بين بكين والقاهرة؟

الرئيس نيوز

قام وزير الخارجية الصيني، وانج يي، بزيارة إثيوبيا مطلع ديسمبر الجاري ‏وأجرى محادثات مع نظيره الإثيوبي، ديميكي ميكونين، وأكد وانج في مؤتمر ‏صحفي عقب المحادثات أن بلاده ترفض أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية ‏لإثيوبيا وأكد معارضة الصين لأية محاولات لفرض مصلحة سياسية خارجية ‏على الشؤون الداخلية الإثيوبية ودعمها القوي للحكومة الإثيوبية ورئيس الوزراء ‏آبي أحمد.

بدوره، أكد ميكونين التزام الحكومة الإثيوبية بتعزيز العلاقات القوية ‏مع الصين ولعب دور محوري في المجالات الثنائية والمتعددة الأطراف، في ‏اليوم التالي، سارعت شخصيات مصرية إلى انتقاد الزيارة وأكد اللواء أحمد ‏العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، رفض بلاده لأي ‏تحرك من شأنه زعزعة السلم والأمن في المنطقة، وحذر العوضي من أن انحياز ‏أي طرف في الصراع الإثيوبي المصري سيثير حالة من الفوضى في المنطقة ‏ويغضب مصر ويزعزع الاستقرار في المنطقة ويؤثر سلبا على صراع سد ‏النهضة الإثيوبي.‏

وتعليقًا على هذه القضية، أشار سمير غطاس، عضو البرلمان السابق ورئيس ‏منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن الصين كانت ‏ولا تزال تدعم النظام الإثيوبي بكل قوتها على الصعيدين العسكري والسياسي، ‏وأشارت صحيفة ‏Global News‏ الكندية إلى أن الصين لا ترغب في أن ينهار ‏النظام الإثيوبي أو يسقط على أيدي القوات التيجرانية.

كما أكدت صحيفة ‏Global ‎Times‏ الصينية أن هذه التحركات الدبلوماسية الصينية لا تستهدف مصر على ‏الإطلاق، بل تهدف إلى الحفاظ على المصالح الصينية في إثيوبيا، خاصة وأن ‏سقوط النظام الإثيوبي سيهدد مصالح الصين، وفقًا لمبادرة أبحاث الصين ‏وأفريقيا بجامعة جونز هوبكنز، اقترضت إثيوبيا 13.7 مليار دولار من 148 ‏مليار دولار في شكل قروض قدمتها الصين إلى البلدان الأفريقية بين عامي ‏‏2000 و2018، كما تعمل حوالي 500 شركة صينية في إثيوبيا باستثمارات ‏تتجاوز 1.5 مليار دولار.‏

في 6 مارس، وقعت الصين وإثيوبيا مذكرة تفاهم بشأن إنشاء آلية حماية أمنية ‏للمشاريع الكبرى في إطار مبادرة الحزام والطريق في إثيوبيا. ووقعت المذكرة ‏في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين المفوض العام للشرطة الفيدرالية الإثيوبية ‏ديميلاش جبريميشائيل وسفير الصين لدى إثيوبيا تشاو تشي يوان، وأكد ‏جبريمايكل في حفل التوقيع أن الصفقة ستعزز السلامة والأمن في مشاريع ‏التنمية الكبرى في الدولة الأفريقية.

وفي 2 سبتمبر أيضًا، نشر موقع ‏oryxspioenkop‏ الخاص بشؤون الأمن والدفاع، تقريرًا عن إمداد الصين ‏بطائرات بدون طيار إلى إثيوبيا لدعم أبي أحمد في حربه ضد جبهة تحرير ‏تيجراي  الشعبية.‏

وكانت زيارة وانج الأخيرة تهدف إلى توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، وتحديداً ‏للولايات المتحدة، مفادها أن الصين ستدعم حليفها أبي أحمد، ولن تسمح بإسقاطه ‏أو انهيار النظام الإثيوبي مهما حدث، وفي 2 ديسمبر، خرج المتحدث باسم ‏وزارة الخارجية الإثيوبية، السفير دينا مفتي، بتصريحات حول مؤامرات مع ‏دول أجنبية للإطاحة بحكومة أبي أحمد وانتقد التدخلات في الشؤون الداخلية ‏لدولة ذات سيادة، في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة وميثاق الاتحاد الأفريقي.

وفي ‏‏6 ديسمبر، أصدرت الولايات المتحدة وخمس دول أخرى - المملكة المتحدة ‏وأستراليا وكندا والدنمارك وهولندا - بيانًا يدين الاعتقالات التي نفذتها قوات ‏الأمن الإثيوبية لآلاف المواطنين على أساس انتمائهم العرقي وحث البيان ‏الحكومة الإثيوبية على وقف هذه الممارسات على الفور، ولعل هذا البيان يفسر ‏اهتمام الإعلام الكندي بتطورات الصراع في شمال إثيوبيا، ونجحت الصين ‏بشكل كبير في إخضاع الجانب الإثيوبي، وتحدي الوجود الأمريكي في إثيوبيا ‏من خلال دعمها غير المحدود للحكومة الإثيوبية وخلق مناطق نفوذ صيني في ‏القرن الأفريقي، وبالطبع لن تتخلى بكين عن هذه المكاسب بسهولة.‏

بيد أن هناك حالة من الاستياء المصري من هذه التحركات، فإثارة الفوضى ‏واستمرار الحرب الأهلية قد يحول إثيوبيا ميدان للحروب بالوكالة مما يهدد الأمن ‏القومي المصري وسد النهضة المتنازع عليه بين مصر والسودان ‏وإثيوبيا ويتوقع المراقبون أن تلجأ مصر إلى الوسائل الدبلوماسية للضغط على ‏الصين خلال الأيام المقبلة، وسط استمرار دعمها لحكومة أبي أحمد، من خلال ‏التقارب مع الولايات المتحدة يأتي ذلك في ظل المنافسة الشرسة بين بكين ‏وواشنطن والصراع بينهما في أكثر من منطقة حول العالم.‏

ترى الصين إثيوبيا كدولة لها دور محوري ومركزي في القرن الأفريقي مع ‏تفهم الثقل الإقليمي الرئيسي لمصر، ولكن الصين تريد تحقيق مصالحها بغض ‏النظر عن أي اعتبارات أخرى، ويستبعد الخبراء في الشؤون الصينية أي توتر ‏في العلاقات المصرية الصينية نتيجة دعم الصين لأبي أحمد، بل ستحاول الصين ‏كسب الدعم المصري من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي مع القاهرة، لئلا تتأثر ‏العلاقات بين البلدين وعلى الرغم من الدعم الصيني لأبي أحمد، تحرص بكين ‏على توطيد علاقاتها مع مصر، باعتبار أن مصر قوة إقليمية وركيزة استثمار ‏في إفريقيا.‏

في 2 ديسمبر، اعترف السفير الصيني بالقاهرة لياو لي تشيانج بأهمية مصر ‏كشريك استراتيجي رئيسي في العديد من المجالات، مؤكدًا أن بلاده ستوسع ‏التعاون مع القاهرة بهدف تحقيق التنمية المشتركة، وفي 25 فبراير، أشارت ‏السفارة الصينية في القاهرة إلى أن الصين كانت أكثر المستثمرين نشاطا في ‏مصر في السنوات الأخيرة وفقًا لأحدث إحصاءات وزارة التجارة الصينية.‏‎ ‎