الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد فقدانه لاليبيلا... لماذا أبدى أبي أحمد استعداده للحوار مع "جبهة ‏تحرير التيجراي؟

الرئيس نيوز

على الرغم من أن أبي أحمد وافق على مشروع تشكيل هيئة الحوار ‏الوطني، بالتزامن مع استمرار الدعوات الدولية لأديس أبابا، بضرورة ‏الانخراط في مباحثات سلام لحل الأزمة في إثيوبيا، إلا أن أطراف ‏النزاع حزب الازدهار بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد، والمعارضة ‏المسلحة بقيادة جبهة تحرير التيجراي، يرفضان الانخراط في مباحثات ‏سلام. ‏
وتدعو أمريكا الحكومة الإثيوبية بالدخول في حوار بناء مع خصومها ‏لحل الأزمة وإنهاء معاناة الشعب الإثيوبي، كما دعا الأمين العام للأمم ‏المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى الحوار أيضًا، ورئيس المجلس ‏الأوروبي شارل ميشيل، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، ‏الذين دعوا رئيس الوزراء الإثيوبي إلى عقد حوار لإنهاء النزاع في ‏بلاده. وهناك أيضاً جهود الوسطاء الأفارقة ومنهم الرئيس النيجيري ‏السابق أولوسيغون أوباسانغو، والرئيس الكيني أوهورو كينياتا، ورئيس ‏دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت وغيرهم.‏

وعلى الرغم من إعلان مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، عودة أبي أحمد ‏إلى مكتبه لمتابعة أعماله، إلا أنه تم الإعلان عن عودته مجددًا إلى جبهة ‏القتال، بعد الحديث عن استعادة "جبهة تحرير تيجراي" بعض المناطق ‏التي فقدتها، مؤخرًا، ومن بين هذه المناطق منطقة "لاليبيلا" الأثرية. ‏
وتمكنت قوات أبي أحمد من تحقيق تقدم ميداني بعدما تعرضت لخسائر ‏كبيرة خلال الفترة الأخيرة، ورجح مراقبون أن يكون السبب في ذلك هو ‏حصول أبي أحمد عن دعم خارجي، فيما تحدثت تقارير صحفية عن أن ‏الاستخبارات الأمريكية توصلت إلى ان دعم صيني تركي إيراني إمارتي ‏وصل أبي أحمد خلال الفترة الأخيرة، وأن البيت الأبيض سوف يوفد ‏المبعوث الخالص لمنطقة القرن الأفريقي إلى تلك الدول لبحث تطورات ‏الأزمة.‏

إمكانية الحوار ‏
وتطرقت تقارير صحفية إلى الأسباب التي جعلت آبي أحمد يتجه نحو ‏الحوار بعد تمسكه بمواصلة الحرب وجعلته يصادق على مشروع تشكيل ‏هيئة الحوار الوطني.‏
تقول الباحثة منى عبد الفتاح، على موقع "إندبندنت عربية" إن من بين ‏تلك الأسباب إثبات ما قاله آبي أحمد عن كون بلاده عضواً مؤسساً لكل ‏من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وهي من دعاة التعددية المتجذرة في ‏احترام السيادة الوطنية، وعليه فإن عدم تقدير مخاوف هذه المؤسسات ‏الدولية والإقليمية سيضع إثيوبيا في مواجهة أخطار المجاعة، وأوضاع ‏اللاجئين والنازحين بمفردها.‏
ومن بين الأسباب الأخرى، أنه بعد انسحاب القوات الإريترية، انكشف ‏بعض الضعف في القوات الفيدرالية الإثيوبية، واضطر آبي أحمد إلى ‏النزول إلى ميدان القتال مع قواته والاستعانة بسلاح الجو الإثيوبي الذي ‏أعاد التوازن للجيش وعدل نتائج المعركة لصالحه.‏
كما تسبب نزاع التيجراي في زعزعة الاقتصاد الإثيوبي، ولم تعد إثيوبيا ‏قبلَة الاستثمار أو تتمتع بالدعم المالي الدولي، بل تهدد اقتصادها العقوبات ‏الدولية. ‏

تضيف الباحثة منى عبد الفتاح: "شلت الحرب حركة إثيوبيا الإقليمية ‏وحدت من مشاركتها في حل مشاكل دول الجوار، باعتبارها حاضنة ‏للاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد (الهيئة الحكومية الدولية للتنمية)، ما ‏أضعف نفوذها ودورها في إرساء الاستقرار الإقليمي، ويأمل أبي أحمد ‏في أن توفر استجابته لإجراء حوار مع قوات التيجراي، غطاءً دولياً ‏لإعادة الدور الإثيوبي إلى سابق عهده. وستضغط القوى الدولية كي لا ‏تتطور المواجهة بين الطرفين وتمتد إلى الإقليم وتهدد قواعدها العسكرية.‏
ووفق تقارير حكومية، فعندما أعلن آبي أحمد عن عودته إلى مزاولة ‏مهماته رئيساً للوزراء، بعد عدد من الانتصارات التي حققها مقابل ‏انتصارات قوات التيجراي، ظهرت صورة جبهة تحرير تيجراي وهي ‏فاقدة السيطرة، لكن بعدما استولت قوات التيجراي مجدداً على بلدة ‏لاليبيلا التاريخية بعد أقل من أسبوعين من سيطرة القوات الحكومية ‏وحلفائها عليها، ظهر أن العملية في مجملها يمكن إدراجها تحت ‏استراتيجية "الكر والفر" أو "الحرب بين الحروب". وإن كانت قوات ‏التيجراي قد سعت إلى تثبيت قواعد هذه الاستراتيجية، فإنه ليس من ‏مصلحتها فتح ما أغلقه آبي أحمد من فرص كانت ستجر إلى توسيع رقعة ‏الحرب.‏

تؤكد الباحثة إلى أن النصر الذي حققته قوات التيجراي ربما يبدده ‏رضوخ آبي أحمد للحوار، وإذا لم تستجب جبهة التيجراي، فسيكون ‏بانتظار تجاوب المجتمع الدولي معه ومكافأته بما يمتلك من أدوات ‏لتحقيق أهدافه القصيرة والطويلة المدى. ويرغب آبي أحمد في الحصول ‏على المساعدة العسكرية، نسبةً إلى أهمية مكانة إثيوبيا في القرن ‏الأفريقي، ومساهمتها في محاربة الإرهاب، وبالتالي فإنه حتى لو انحصر ‏العون الدولي في المساعدات الإنسانية والأمنية، فسيتوفر له غطاء ‏للضغط على جبهة التيجراي.‏
من ناحية أخرى، لا تزال الحكومة الإثيوبية تملك ورقة ضغط تتمثل في ‏الاستغناء عن الغرب، وإن كان الاتحاد السوفياتي دعم أديس أبابا ‏بمساعدات عسكرية بلغت 11 مليار دولار في حربها مع الصومال حول ‏إقليم أوغادين في سبعينيات القرن الماضي، فإنه في حال اشتداد الضغط ‏الغربي عليها، ربما تتجه إلى روسيا أو الصين مستغلةً المنافسة الدولية ‏بين القوى الكبرى، للاستفادة منها بتزويدها بتكنولوجيا بديلة وتعاون ‏عسكري، خصوصاً أن الصين ظلت ملجأ دول أفريقية عدة وغيرها في ‏الالتفاف على العقوبات الأميركية.‏