الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

لماذا تسعى الإمارات إلى "فتح صفحة جديدة في العلاقات" مع إيران وتركيا؟

الرئيس نيوز



بعد أيام قليلة من إعلان المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، أن بلاده سترسل وفداً إلى إيران لبحث العلاقات بين البلدين وتحسينها، قالت وسائل إعلام إيرانية إن مستشار الأمن الوطني الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد، سيزور طهران يوم الاثنين.

قرقاش ولدى حديثه عن زيارة مرتقبة، شدد أن بلاده تشارك المخاوف الإقليمية حول السياسات والأنشطة الإيرانية في المنطقة لكنها ترى أن "المواجهة ليست السبيل الأمثل للمضي قدماً".

وأضاف أن الحوار والتعاون الاقتصاديَّين يشكلان جزءا من إجراءات بناء الثقة مع إيران، وهو "أمر سيستغرق وقتاً"، مشيراً إلى أن الحلفاء الخليجيين على علم بالتحركات الإماراتية، وأن الهدف من ذلك كله هو "فتح صفحة جديدة في العلاقات".


ايد آل نهيان والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بحثا فيه سبل تعزيز التعاون بما يخدم مصالح البلدين، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية.

وهو تأتي أيضاً في وقت تشهد فيه العلاقات الإيرانية الإماراتية صفحة جديدة، رسمتها المتغيّرات التي عرفتها المنطقة مؤخراً، بحسب الكاتب السياسي الإيراني حسين روي وران.

الأكاديمي الإيراني، وفي مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي، أشار إلى أن المنطقة تقف على أعتاب مرحلة جديدة في العلاقات الإقليمية.

شكل انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان، وما يشير إليه من عدم رغبة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الانخراط في المنطقة، عنوان هذه المرحلة، بحسب روي وران، الذي يرى أن هذا الأمر سيؤدي إلى خلق فراغ سياسي لا يمكن أن يُسدّ إلا بطريقتين: التفاهم بين دول المنطقة، أو التنافس والتصادم فيما بينها.


واعتبر روي وران أن جولات المحادثات السعودية الإيرانية في بغداد، والتقارب الإماراتي الإيراني الحالي دليل على أن هذه الدول راغبة في الحوار.

وقال في هذا الإطار: " الإمارات تشجعت كثيراً بعد بدء الحوار بين إيران والسعودية في بغداد، ورأت أنه من الجيد أن تسير في الاتجاه عينه مع الأخذ بعين الاعتبار أن للإمارات منحى مستقلاً عن المنحى السعودي، وإن كان ضمن الإطار نفسه".


وقد برز ذلك وفق الباحث في الشؤون الخليجية، الكاتب السعودي مبارك آل عاتي، من خلال الاتفاقيات التي أبرمت بين الإمارات وإسرائيل، ومن خلال التقارب الأخير بين الإمارات من جهة وتركيا وإيران وسوريا من جهة أخرى، وهو ما يعني برأيه تحولاً قوياً في الدبلوماسية الإماراتية التي أصبحت "دبلوماسية نشطة".

الإمارت وتركيا

أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة  في وقت سابق تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.

ووقع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أل نهيان مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التوقيع على عشر اتفاقيات شملت مجالات عدة، كما أعلنت أبو ظبي تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.. وذلك في تقارب اقتصادي وسياسي تتجاوز تبعاته الإطار الثنائي نحو ملفات الخلاف والاهتمام المشترك بين البلدين. 


في السياق عينه، يشير آل عاتي إلى أن الدبلوماسية الإماراتية تملك عوامل إقناع لكلا الطرفين -الخليجي والإيراني- خاصة وأنها تتقاطع مع الدبلوماسية السعودية في رؤيتها حول ضرورة توجّه المنطقة إلى حال من الاستقرار، لكي تتجنب الصراعات والتدخلات الأجنبية. لكنه يؤكد أن: "الأمر يتطلب تنازلات من الطرفين الخليجي والإيراني على حدّ سواء".

مخاوف متبادلة
لكن وبينما عرفت الأسابيع والأشهر الأخيرة إشارات توحي بوجود نية جدية لتحقيق تقارب خليجي إيراني، لا يزال لدى كلا الطرفين مخاوف تتعلق بالآخر.

إذ يتزامن التقارب الإيراني الخليجي مع مخاوف إيرانية بسبب اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات، وأيضاً بسبب المناورات العسكرية التي أجرتها كلّ من الإمارات والبحرين مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية قبل أسابيع، والتي قالت إسرائيل عنها علانية إنها موجّهة ضدّ إيران.

يشير الكاتب السياسي الإيراني حسين روي وران إلى هذه المناورات، باعتبارها أمرا لا يتناسب مع قواعد فتح أي صفحة جديدة بين إيران والإمارات، مضيفاً أن على الإمارات، إذا كانت جادة في تحقيق تقدم في علاقاتها مع إيران "أن تثبت حسن نيتها تجاه طهران".


في المقابل تبرز مخاوف عدة لدى دول مجلس التعاون الخليجي تتمحور حول توسّع رقعة نفوذ إيران في المنطقة ومنظومتها البالستية وطموحها النووي.

وهو ما يفسّر إصرار هذه الدول على أن تكون طرفاً في أي محادثات دولية تتناول الملف النووي الإيراني. الأمر الذي ترفضه إيران بشدة، لاعتبارها أن الملف النووي هو شأن إيراني مع قوى دولية وليس مع دول المنطقة والخليج، بحسب روي وران.

الباحث في الشؤون الخليجية الكاتب السعودي مبارك آل عاتي، يستبعد هو الآخر أن يكون للإمارات أي دور في التأثير على إيران في موضوع المباحثات النووية، لاعتباره أن مفاوضات فيينا صعبة ومعقّدة وتتطلّب ضغوطاً على مستويات دولية.

ويشير في الوقت عينه إلى أن أي دور إماراتي في هذا الاتجاه لن يعدو كونه دوراً دبلوماسياً، يساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

وبينما ينتظر معرفة ما إذا كانت الزيارة التي أعلن مستشار الأمن الوطني الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد، سيقوم بها إلى طهران، ستسهم حقاً في تحسين علاقات البلدين، يشار إلى أن الإمارات كانت قد شهدت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي زيارة وُصفت بالهامة، قام بها نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري كني، والتقى خلالها المستشار الرئاسي أنور قرقاش ومسؤولين آخرين، في تطوّر نظر إليه حينها كتمهيد أمام تحسّن محتمل في العلاقات بين البلدين.