الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

نانيس أيمن تكتب.. "السلام عن طريق الشوكولاته" بين الواقع والايقاع البطئ 

الرئيس نيوز

قدم فيلم "السلام عن طريق الشوكولاته" الذي عرض لأول مرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضمن قسم العروض الخاصة، بالدورة الـ 43 بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي تقام الان، عمل سينمائي مهم للمخرج الراحل السوري حاتم على، واخذنا الى ليله في حبه "الحاضر الغائب" كما وصفه البعض من محبيه أثناء العرض، الفيلم يعتبر اخر اعماله التي قدمها للسينما.

 ويتناول العمل قصة نجاح عائلة سورية، تتكون من شاب سوري مبدع اسمه طارق حداد وجسد دوره الممثل "أيهم عمار"، الذي سافر إلى كندا بسبب ظروف الحرب في سوريا بعد قصف مصنع الشوكولاتة الخاص بعائلته، وبدأ يكافح من أجل الاستقرار، وظل طارق يجرى وراء حلم الطفولة بان ينجح في أن يكون طبيبًا مشهورًا، ولكن كان لوالده والذي يقوم بدوره الراحل "حاتم على"، وجهة نظر اخرى وهو حلم العمل الحر بإنشاء مصنع الشيكولاته واستمرار الحلم الذي قضت عليه الحرب في سوريا.

بالفعل قاموا بإعادة بناء شركة عصام للشوكولاتة، وبعد تعيينه في دور مدير أعمال بالشركة، كان على طارق الاختيار بين متطلبات الأعمال التجارية المتزايدة بشكل كبير وعرض العودة إلى كلية الطب، ومن هنا بدأ صراع بين الأب والابن، الى ان نصل الى حل للتوازن بين المصنع والعمل كطبيب. 

 العمل يعبر عن مفهوم الواقعية في السينما ومدى علاقة الفن السينمائي بالمرجع الواقعي، فعبرت العائلة السورية عن الاندماج الفعلي والانصهار الإيجابي للاجئين العرب في كندا، فهو قدم نموذجاً إيجابياً وملهماً تم اقتباسه من قصة كفاح واقعية لعائلة سورية، حيث عبر عن واقع تعرض اليه اغلب اهل سوريا بعد الدمار الذي لاحقهم بعد الحرب، فالعمل بدأ بمحاولات شاب يدعى "طارق" ان يستكمل إجراءات سفر عائلته المكونة من والده ووالدته وشقيقته وابنتها، للإلحاق به في كندا، بحيث يجتمع بذلك شمل العائلة من جديد ويستكملوا احلامهم، حيث انه عبر عن واقع تعيشه سوريا.

بالفعل نجح في البداية بسفرهم عدا شقيقته التي استغرق ورق سفرها وقت حتى ألحقت بهم، العمل أخذنا من خلال أحداثه التي سيطرت عليها الايقاع البطئ مثل السينما الاوروبية، الى أن الحلم يخرج من وسط المعاناه، فاستطاع طارق التمسك بحلمه أن يصبح طبيب رغم الحرب ورغم اعتراض والده لانه كان يريد ان يستكمل معاه حلم العائلة وهو مصنع شيكولاته الذي بدأه في كندا من جديد وأستطاع ان يحقق نجاح كبير بعد أن تم حرقه في سوريا من قبل، وهذا يحمل ابعاد سياسية ان الحلم الذي يموت في بلدك بسبب الحروب من الممكن استكماله في اي بلد اخرى ورفع علم بلدك. 

كما نرى هذا الأب الحالم في مشهد المواجهة مع ابنه الذي يجبره على استكمال الحلم معه بالمصنع، فيرى من وجهة نظره انه الاهم، ويبدو الفيلم حتى هذه اللحظة وكأنه يغرق في مبالغات فنتازيا ساخرة وبطئ ايقاع والتكرار الذي لا يفيد، لكن المخرج ينقذ فيلمه بالعودة الى الصورة الواقعية بإظهار صورة طارق وهو مدعوما بمجتمع من النخبويين والانتقائيين، ويكافح هو ووالده في سبيل إيجاد أرضية مشتركة والتغلب على تعقيدات الواجب الأسري، فنجح طارق في تطبيق فلسفة "امساك العصا من المنتصف" بانه سوف يقوم بالتوفيق بين عمله وحلمه واستكمال دراسته كطبيب وبين العمل مع والده في المصنع، مع الاستعانة ببعض الموظفين للمساعدة في مهامه بالمصنع. 

ويجب الوقوف عند مشهد مهم عندما طلب البطل "طارق" من شقيقته فور وصولها الى كندا المساعدة معه في تحمل اعباء العمل بالمصنع مع والدهم، رفضت وبشدة، حيث ترى ان ابنتها تحتاج لها وهي الاهم وخصوصًا في الغربة، فمن الممكن ان يرى المشاهد المعنى الحقيقي للغربة من خلال ذلك المشهد، ان الغربة رغم كل النجاحات والانتصارات التي نحققها بها الا انها ليست مصدر امن وامان مثل بلدنا، فالغربة ليست اختيار بل اجبار. 

من جهة نظرية، يمكن النظر إلى الإطار العام لقصة الفيلم، تبدو حكاية واقعيه تم سردها بأسلوب السهل الممتنع، حيث تشتبك مع سردية التحقق الذاتي للشباب العربي الذي نشأ وتربى في النار الناتجه عن الحرب، شاب مهتم بتحقيق حلمه وحلم جيل باكمله رغم كل المعوقات.

 واستطاع المخرج في نطاق كوميدي ان يصل ذلك للجمهور رغم التطويل في الاحداث دون داعي، فهو قصة تقليدية بأدوات معاصرة تنتمي إلى الحديث أكثر من القديم، واستطاع المخرج حاتم على التركيز على التمثيل بأسلوبه البسيط الذي يصل للجمهور سريعا، فهناك نقاط واضحة تفسر استعادة الفيلم مرة أخرى، لأن كوميديته تظهر من قلب الأدوات البسيطة، ولأن هناك عين واعية تجيد توظيف الصورة، وتجيد كيفية استخدام أدوات الصناعة، بصورتها العالمية، ويأخذ على العمل التطويل في الاحداث دون داعى لذلك . 

الفيلم مأخوذ عن القصة الحقيقية لمصنع الشوكولاتة الكندية (Peace By Chocolate)، وهو من إخراج جوناثان كيجسر مخرج الفيلم الشهير "ماذا سيفعل بيتهوفن؟"، ويتكون طاقم العمل، بالإضافة إلى حاتم علي وأيهم عمار، من يارا صبري ومارك كاماتشو وكاثرين كيركباتريك ونائلة خماري.