هل تقف شركة "أسلسان الدفاعية" وراء التطبيع السريع بين الإمارات وتركيا؟
بدا أن الأسباب المتداولة وراء الانقتاح والتطبيع التركي الإماراتي، ليست مقنعة لكثير من المراقبين؛ خاصة أنه تم حصرها فقط في رغبة الإمارات العربية في الاستثمار في قطاعات اقتصادية بقيمة 10 مليارات دولارات، لكن بحسب السياسي والمفكر التركي، جودت كامل الذي تحدث مع "الرئيس نيوز" فقد قال: "الإمارات غنية عن الاستثمار في تركيا، الأمر يقبع وراءه أمور أخرى غير معنلة، ربما تم الاتفاق عليها في المباحثات غير المعنلة".
"الأمور الأخرى التي تقبع وراء التطبيع التركي الإماراتي"، التي أشار إليها كامل خلال حديثه، حاولنا التوقف عندها لنتعرف عن طبيعة تقديره لها، فأكد أن أنباء قوية يتم تداولها حاليًا في الداخل التركي عن رغبة دولة الإمارات في شراء شركة "صناعة الإلكترونيات العسكرية" أو "أسلسان ASELSAN "، وهي شركة صناعات دفاعية تأسست في أنقرة عام 1975 من قبل مؤسسة القوات المسلحة التركية لتلبية احتياجات الاتصالات العسكرية للقوات المسلحة التركية، وهي تمتلك تكنولوجيا متطورة في صناعة الدبابات والطائرات بدون طيار، لكن حتى الآن لم تصدر أي تصريحات رسمية في ذلك السياق.
شركة أسلسان الدفاعية
حاولنا تتبع شركة أسلسان التركية، وهل تقوم بطرح أجزاء من أسهمها للاكتتاب أو الاستثمار الخارجي، ليتضح أن أسلسان لديها شركات مرتبطة في دول أذربيجان وكازاخستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأعلنت الشركة في أكتوبر 2015 أنها تخطط لتوسيع أعمالها في جنوب أفريقيا، من خلال السعي شراكات لتشكيل شركة خاصة من فرعها المحلي أسلسان جنوب أفريقيا.
فرع الإمارات
ربما تريد الإمارات شراء فرع "شركة أسلسان" المقامة على أراضيها، إذ لا معلومات عن أن الشركة الام في تركيا، تعاني أزمة اقتصادية، أو أنها تبحث عن فرص استثمارية.
تاريخ شركة أسلسان الدفاعية
ومنذ تأسيس الشركة في أنقرة العام 1975، من قبل مؤسسة القوات المسلحة التركية؛ لتلبية احتياجات الاتصالات العسكرية للقوات المسلحة التركية، وسعت الشركة من نطاق عملائها ومنتجاتها، وأصبحت منظمة متكاملة لصناعة الإلكترونيات؛ حيث تقوم بتطوير وتصنيع وتركيب وتسويق وخدمات ما بعد البيع للأجهزة والأنظمة الإلكترونية الحديثة.
وفق تقارير فإن الشركة تتكون من 4 أقسام رئيسية، هي مجموعة تقنيات الاتصالات والمعلومات (HBT)، ومجموعة تقنيات أنظمة الدفاع (SST)، و مجموعة رادار للحرب الإلكترونية الذكية (REHİS)، ومجموعة الإلكترونيات الدقيقة (MGEO).
يقول السياسي التركي جودت كامل: "ليس غريبًا على أردوغان أن يقوم بمثل هذه الخطوة، خاصة أنه دأب على فعل مثيلاتها كثيرًا؛ لتعويض الخسائر الاقتصادية التي يمنى بها الاقتصاد التركي، نتيجة سياسات أردوغان الخاطئة، فالليرة تقدر قيمتها الآن أمام الدولار الواحد نحو 13 ليرات، وربما يبرر تلك الخطوة بأنه يمتلك الخبرة والتكنولجيا التي تجعله يقوم بإنشاء شركة بديلة بذات التكنولوجيا.
زيارة ابن زايد
وزار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد تركيا الأسبوع الماضي، وكان في استقباله الرئيس أردوغان، وفي أعقاب تلك الزيارة، نقلت وكالة الأنباء الإماراتية إن الزيارة بحثت العلاقات الثنائية وطرق دفعها إلى الإمام، وأبرمت البلدان اتفاقيات ومذكرات تفاهم شملت عددا من المجالات التي تسهم في تعزيز علاقات التعاون، وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك بين أبوظبي وأنقرة، وكان من بين الاتفاقيات تأسيس صندوق إماراتي بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، فضلًا ضخ المزيد من الاستثمارات في تركيا بقيمة تقدر بـ10 مليارات دولارات.
في المقابل، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء أمس الاثنين، إنه سيزور الإمارات في فبراير المقبل على رأس وفد كبير، مشيرا إلى أن بلاده تعتزم تحقيق تقارب مع مصر وإسرائيل، وقد نقلت وكالة "الأناضول" الرسمية التركية عن أردوغان، قوله إنه يعتزم أيضا الإقدام على بعض الخطوات بقوة على صعيد العلاقات مع الإمارات.
العلاقات مع مصر
يوضح السياسي التركي جودت كامل أن تصريحات أردوغان لو افترضنا جدلًا أنها حقيقية وليست مناورة كالعادة، فإنها تظهر أنه كان مخطئًا في قطع العلاقات مع مصر، وأنها بالفعل تسببت في كثير من الخسائر لتركيا؛ فجميع حلفاء مصر في المنطقة قاطعوا أنقرة بسبب عداء أردوغان للقاهرة.
يشير كامل إلى أن أردوغان يريد الاقتراب من مصر والسعودية والإمارات منذ فترة؛ لتحسين وضعية تركيا الاقتصادية، لكن هذه المحاولات كانت تنشط وتخفت بناء على اعتبارات وتقديرات تركية، وتابع: "الأتراك يعرفون جيدًا أن مصر هي المنفذ الوحيد لهم في شرق المتوسط، وبدون ترسيم الحدود البحرية معها في شرق المتوسط ستظل حبيسة، ولا تستفيد من مناطقها الاقتصادية في المتوسط، بينما يرون في الأسواق الخليجية سوق مستهلك ومنفذ جيد لبيع البضائع التركية".
يرجح السياسي التركي أن تصريحات أردوغان الجديدة بشأن مصر، ربما تكون محاولة للاستفادة منها في الانتخابات، وأنه يريد فعليًا تصالح مع القاهرة لكن يخشى من تأثير هذا على قاعدته الجماهيرية؛ إذ كيف يعقل أن تتصالح مع مصر التي عكفت طيلة الفترة الماضية على تشويهها ومعاداتها والآن تريد التصالح وإعادة التطبيع معها".
يقول كامل: "أردوغان عندما يريد التصالح مع مصر، لا يريد أن يتغير في مواقفه وأرائه، إنما يريد من مصر أن تُغير هي من مواقفها على الرغم من أنه هو من ابتدأ بالعداء والخصومة؛ بسبب موقفه السلبي من ثورة المصريين في 30 يونيو، فضلًا عن تجاهله أن الرئيس عبد الفتاح السيسي جاء بانتخابات حرة نزيهة في مرتين متتالتين".
يقول جودت: "لا أرى أي بوادر أمل لإنهاء القطيعة بين مصر وتركيا. المسؤولون في القاهرة أرسلوا طلباتهم للجانب التركي، من أجل المضي قدمًا في التصالح، وأكدوا على ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ووقف الاستفزازات في شرق المتوسط، وإخراج القوات التركية من ليبيا سوريا والعراق، وحتى الآن لا يوجد خطوة واحدة من تركيا في سبيل تحقيق المطالب المصرية، لذلك لا أرى أي بوادر للتصالح بين البلدين".
اختتم السياسي التركي حديثه بالقول: "ظني أن القيادة في مصر لا تنخدع بمثل هذه الخطابات الرنانة من تركيا؛ فمصر قالت إنها أبلغت طلباتها لتركيا وتنتظر النتيجة".
قد يهمك أيضا: