الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

كيف تتعامل إدارة بايدن مع تركيا؟.. وموقفها من منظومة صواريخ S-400 الروسية.. الحليف الذي يثير الأزمات

الرئيس نيوز

توترت العلاقات بين أنقرة وواشنطن بسبب مجموعة من القضايا خلال السنوات الأخيرة، أبرزها الخلافات السياسية حول الشأن السوري إضافة إلى شراء تركيا لأنظمة الصواريخ الروسية S-400 وملف حقوق الإنسان والعديد من المسائل القانونية.


 كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا بسبب شرائها أنظمة الصواريخ الروسية، وبعد أيام من تفادي الحليفين بصعوبة أزمة دبلوماسية بشأن رجل الأعمال المسجون عثمان كافالا، التقى بايدن وأردوغان على هامش قمة مجموعة العشرين في روما وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية للصحفيين إن بايدن أثار في مباحثاته مع أردوغان أيضا قضية تضييق الخناق على حقوق الإنسان في تركيا، وأعلن البيت الأبيض في بيان بعد الاجتماع: "أكد الرئيس بايدن من جديد شراكتنا الدفاعية وأهمية تركيا كحليف في الناتو، لكنه أشار إلى مخاوف الولايات المتحدة بشأن امتلاك تركيا لمنظومة صواريخ
S-400 الروسية".

إنكار تركي لتدهور العلاقات

من جانبها قالت الرئاسة التركية إن الجانبين اتفقا على تشكيل آلية مشتركة لتعزيز العلاقات، في حين قال مسؤول تركي رفيع إن المحادثات عقدت في "جو إيجابي للغاية"، وفي حديثه للصحفيين في روما، قال أردوغان إنه أكد مجددًا لبايدن معارضة تركيا لدعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردية السورية، وهي حليف للولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا، لكن أنقرة تعتبرها جماعة إرهابية، وقال أردوغان "بلا شك نقلت له (بايدن) حزننا على الدعم الذي تتلقاه هذه التنظيمات الإرهابية في سوريا... من الولايات المتحدة".

 وأضاف: "أخبرته أيضا أن هذه القضايا هي خطوات يمكن أن تضر بتضامننا"، وكانت أنقرة قد طلبت في السابق أكثر من 100 طائرة من مقاتلات
F-35، ولكن واشنطن طردت تركيا من برنامج الشراء والتدريب بعد أن اشترت الصواريخ الروسية، ووصفت تركيا الخطوة بأنها غير عادلة وطالبت بسداد مدفوعاتها البالغة 1.4 مليار دولار، وفي وقت لاحق، طالب أردوغان واشنطن بتوجيه ما دفعته بلاده من ثمن المقاتلات لتمويل بعض طلبات تركيا لشراء 40 طائرة من طراز F-16 ونحو 80 مجموعة تحديث، لكن واشنطن قالت إنها لم تصدر أي عروض مبيعات دفاعية لأنقرة، لكن ما حدث بالفعل هو أنه في أحدث لقاء بينهما، أبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره أردوغان أن طلبه الحصول على مقاتلات F-16  يجب أن يمر بإجراءات ضرورية في الولايات المتحدة بينما صرح أردوغان إن بايدن أدلى بتعليقات "إيجابية" تجاه الصفقة.

تحذير أمريكي من مغبة الإجراءات المتسرعة

قبل لقائهما الأخير، صرح مسؤول آخر في الإدارة الأمريكية بأن بايدن سيحذر أردوغان من الإجراءات "المتسرعة" وأنه يجب عليه تجنب إثارة الأزمات بعد أن هدد بطرد 10 مبعوثين أجانب، بمن فيهم السفير الأمريكي، بسبب سعيهم لإطلاق سراح كافالا ثم سحب أردوغان تهديده.

اليونان وقبرص

في عهد أردوغان، أصبح سلوك تركيا العدائي في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​مشكلة متزايدة تؤرق حلف شمال الأطلسي وحلفاء أمريكا لمساهمتها في زعزعة الاستقرار، وتهديد التنمية الاقتصادية والطاقة، وزيادة احتمالات نشوب صراع مسلح، وأشارت مجلة Defense News إلى أن واشنطن تحتاج بشكل عاجل إلى معالجة هذا التدهور في الاستقرار بين الحلفاء من خلال إنشاء استراتيجية بيروقراطية وقرارات حاسمة تجاه أنقرة، كما أشار الأدميرال هيرمان شيلانسكي، المفتش العام السابق للبحرية الأمريكية إلى أنه يجب على الولايات المتحدة ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على تركيا من خلال الناتو، وتوسيع التعاون الأمني ​​الثنائي مع اليونان، ويدور نزاع بين اليونان وتركيا حول مدى حدودهما البحرية، وبلغ النزاع الذروة خلال أغسطس 2020، في أعقاب اصطدام سفن حربية للبلدين، وهو ما وصفته أثينا بأنه حادث لكن أنقرة ادعت أنه استفزاز، وتعتبر اكتشافات الغاز الطبيعي قبالة سواحل قبرص وإسرائيل ومصر بالغة الأهمية للنمو الاقتصادي لشرق المتوسط ​​وأمن الطاقة الأوروبي، ولكنها أيضًا أنشطة تثير التوترات الإقليمية.

تدعي أنقرة وجود منطقة اقتصادية حصرية موسعة تنتهك الحدود اليونانية والقبرصية، وليبيا وحدها هي التي تعترف بتفسير تركيا لحقوقها الإقليمية، ومن أجل حماية مزاعمها في المنطقة الاقتصادية الخالصة، دأبت البحرية التركية مرارًا على مضايقة السفن غير التركية التي تبحث عن الغاز الطبيعي في المياه اليونانية والقبرصية ومع ذلك، لم تقصر تركيا مضايقاتها على اليونان وقبرص كما انتقدت فرنسا وإيطاليا تركيا لمنعها من الوصول إلى المياه القبرصية ثم إرسال سفن التنقيب الخاصة بها للبحث عن الغاز الطبيعي حتى أن فرنسا علقت مشاركتها في عمليات الناتو في البحر المتوسط ​​في عام 2020 بعد مضايقة البحرية التركية لإحدى سفنها.

ويجب أن تستمر إدارة بايدن في إرسال إشارات واضحة إلى تركيا عبر قنوات الناتو بأنها لا تستطيع استخدام القوة أو المضايقة كوسيلة ضغط لانتزاع أي تنازلات إقليمية – وأنها ستواجه عواقب سياسية واقتصادية إذا استمرت في هذه الإجراءات، ويعتبر التعاون الدفاعي المتبادل من أسس حلف الناتو، والذي أثبت قيمته خلال الحرب الباردة، في التزامات الحلفاء بعد 11 سبتمبر ضد الإرهاب، وضد تحركات روسيا على حدود أوكرانيا في بحر البلطيق والبحر الأسود، كما تحتاج الولايات المتحدة إلى تعزيز مكانتها داخل الناتو وقيادة المفاوضات بحسن نية بين تركيا واليونان وقبرص لحل الخلافات الحدودية وحقوق التنقيب عن الغاز، ومن المرجح أن يستفيد حلف الناتو بالكامل من الدفاع التعاوني ضد روسيا وكذلك من النمو الاقتصادي والاستقرار الذي تحققه نتائج الغاز الطبيعي فمن الضروري منع النزاعات الإقليمية المستمرة في شرق البحر المتوسط التي تعرقل ​​تطوير مصادر الطاقة، من جهة، وتغذي الخطط الروسية لزعزعة استقرار الحلف وأوروبا من جهة أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، يتعين على أمريكا تقوية العلاقات الأمنية مع اليونان، وفي هذا الصدد، جددت الولايات المتحدة واليونان اتفاقية التعاون الدفاعي المتبادل القائمة منذ فترة طويلة في 14 أكتوبر ولمدة خمس سنوات أخرى، ويرى الأدميرال شيلانسكي أن إدارة بايدن يمكنها الاستفادة من توسيع القدرات العسكرية الأمريكية في اليونان والعمل مع القوات المسلحة اليونانية لتحسين تكاملها مع الأنظمة الأمريكية، ووفقًا لوزير الخارجية الأمريكي توني بلينكين، فإن اتفاقية الدفاع الجديدة "تمكّن القوات الأمريكية في اليونان من التدريب والعمل من مواقع إضافية". يمكن للقيادة الأوروبية الأمريكية أيضًا توسيع نطاق وتواتر عمليات النشر بالتناوب إلى المنشآت العسكرية اليونانية غير المستخدمة بشكل كافٍ في مواقع ألكسندروبوليس ولاريسا وستيفانوفيكيو. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للكونجرس أن يشير إلى دعمه لليونان من خلال توفير أموال إضافية في قانون تفويض الدفاع الوطني للعام المالي 2022 لتوسيع القاعدة الأمريكية في خليج سودا، ويوفر هذا الميناء في جزيرة كريت اليونانية أفضل ميناء في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​لرسو السفن الأمريكية الكبيرة، وتستكشف جلسات الاستماع في الكونجرس كيف يمكن لتوسيع الوجود العسكري الأمريكي في شرق البحر المتوسط ​​أن يعزز موقفها الرادع وأن تحقق مجموعة واسعة من المهام، من مكافحة الإرهاب إلى تحسين الدفاع في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

في الوقت الذي تعمل فيه واشنطن على تحسين العلاقات مع أثينا، يرى المراقبون أنه يجب على بايدن أيضًا إعادة التوازن إلى الدبلوماسية الأمريكية مع أنقرة، قد يشير الجهد المشترك إلى جانب حلفاء أمريكا في الناتو والمتوسطيين إلى فرصة لأردوغان لتحسين العلاقات التركية إذا غير موقفه العدواني في مقابل وقف التصعيد، من المرجح أن تكون تركيا منفتحة على محادثات تطوير الطاقة أو التعاون ضد روسيا في البحر الأسود والقوقاز والشرق الأوسط، وحتى يقنع الناتو تركيا بإصلاح سياستها الخارجية، يجب على الرئيس أن يعين على الفور مبعوثًا خاصًا إلى شرق البحر المتوسط ​​للتركيز على الصراعات العابرة للحدود في المنطقة، ودعم الاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​من خلال تعزيز دورها في الناتو، وزيادة التعاون مع اليونان والشركاء الآخرين، والضغط على تركيا عند الضرورة وتعتبر القيادة الأمريكية القوية والقدرات العسكرية في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​أمرًا حاسمًا لتوجيه المنطقة نحو الاستقرار.

هل تستعين أمريكا بإسرائيل لتقليم أظافر أردوغان؟

أشارت مجلة نيوزويك الأمريكية إلى التناقض الحاد بين عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، الناتو وبين كونها إحدى الدول الراعية للإرهاب، وأكدت المجلة أنه قريباً، سيتعين على إدارة بايدن أن تقرر موقفها وإلى أي جانب ستنحاز، ومع من سوف تقف واشنطن مع تركيا أم مع ضحايا تركيا، ولعل عقودًا من التحالف بين تركيا وإسرائيل هي التي تشفع لتركيا اليوم وتؤجل محاسبة واشنطن لأنقرة على أخطائها المتكررة، فقد كان التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين تل أبيب وأنقرة مكثفًا واستراتيجيًا على المستوى الإقليمي، واستفاضت المجلة في وصف أردوغان بأنه إمبريالي ينتمي لتيار العثمانيين الجدد، وأنه مزق على مر السنين تحالفات تركيا الاستراتيجية، وتطاول على أمريكا في العديد من المناسبات أبرزها الزج بالقس الأمريكي أندرو برونسون في السجن لمدة عامين. قبل اعتقاله في أكتوبر 2016، عمل برونسون كقس في تركيا لمدة عقدين. وبعد اعتقاله، احتُجز برونسون في ظروف غير إنسانية ولم توجه له أي اتهامات إلا بعد مرور 18 شهرًا من تاريخ اعتقاله للاشتباه في تورطه في التجسس.

أضافت المجلة: "نظرًا للأهمية الاستراتيجية للعلاقات الأمريكية التركية، طوال معظم فترة أسر برونسون، حاولت إدارة ترامب في البداية استرضاء أردوغان من أجل إطلاق سراح القس، وفي اجتماع في يوليو 2018 بين أردوغان والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قال أردوغان إنه سيفرج عن برونسون إذا أقنع ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو بتأمين الإفراج عن إبرو أوزكان، وهي مواطنة تركية كانت محتجزةً في سجن إسرائيلي بانتظار المحاكمة بتهمة إدارة عمليات غسل الأموال، واتصل ترامب بنتنياهو مباشرة بعد اجتماعه مع أردوغان ومن ثم تم ترحيل أوزكان إلى تركيا بعد ذلك بوقت قصير، وفقًا لكتاب صدر حديثًا لمراسلي واشنطن بوست لشؤون البيت الأبيض "فيليب روكر" و"كارول ليونيج"، ومن ثم تحققت لأردوغان لحظة نشوة وانتصار لشعوره بالتفوق وبضعف الولايات المتحدة، وبعدها قرر أردوغان التراجع عن الصفقة، وامتنع عن إطلاق سراح القس وحددت له جلسة قضائية، ليذهب أردوغان لأبعد من ذلك، فقد طالب أردوغان الولايات المتحدة بتسليم فتح الله جولن، رجل الدين التركي المقيم في ولاية بنسلفانيا والذي يتهمه بتنظيم انقلاب فاشل للإطاحة به في عام 2016، وكما قال في عام 2017، "القس لدينا أمام المحكمة ولكن ذاك يعيش في ولاية بنسلفانيا.... يمكنك تسليمه لنا على الفور"، وبعد أن أدرك ترامب أنه تعرض للابتزاز، أعلن في أغسطس 2018 فرض تعريفات جمركية على الصادرات التركية إلى الولايات المتحدة، ثم أطلق سراح برونسون بعد شهرين.

قد تلجأ الولايات المتحدة أو إسرائيل أو كلاهما لإصدار تحذير من السفر إلى تركيا وسيتبب ذلك دون شك في تقليص السياحة في تركيا بشكل كبير.

وثمة مجال آخر تتمتع فيه واشنطن بنفوذ كبير على تركيا هو الغاز الطبيعي، بصفتها مقربة من تحالف منتدى الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، وتتمتع بعلاقات متميزة مع ​​اليونان وقبرص ومصر وسط حديث جاد حول بناء خط أنابيب إلى إيطاليا - متجاوزًا تركيا - لبيع الغاز الطبيعي إلى أوروبا، علاوة على ذلك يمكن لواشنطن الإيعاز لإسرائيل بالضغط على تركيا في السوق الدولي للطائرات بدون طيار، وبالفعل تدرس إسرائيل تخفيف القيود على تصدير طائراتها بدون طيار في الوقت نفسه تعمل تركيا حاليًا على تعزيز مكانتها كمورد رئيسي للطائرات بدون طيار، وأي خطوة إسرائيلية لتوسيع موقعها في السوق من شأنها أن تخفض بشكل كبير من حصة تركيا في السوق، مما يخفض ليس فقط احتياطيات أردوغان من العملات الأجنبية، بل ويخفض من نفوذه مع روسيا والقوى الكبرى الأخرى.