دفء بين تركيا والخليج.. هل يغير المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط؟
وضعت تركيا والإمارات خلافاتهما جانباً من أجل تعاون اقتصادي أفضل في عدة مجالات أبرزها الطاقة والشحن التجاري، وتشهد العلاقات بين تركيا ودولتين خليجيتين تحسنًا كبيرًا في العلاقات بعد سنوات من العلاقات المتوترة والعدائية.
وسلط موقع Media Line الإخباري الضوء على زيارة مقررة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل وهي أول زيارة من نوعها منذ سنوات إلى تركيا كمؤشر قوي على تحسن العلاقات المشحونة بين أبو ظبي وأنقرة.
في غضون ذلك، يقوم وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني بزيارة إلى تركيا هذا الأسبوع، لتسليط الضوء على تحسن العلاقات مع الدولة الخليجية، ووصلت العلاقات بين تركيا والإمارات إلى الحضيض قبل عام، عندما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة تدرس قطع العلاقات الدبلوماسية مع أبوظبي بعد أن قامت الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقات أبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة.
كانت العلاقات بين تركيا ودول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، مثيرة للجدل في السنوات القليلة الماضية، لكن انفراجًا في العلاقة بين أنقرة وأبو ظبي بدأ في أغسطس عندما عقد أردوغان اجتماعاً نادراً مع مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.
بعد أسبوعين، تحدث الرئيس التركي وولي عهد أبو ظبي عبر الهاتف، وتأجج التوتر بسبب تورط البلدين في الصراعات الإقليمية، ودعم الأطراف المتحاربة المتعارضة، بما في ذلك الحرب الليبية وامتدت نزاعاتهما أيضًا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط والخليج، واتهمت تركيا العام الماضي الإمارات بزعزعة استقرار المنطقة بتورطها في ليبيا واليمن، بينما انتقدت أبوظبي وعواصم خليجية وعربية أخرى الإجراءات العسكرية والسياسية التركية، ويرى المراقبون أن انهيار الليرة التركية وحاجة تركيا المتزايدة للاستثمار الأجنبي يخدم المصالح الإماراتية وسيخلق فرصة للترابط بين الدولتين.
وقال يوسف إريم، كبير المحللين السياسيين والمحرر العام لمحطة تي آر تي التركية العامة، لصحيفة ميديا لاين: "لا ينبغي النظر إلى هذه الزيارات بمعزل عن غيرها، بل كجزء من صورة أكبر تُظهر ديناميكية متغيرة في المنطقة"، ويرجح إريم أن تغيير الحرس في واشنطن وتسليم السلطة من إدارة ترامب التي كانت لا تحاسب أردوغان إلى إدارة بايدن التي تعد على الشرق الأوسط أنفاسه وأحداث أخرى عجلت بالتقارب.
وأضاف أن "انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقمة العلا التي ألغت مقاطعة قطر، وهجوم أرامكو في المملكة العربية السعودية، والعودة المحتملة للاتفاق النووي الإيراني" هي بعض من تلك الأحداث، كما أن انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، وتحويل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن انتباهها نحو الصين، عوامل إضافية تفتح الباب لتحالفات جديدة وتقود اللاعبين الإقليميين إلى مراجعة مواقفهم في السياسة الخارجية، ومع تحويل الولايات المتحدة تركيزها من الشرق الأوسط إلى الصين، والاتفاق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على ذلك، فإنه المعطيات الجديدة تجعل هذه العلاقات الجديدة تدوم لفترة طويلة ".
قال الدكتور حي إيتان كوهين ياناروجاك، الخبير في شؤون تركيا بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن ومركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب، لموقع ميديا لاين، إن المشهد الجيوسياسي المتغير أجبر هذه البلدان على القيام بإعادة التفكير في سياستيهما تجاه بعضهما البعض، ويتفق مع أن رحيل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، جعل الإمارات تدرك خطأ الاعتماد فقط على الولايات المتحدة لذلك تسعى أبو ظبي إلى إصلاح العلاقات مع منافسيها الإقليميين أي تركيا وقطر.
ويقول العديد من المراقبين إن البلدين لديهما انقسام أيديولوجي عميق، ومن المتوقع أن يركزا على إدارة خلافاتهما، والعمل على بناء علاقات اقتصادية أقوى، بدلاً من حل مشكلاتهما العميقة، وتبحث أنقرة عن استثمارات من دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة في قطاع الطاقة، بينما تسعى أبو ظبي إلى تعميق العلاقات التجارية والاقتصادية، ومن خلال القيام بذلك، تعزز الإمارات العربية المتحدة يدها في مواجهة إيران ويمكنها أيضًا اختراق السوق التركية ولكن على الرغم من التقدم مع الإمارات العربية المتحدة، فإن علاقات تركيا مع مصر والمملكة العربية السعودية لم تحرز تقدمًا دبلوماسيًا كبيرًا حتى الآن.