السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

مجدي صابر في حوار لـ"الرئيس نيوز": أرفض العمل بطريقة ورش الكتابة.. ودراما الصعيد تغيرت بتغير الواقع.. (2-2)

الرئيس نيوز

-الدراما التي لا تطرح قضية لا تعيش في ذاكرة الجمهور.. ولا يمكن بدء تصوير عمل من أعمالي قبل الانتهاء من كتابة 20 حلقة منه على الأقل
-كتابة  دراما صعيدية تحتم على الكاتب أن يكون ملما بالصعيد في الماضي ومطلع على حاضره الذي تغير كثيرا
-غياب الدراما التاريخية والدينية ودراما الأطفال سببه توقف القطاعات الحكومية عن الإنتاج
-نأمل في عودة القطاعات الحكومية للإنتاج وأتعجب من تهميش وتجاهل كبار الكتاب والمخرجين

كان حديثنا خلال الجزء الأول من حوارنا مع الكاتب الكبير الأستاذ مجدي صابر يدور حول أخر أعماله مسلسل "ليلة السقوط"، والذي يعرض بداية العام المقبل، ويناقش قضية مهمة جدا وهي قضية تنظيم داعش وتوغله في عدد من الدول العربية، وكشف لنا الأستاذ عن كافة كواليس العمل، وخلال الجزء الثاني من الحوار يتطرق الحديث إلى الدراما المصرية والعربية بشكل عام، ودراما المنصات "البلات فورم"، وغياب الدراما التاريخية ودراما الأطفال، وتفاصيل أخرى كثيرة.
وإلى نص الحوار:
بداية ما رأيك في تجربة انتشار ورش الكتابة ؟
حقيقة لم أفعل هذا الأمر في أيا من أعمالي طوال مسيرتي، ولا أقبله، ولا أريد أن أكون حكما على الأخرين، ولكني طوال مسيرتي لم أفعل هذا الأمر ولم استعين بأشخاص لمساعدتي في الكتابة، وكل حرف كتبته كان نتاج أفكاري وقناعاتي.
وما رأيك في بدء التصوير قبل الانتهاء من كتابة العمل كاملا ؟
مره أخرى لا أريد أن أضع نفسي في موضع تقييم، وأتصور أنني لم افعل هذا إطلاقا في أعمالي، ولا يمكن أن أقبل ببدء تصوير مسلسل من كتابتي دون أن أكون قد انتهيت من كتابة 20 حلقة على الأقل، والبعض يبرر أن بدء التصوير بـخمس حلقات أو أكثر يرجع لضيق الوقت والالتزام بمواعيد العرض، ولكن هذا خطأ كبير، خاصة أن الكاتب قد يعيد أفكاره مره أخرى ويقوم بإجراء تعديلات على السيناريو وحلقاته الأولى، وقد يضيف خطوط درامية جديدة، ودائما اعود لقراءة المسلسل من وحلقاته الأولى عندما اقترب من النهاية، وهذه المدرسة التي تربيت عليها طوال مسيرتي، ولكن في النهاية نترك الحكم للجمهور فهو الذي يمتلك حق تقييم الأعمال، وبشكل شخصي في أعمالي يستغرق المسلسل الثلاثون حلقة مدة كتابة تتراوح بين 9 أشهر إلى سنة، ودائما أتمهل في الكتابة وأقوم بالمراجعة والقراءة عدة مرات قبل تسليم العمل.
هل يتأثر الكاتب أو المبدع بالدراما التي يقدمها ؟
بالطبع يتأثر كثيرا، واذا لم يتأثر فهو يكتب من الخارج وغير متعايش مع أبطاله ولا الموضوع الذي يطرحه في العمل، وهذا الأمر يسبب نقص واضح يظهر على الشاشة، فإذا تعايش الكاتب مع الموضوع والشخصيات المكتوبة على الورق سيتمكن من تحويلها لشخصيات حقيقية من لحم ودم، فيجب أن يرى الكاتب شخصيات حقيقية ويضعهم أمام صراعاتهم وحساباتهم وطموحاتهم ومشاكلهم وينقل قضاياهم، فالهدف من الدراما ليس تقديم حدوتة، فالحدوتة موجودة بالفعل ولكن الأهم أن تضفر في الحدوتة قضايا وأحداث من الواقع داخل المجتمع الذي تعيش به، ودائما أكون حريص في أعمالي على أن اطرح موضوعات تحمل هموم الناس وتناقش قضاياهم، وأطرح حلول لها، فالدراما التي لا تطرح قضية لا تترك أثرا لدى المشاهدين، ودائما أميل للدراما الاجتماعية، فمن خلالها يمكنك تقديم الرومانسية والكوميدي وغيرها من الأنواع الدرامية، حتى عندما كتبت دراما صعيدية في "سلسال الدم" بأجزائه كانت دراما اجتماعية معنية بالبشر ومشاكلهم وحياتهم وأحلامهم وطموحاتهم.
بمناسبة ذكر "سلسال الدم" .. هل كنت مخططا من البداية لتقديمه في 5 أجزاء ؟
في الواقع بدأت بكتابة 3 أجزاء من المسلسل، ثم كتبت الجزء الرابع، وهذا الجزء عرض على موسمين فاعتبره الجمهور 5 أجزاء، ولكن هو في الأصل 4 أجزاء فقط، ووضعت فيهم كل ما أريد أن أضعه في هذه النوعية الدرامية، وانتهت الأحداث بانتحار رياض الخولي، وأغلقت كل الخطوط الدرامية في الجزء الرابع، ولكن الجهة المنتجة وجهة العرض قرروا عرضه في موسمين مختلفين، ولم اسعى لاستغلال نجاح العمل في تقديم أجزاء جديدة من العمل.

هل الدراما الصعيدية التي تقدم مؤخرا تشبه الصعيد حاليًا ؟
في أحيان قليلة تشبهه وأحيانا كثيرة لا تشبهه، والأزمة في من يكتب عن الصعيد، البعض يكتب دون دراية ولا معرفة وبدون أن يشاهد الصعيد أو يعيش به، فبعضهم يكتب سماعي بما سمع فقط، ويضعوا مفردات وأفكار دون أن يكونوا على ثقة بوجودها في الصعيد، فلا يصح أن يكتب عن الصعيد أشخاص لم يعيشوا به ولم يختبروه ولم يعرفوا حياة الصعيد، وما أشير إليه حاليا أن الصعيد في 2021 ليس كما كان في الثمانينات والتسعينات، فواقع الصعيد تغير كثيرا خلال أخر 20 عام، وهنا يمكن أن نؤكد أن الصعيد تغير على كافة الأصعدة، سواء في الشكل أو الأفكار، وهناك قفزة حضارية هائلة حدثت في صعيد مصر، وعندما قدمت مسلسل "سلسال الدم" أصريت على تأكيد تغيير الأفكار حول تعليم المرأة في الصعيد، وبالفعل كانت عبلة كامل ترفض زواج بناتها قبل انهاء تعليمهم، حتى أنها أصرت أن تحصل ابنتها على دكتوراة في القانون، وكتبت بصيغة اعتبار أن هذا هو القادم في الصعيد، وبالفعل هذا هو الصعيد الأن وهناك تصور جديد ومنفتح عن تعليم البنات وحتى التحاقهم بالعمل، وحاليا لا يوجد فروق كبيرة بين بنات الصعيد وبنات الحضر، ولذلك أرى أنه يجب أن يكتب عن الصعيد من لديهم إلمام شامل بما كان الصعيد عليه في الماضي وما اصبح عليه في الحاضر، خاصة أن جميع وسائل الحداثة أصبحت متوفرة في الصعيد.
هل تميل لتقديم دراما الأجزاء المتعددة .. ولماذا لم يعرض الجزء الثاني من "أفراح إبليس" ؟
لا اهتم بهذا الأمر، وما حدث في أعمالي التي عرضت على أجزاء جاء صدفة، فمثلا مسلسل "عائلة الحاج نعمان" كان جزء واحد 60 حلقة، وقررت القناة أن يعرض على موسمين ولذلك اعتبروه جزئين، ومسلسل "سلسال الدم" كان 4 أجزاء فقط، وتم عرض الجزء الرابع على موسمين فاعتبروه جزء خامس، أما بالنسبة لمسلسل "أفراح إبليس" فكان جزئين والجزء الثاني عرض بالفعل مشفرا على شاشة osn، ولا اعرف موعد عرضه في القنوات المفتوحة، كما أنني انتهيت من كتابة الجزء الثالث منذ فترة ولا أعرف مصيره حتى الأن.
لأي مدرسة تنتمي .. النقل عن الواقع أم الاسهاب في الخيال ؟
حقيقة في أعمالي ما أحرص عليه هو مناقشة قضية، فيجب أن تلفت الدراما الانتباه لوجود مشكلة ما، وهذه القضية أوجد لها من خيالي الأبطال والأشخاص لتجسيد هذا الهم ومناقشة القضية التي اطرحها، ويجب أن يقترب خيالي من الواقع، ولكن لا يجب أن يطبق كصورة طبق الأصل من الواقع، ولكن الفكرة الرئيسية في أي عمل أكتبه هو الاهتمام بقضايا الناس، أما الشخصيات تأتي من مخزون الكاتب وخياله وليست شخصيات قابلتها في الواقع.

لماذا غابت الدراما التاريخية مؤخرا ؟
ليست الدراما التاريخية فقط هي الغائبة على الشاشات، فهناك نوعيات درامية أخرى غابت منذ سنوات، منها الكوميديا والأعمال الدينية، ومصر تمتلك تاريخ كبير لا تملكه أي دولة أخرى في العالم من العصر الفرعوني، ومن الممكن تقديم عشرات القصص لعظماء وعظيمات في تاريخ مصر القديم، كما أن التاريخ الإسلامي عامر بالأحداث المهمة التي يجب تقديمها، ويجب أن نعود لتنوع الألوان الدرامية كما كان في السابق، أما عن أسباب غياب هذه النوعية من الدراما فيرجع لتوقف قطاعاتنا الإنتاجية الحكومية عن الإنتاج، فتوقف قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج، وهم المعنيين بتقديم هذه النوعية من الدراما، وللأسف اصبح لون درامي واحد فقط هو المسيطر وهي الدراما الاجتماعية، ونأمل أن تعود هذه القطاعات الحكومية للإنتاج مجددا، كما نأمل في أن يعود كبار الكتاب والمخرجين للعمل بدلا من تهميشهم بهذا الشكل الغريب، فهؤلاء المبدعين ثروة قومية وأي دولة تتمنى التعاون معهم، وأتعجب كثيرا من تجاهلهم بهذا الشكل، وهم أساتذة كبار ويجب أن يتواجدوا حتى تتعلم منهم الأجيال الجديدة كما كنا نتعلم من أساتذتنا الذين سبقونا.
ما الذي تحتاجه الدراما المصرية في المرحلة المقبلة ؟
نحتاج فقط لتقديم دراما صادقة، تناقش قضايا حقيقية في المجتمع بشكل واقعي، كما نحتاج للتنوع في الدراما وتقديم ألوان درامية مختلفة، فمثلا لا يصح أن نشاهد في موسم واحد 4 أو 5 مسلسلات عن البلطجة، بالطبع هي قضية موجودة ولكن تناولها بهذه الكثافة لا يعالج القضية ولكنه يشوه المجتمع المصري، ويعطي فكرة رديئة عنه، ولا أرفض تقديمها ولكن في عمل اطار محدود ومحدد، فمن العادي أن تقدم هذه النوعية ولكن في نموذج واحد ولكن لا يصح أن تحمل كل الأعمال نفس الفكر، لأن من لم يشاهد المجتمع المصري سيعتبر أن هذه الأعمال تعبر عن واقع الأغلبية في مصر، وهذا غير صحيح.
وماذا عن الدراما الوطنية التي بدأنا في تقديمها مؤخرا بعد غياب سنوات طويلة ؟
أعتبرها خطوة جيدة جدا، ويجب أن نحيي القائمين عليها، لاننا نحتاج هذا النوع من الفن، فالدراما الوطنية تكشف لنا تضحيات أبطال مصر بأرواحهم لحماية الوطن، ويجب علينا أن نحتفي بهم في الدراما ونروي قصصهم، وأتمنى مشاهدة عمل درامي يكشف حرب المعلومات التي قامت بها الأجهزة الأمنية المصرية قبل حرب أكتوبر، كما أنهه يجب أن نشاهد أعمالا مكثفة عن حرب الاستنزاف، لأن بها قصص وحوديت مذهلة حقا، وهذه الأعمال تنمي الروح الوطنية، وأعتبر أن الدراما أفضل وسيلة لتحقيق هذا الأمر.

لماذا غابت دراما الأطفال .. وما أسباب توقفك عن كتابتها ؟
دراما الأطفال أيضا من الأنواع الدرامية التي تنقصنا منذ سنوات طويلة، ويجب علينا أن ننتبه لهذا الأمر ونتجه له في أقرب وقت، وأتابع في الدول العظمى والكبيرة إنتاج درامي للأطفال تتخطى تكلفته أضعاف الانتاج الدرامي للكبار، وقدمت في بداية مسيرتي 3 أمسلسلات للأطفال، ونحتاج للعودة للإنتاج للأطفال بدلا من اتجاههم للقنوات الأجنبية التي تبث قيم لا تتناسب مع مجتمعاتنا، فالأولى أن نمرر رسائل إيجابية لأطفالنا من خلال أعمال ننتجها لهم بأنفسنا.
وما تقييمك لتجربة ظهور وانتشار المنصات "البلاتفورم" الخاصة بالدراما مؤخرا ؟
دراما المنصات اثبتت نجاها في مصر والعالم العربي وجمهورها يتسع مع الوقت، وهي نافذة جديدة للعرض، وهو انتاج له خصوصية شديدة، ولكن في أحيان كثيرة نجد أن الموضوعات المقدمة على هذه المنصات لا تشبه مجتمعاتنا، وأغلبها أعمال تحمل الكثير من العنف والمطاردات والميتافيزيقا، ولكن في النهاية لها جمهورها الذي يتسع، وأعتقد أن المستقبل سيكون للمنصات وستتوغل بشكل أكبر، خاصة أن سقف الحرية بها متسع بشكل كبير، ويمكن تقديم أعمالا ترفض الرقابة تقديمها تليفزيونيا، ولكن هذه المنصات تعتبر سلاح ذو حدين.