"مصر أكبر من أن تفشل".. تقرير يدعو أوروبا لضرورة العمل مع القاهرة
"مصر عادت"، هي الرسالة التي يرغب مسؤولو السياسة الخارجية المصريون في إرسالها إلى نظرائهم في جميع أنحاء العالم، والتي رصدها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
وأكد المجلس في تقرير جديث أن الديناميكيات الإقليمية المتغيرة دفعت مصر إلى تبني سياسة خارجية أكثر نشاطًا ومن ثم بدأت حكومتها تشعر بمزيد من الثقة في الداخل وتتولى أدوارًا ومسؤوليات جديدة في الخارج، وتستثمر في أشكال جديدة من التوافق الإقليمي.
ولفت التقرير إلى أن مصر في الماضي، كانت لاعباً رئيسياً في السياسة الخارجية في الشرق الأوسط بفضل ثقلها وتأثيرها وحجمها وموقعها واستقرارها وثقتها المتميزة بالنفس بأهميتها الخاصة، وتمكنت البلاد من التأثير على العديد من التطورات الإقليمية؛ ونجحت في تأسيس علاقة وثيقة وطويلة الأمد، وإن كانت مشحونة في بعض الأحيان، مع الولايات المتحدة، ولا يمكن قول الشيء نفسه عن مصر خلال السنوات الأولى من الألفية الجديدة، حيث كانت مصر غائبة نسبيًا عن الدبلوماسية الإقليمية في القضايا الرئيسية التي تتراوح من الحروب في اليمن وسوريا إلى الانتشار النووي الإيراني وكان هذا وقت اضطراب سياسي داخلي في أعقاب الانتفاضات العربية، والتي حولت انتباه القاهرة بعيدًا عن السياسة الخارجية ونحو صراعات السلطة في الداخل واقتصادها المتعثر.
وطوال ذلك العقد، تحركت مصر إلى حد كبير في منحدر من الدول النفطية الأصغر والأكثر ثراءً، ولكن التطورات الإقليمية والدولية العديدة التي حدثت خلال الاثني عشر شهرًا الماضية أحدثت تحولًا في الفكر والنشاط المصري وتشمل هذه العوامل تغيير القيادة في الولايات المتحدة وإنهاء مقاطعة الرباعي العربي لقطر علاوة على وضع خارطة طريق سياسية لإنهاء الصراع في ليبيا؛ ومحاولة لاستئناف محادثات السلام في اليمن.
في غضون ذلك، بدأت تركيا في السعي إلى الحوار بدلاً من المواجهة مع مصر وجيرانها العرب كجزء من هذا الانفراج الإقليمي الأوسع بالإضافة إلى ذلك، بينما لا تزال هناك العديد من أضواء التحذير التي تومض حول الاقتصاد المصري، فإن القاهرة لديها ثقة متزايدة في قدرتها على تكوين مجموعة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بشروطها الخاصة، من خلال الاستفادة القصوى مما تعتقد أنه موقف مصر كمركز إقليمي للطاقة في المستقبل القريب لجيرانها الأوروبيين والعرب وقد ترافق ذلك مع شعور المواطنين المتزايد بالأمن الداخلي، وهو ما يشجع مصر الآن على تحويل انتباهها إلى السياسة الخارجية مرة أخرى - بهدف استعادة موقعها التاريخي كلاعب إقليمي هائل القدرات.
وأشار التقرير إلى أن مصر "أكبر من أن تفشل"، على حد تعبير أحد المسؤولين الأمريكيين، فغالبًا ما يتجاهل شركاء مصر الغربيون مشاكلها الداخلية، مثل التأثير الضار للسياسات الرأسمالية على مواطني البلاد ولكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ستبقى مصر شريكًا طويل الأمد في جواره الجنوبي.
وبالنسبة للأوروبيين، يظل تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة ذا أهمية قصوى من وجهة نظرهم، فإن العمل مع مصر لمعالجة النزاعات مثل تلك الموجودة في ليبيا وغزة أمر منطقي للغاية، ويوفر دفعة مهمة للتحركات الناشئة نحو خفض التصعيد الإقليمي.