جورج قرداحي وحرب اليمن.. تعليقات تزيد الأزمة بين لبنان والخليج
زادت تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي من توتر العلاقات مع الخليج، ويرى المحللون أن الأنشطة الدعائية التي تقودها إيران ووكلائها من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في تنامي الاتجاهات العدائية في لبنان تجاه دول الخليج.
ووفقًا لصحيفة Arab Weekly التي تصدر من لندن، لم ينظر الرأي العام في دول الخليج العربي إلى تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي على أنها زلة لسان أو مجرد موقف سياسي من الحرب في اليمن.
ووفقًا للمحللين، فإن الغضب الذي أثاره وصف كرداحي للحملة العسكرية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن بأنها "عدوان" يعكس العداء المتراكم تجاه دول الخليج العربي من قبل السياسيين اللبنانيين وكذلك من جانب جزء كبير من الجمهور.
وراء هذا العداء، هناك اعتقاد سائد بين اللبنانيين بأن بلدهم، الذي اعتاد طويلاً على الاستثمارات الخليجية، قد تخلت عنه المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وقال قرداحي في تصريحات أدلى بها قبل أن يصبح وزيرا للإعلام لكنها عادت إلى الظهور يوم الثلاثاء، إن المتمردين الحوثيين في اليمن "يدافعون عن أنفسهم ضد اعتداءات السعودية والإمارات"، ووصف هجمات الحوثيين بأنها أعمال "مقاومة".
قال محللون سياسيون لبنانيون إن قرداحي، الذي عمل لعقود في القنوات الفضائية المملوكة للخليج، لا يختلف عن العديد من اللبنانيين العاديين الذين أصبحوا معتمدين على دول الخليج كمصدر لكسب عيشهم، لكنه لم يفوت فرصة انتقاد دول مجلس التعاون الخليجي حتى لو كانت المعادلة قد تغيرت بالكامل في السنوات الأخيرة.
بعد محاولتها لفترة طويلة مواجهة أجندات إيران وتقليص نفوذ حزب الله في لبنان، غيرت دول الخليج، وخاصة السعودية، سياستها باختيار الإهمال الكامل للبنان من خلال وقف استثماراتها ومساعدتها وتدفق السياح هناك.
وقبل بضعة أشهر، دافع وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، المقرب من الرئيس ميشال عون، عن استخدام حزب الله للأسلحة واتهم دول الخليج العربي بالوقوف وراء دخول داعش إلى سوريا والعراق كما وجه إشارات تحط من قدر "البدو"، الأمر الذي اعتبره مسؤولون خليجيون إهانة لبلدانهم.
يرى المحللون أن الأنشطة الدعائية التي تقودها إيران ووكلائها من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في تنامي الاتجاهات العدائية في لبنان تجاه دول الخليج.
تأثرت الرواية الموالية لإيران شرائح مؤثرة من الجمهور العام اللبناني وكذلك الطبقة السياسية إلى جانبها. لم يكن لنشاط طهران وأنشطة حلفائها مثيل في الأوساط المعادية لإيران، لا سيما مع تراجع نفوذ سعد الحريري السياسي والإعلامي.
وزادت التوترات بسبب الهجمات التي يشنها اللبنانيون على دول الخليج على منصات التواصل الاجتماعي. وغالبًا ما كان الرأي العام الخليجي ينظر إلى مثل هذه الهجمات على أنها استفزازية بلا مبرر.
في حديثه إلى برنامج على الإنترنت تابع لشبكة الجزيرة القطرية، في 5 أغسطس، وصف قرداحي، الذي تولى منصبه في سبتمبر كوزير للإعلام، حرب اليمن بأنها عقيمة وقال إن اليمن تعرضت لـ "عدوان" وأن الحوثيين المدعومين من إيران هم الدفاع عن أنفسهم، وقال قرداحي، وهو مذيع تلفزيوني معروف، للصحفيين المحليين إن المقابلة تعكس "رأيه الشخصي" فقط وأضاف "أنا ضد الحروب العربية العربية ... اتهامي بالعداء للسعودية مرفوض"، كما رفض الاستقالة أو الاعتذار.
وقال الوزير اللبناني: "لم أظلم أحدا. أنا لم أهاجم أحدا. لماذا يجب أن أعتذر؟، عبرت عن موقفي بحب كإنسان يشعر بمعاناة العرب".
وأثارت تصريحات وزير الإعلام عاصفة دبلوماسية حقيقية هزت العلاقات المتوترة بالفعل بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إن تعليقات قرداحي تعكس القليل من الفهم وقراءة سطحية للأحداث وعلقت وزارة الخارجية السعودية في بيان بإنها سلمت السفير اللبناني مذكرة احتجاجا على تصريحات قرداحي "العدوانية"، كما أعربت عن أسفها إزاء التصريحات "المهينة".
وأدانت الإمارات العربية المتحدة تصريحات قرداحي وقالت إنها استدعت أيضا السفير اللبناني، وقالت الوكالة في بيان نقلته وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) إن تصريحات قرداحي "المخزية والمتحيزة" أساءت إلى الدول الأعضاء في التحالف، كما استدعت دول مجلس التعاون الخليجي البحرين والكويت مبعوثي لبنان احتجاجا، وقالت الوزارة البحرينية إن "جرائم جماعة الحوثي الإرهابية بحق الجمهورية اليمنية وشعبها واستمرار عدوانها على المملكة العربية السعودية... تدحض هذه الجرائم".