الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد إلغاء الطوارئ.. ما فرص تحقيق حلم الإخوان في المصالحة مع مصر؟

الرئيس نيوز

يبدو أن العديد من أعضاء تنظيم الإخوان يتحينون الفرصة لاستغلال الإيماءات الأمريكية - المصرية الأخيرة بشأن حقوق الإنسان، لكن هناك احتمال ضئيل في أن تتصالح الدولة مع التنظيم الإرهابي المنقسم فاقد الشعبية، بحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

في 25 أكتوبر، أنهى الرئيس عبد الفتاح السيسي حالة الطوارئ، وهي خطوة من عدة إجراءات حديثة تهدف جزئيًا إلى إطفاء مخاوف غربية بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، أعلن السيسي عن استراتيجية مصر لحقوق الإنسان، وأفرج عن محبوسين احتياطيا، وتحدث عن تنظيم الإخوان شريطة أن يتخلوا عن منهجيتهم في فرض رؤيتهم على الآخرين.
 
ومع ذلك، يرى معهد واشنطن أنه من غير المرجح أن يتابع التغييرات الأعمق التي تريد واشنطن رؤيتها قبل أن تفرج عن 130 مليون دولار من المساعدات الأمريكية المحتجزة، ويرى السيسي أن تقدم مصر في القضايا الاقتصادية والأمنية لم يكن ليحدث بدون الوحدة حول صوت واحد وهدف واحد هو الحفاظ على الدولة، كما أنه من غير المرجح أن يتصالح مع تنظيم الإخوان ويرجع ذلك جزئيًا تشرذمهم وانقساماتهم الداخلية.

انقسام الاخوان

بلغ الاقتتال الداخلي المرير بين قادة الإخوان في بريطانيا وتركيا ذروته مؤخرًا حيث يجدون صعوبة في الإجماع وصياغة رسالة موحدة أو موقف موحد فيما بينهم تجاه القاهرة. 

في 10 أكتوبر الجاري، ومن مقره في لندن، قرر المرشد العام بالإنابة إبراهيم منير إيقاف 6 من أعضاء مجلس الشورى في تركيا، لمخالفات إدارية. 

وسرعان ما رد أبرز هؤلاء الأعضاء - الأمين العام السابق لتنظيم الإخوان محمود حسين - على هذه الخطوة عبر حساب المنظمة الرئيسي على فيسبوك، معلناً أن مجلس الشورى قد اجتمع وصوت على إقالة منير بأغلبية 84٪. 

ثم رد منير بالظهور على قناة الجزيرة، حيث اتهم المعسكر المقيم في تركيا بمخالفة لائحة الجماعة، ونفى حدوث أي انشقاقات داخلية كبيرة، وأضاف أن الأعضاء القلائل الذين يختلفون مع قيادته يمكنهم المغادرة إذا أرادوا ذلك.

تعود جذور هذه المشاجرة إلى أغسطس 2020، عندما وقع القائم بأعمال المرشد محمود عزت في قبضة الأمن بعد اختيار منير ليحل محل عزت على أساس قواعد الأقدمية، وكان أحد قراراته الأولى هو إلغاء منصب الأمين العام الذي كان يشغله محمود حسين منذ فترة طويلة وخفض سلطته من خلال وضعه في لجنة المساعدة المنشأة حديثًا.

تفاقمت التوترات هذا الصيف عندما أصر منير على إجراء انتخابات مجلس الشورى في موعدها في منطقتي سيرينفلر وبيليك دوزو في إسطنبول، حيث يقيم الإخوان الهاربين في تركيا ولا يحظى حسين وحلفاؤه بشعبية كبيرة بين هذه الدائرة بسبب الفساد المالي الذي تزكم رائحته الأنوف والمحسوبية، لذلك سعوا إلى تأجيل التصويت خوفًا من فقدان الأصوات وعندما بدأت الانتخابات وأثبتت أنها غير مواتية لهم، عارضوا النتائج على أساس أن عناصر الإخوان في لندن أنفقوا ملايين الدولارات للتأثير على الناخبين في إسطنبول.

أهداف منير

وسط هذا الاقتتال الداخلي، سعى معسكر منير بثبات إلى ثلاثة أهداف رئيسية تعود إلى بداية فترة ولايته: أولاً) تنشيط مجلس الشورى الراكد، فقد المجلس الكثير من سلطته بسبب الخسائر الفادحة بين صفوفه، سواء بسبب السجن (53 عضوًا)، أو الموت (37)، أو الهروب من مصر (27)، أو الاستقالة (3)، أو الإيقاف (1)، ولا يزال 23 عضوًا فقط في المجلس نشطين، 10 منهم اختارتهم جماعة حسين في تركيا وقد أدى هذا الفراغ في القيادة إلى ترك العديد من أعضاء تنظيم الإخوان غير نشطين، وثانيًا) إشراك الأعضاء الأصغر سنا وتمكينهم وهذا مصدر قلق كبير لمنير البالغ من العمر 84 عامًا وبعد انتخابات المجلس الصيفية مباشرة، عيّن متحدثين جديدين لاجتذاب أعضاء تنظيم الإخوان الأصغر سنًا، وكان المتحدثون الجدد أسامة سليمان (57 عامًا) وصهيب عبد المقصود (30 عامًا).
 
في مقابلته الأخيرة مع شبكة الحوار التلفزيونية في لندن، صرح منير أن إرث جيله يجب أن يساعد قادة المستقبل على إعادة الاندماج مع تنظيم الإخوان وتمهيد الطريق لعودتهم من المنفى، وثالثًا) يسعى منير للإفراج عن الإخوان المسجونين.

وفي آخر ظهور علني له، امتنع منير عن مهاجمة القاهرة وبدلاً من ذلك، فقد بعث برسالة مباشرة إلى القاهرة بشأن رغبته في المصالحة، بحجة أن ذلك سيساعد الإخوان على منع الشباب المتطرف من اللجوء إلى العنف، وفي الوقت نفسه، طالب المسؤولين المصريين باتخاذ خطوات نحو العدالة الانتقالية.

وبعد أن أعلن السيسي عن استراتيجية الجديدة لحقوق الإنسان في سبتمبر، وقع سجناء الإخوان الشباب في جميع أنحاء مصر عريضة تطالب قادة الجماعة بالاستفادة من المبادرة وبذلك، أعلنوا قبولهم ما أسفرت عنه ثورة 30 يونيو من نتائج، ومع ذلك، لم يوقع كبار شخصيات الإخوان في السجون نلك العريضة. 

وأصدر الأعضاء الأصغر سنًا بيانًا مماثلاً قبل عامين، شجب فيه قادة الإخوان وطالبوا إمام الأزهر بالوساطة نيابة عنهم.  

ويرى تنظيم الإخوان المتشرذم مثل هذه الإفراجات والحوار الأوسع بين الولايات المتحدة ومصر حول حقوق الإنسان فرصة لإحياء نفسه والخروج من تحت الأنقاض واستعادة المساحة التي تمتع بها في عهد مبارك. 

ومع ذلك، من غير المرجح أن تنجح نداءات الإخوان الحالية من أجل المصالحة لعدة أسباب؛ فليس لدى الإخوان المسلمين ما يقدمونه للدولة المصرية، فقد كان هذا العام خسارة فادحة للتنظيم الذي اتسعت انقساماته الداخلية حتى مع تمكن القاهرة من إقناع أكبر الداعمين الإقليميين للجماعة، قطر وتركيا، بتخفيف خطابهم الإعلامي المحلي ضد الحكومة المصرية. 

وتعززت ثقة السيسي أكثر من خلال إنجازاته الأمنية والاقتصادية الكبيرة في السنوات الأخيرة، وباختصار، ليس لدى حكومته القوية أسباب كافية للمصالحة مع مجموعة متشرذمة ومنقسمة، خاصة في وقت يواجه فيه الإسلام السياسي انتكاسات شديدة في بلدان مثل تونس والمغرب والأردن.