الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"كنت إخوانيًا".. مسؤول إماراتي يصف روشتة هزيمة التطرف والإرهاب

الرئيس نيوز

نشرت مجلة Newsweek الأمريكية مقالاً كتبه علي النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، بعنوان " كنت إخوانيًا وهذه طريقة هزيمة الإرهاب"، وسلط النعيمي في مقاله الضوء على تعرض النائب البريطاني السير ديفيد أميس للطعن والقتل قبل أسبوعين، واتهم شاب يبلغ من العمر 25 عاما  بقتله، ولكن في الحقيقة، كان القاتل علي حربي علي معروفاً لأجهزة الأمن البريطانية وأحيل من قبل إلى برنامج مكافحة الإرهاب "بريفينت" عندما كان مراهقًا.

وأضاف النعيمي أن جريمة القتل المأساوية التي ارتكبها الشاب ليست مجرد مثال على تصاعد موجة الإرهاب؛ إنها تذكير مهم بما نحاربه حقًا عندما نحارب الإرهاب. على عكس ما يعتقده الكثيرون في الغرب، فإن الإرهاب لا يتعلق بسكين أو قنبلة في يد شاب متحمس، بل يتعلق الأمر بإيديولوجية محددة أصابت عقول أولئك المنغمسين فيها، كما قال المدعي العام في المملكة المتحدة فيما يتعلق بقاتل البرلماني أميس: "سنطلب من المحكمة نظر جريمة القتل هذه كجريمة إرهابية، أي أن لها دوافع دينية وأيديولوجية"، فالإرهاب اليوم هو تحريف أيديولوجي للدين، وعلى هذا النحو، لا يمكننا محاربته إلا على مستوى الأفكار.
 
أردف النعيمي: "بصفتي عضوًا سابقًا في تنظيم الإخوان منذ الصغر، أتحدث بنفسي عن المخاطر التي تشكلها هذه الأيديولوجية. بعد كل شيء، فإن القدرة على التسلل المنهجي إلى عقل الشخص أقوى بكثير من أي فعل مادي، فلا يمكن لأحد أن يخفي مسدسًا بسهولة في عصر التكنولوجيا، ولكن يمكن للمرء أن يخفي بسهولة أيديولوجية، كما أظهر مقتل أميس".

وتابع: "عندما كنت لا أزال طالبًا جامعيًا في الغرب الأمريكي، في جامعة ولاية بورتلاند في ولاية أوريغون، نجح الإخوان في تجنيدي مثل الكثيرين ممن تم تجنيدهم، كنت مليئًا بحماس الشباب، وكنت أيضًا شابًا نشيطًا يعيش في عالم بعيد عن وطني، وسمحت لحماسة الإخوان بإثارة ذهني وكان ذلك في عام 1979، وكان الغزو السوفيتي لأفغانستان وتأثيره على آسيا الوسطى في الأخبار باستمرار ثم بدأت رحلة بحثية حثيثة للدفاع عن قضايا العرب والمسلمين المتأثرين بفكر الإخوان".

واعترف النعيمي بأنه إذا كان يريد أن يتحرى الصدق فعليه أن يقول إنه كان أمرًا مثيرًا، فقد كان يعتقد أن الإخوان هم الوجه والصوت الحقيقي للإسلام ولكن عندما نضج، اكتشف قدرًا مخيفًا من التشرذم والانقسام بينهم، فأدرك أنه إلى جانب الإخوان المسلمين، كانت هناك مجموعات أخرى، السلفيون والتبليغ والدعوة، على سبيل المثال - تدعي جميعها أنها "الصوت الحقيقي للإسلام".

وأضاف: "لقد جعلني هذا أتساءل عن مزاعم الإخوان بالتفوق، وقررت أن أبتعد بيني وبين جميع الأشخاص الذين يرون أو يروجون لأنفسهم كأوصياء أو متحدثين باسم الإسلام. قررت أن أكون مستقلاً في تفكيري ورفضت أي نوع من الوصاية على ذهني أو إرادتي باسم الإسلام، لكنني تعلمت درسًا مهمًا أيضًا: الطريقة الوحيدة لمحاربة الفكر المتطرف هي من خلال التمكين الذاتي".

ينتشر الإرهاب الإسلامي مرة أخرى لأن الأيديولوجية في جوهرها تجد أجيالاً جديدة لديها الاستعداد لاعتناقها، ففي أفغانستان اليوم، ترتكب إحدى خلايا داعش الأكثر تطرفاً منذ عام 2011، العديد من الفظائع ضد المسلمين، مما يجعل مشهد التطرف بأكمله في المنطقة أكثر تعقيدًا - وأكثر خطورة بكثير.

ومع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، يشيد الإسلاميون في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية بانتصار التطرف، وقد قوبل استيلاء طالبان السريع على أفغانستان بموجة عارمة من الاحتفالات عبر المنطقة والعالم من الشرق إلى الغرب، وبالنسبة للكثيرين، هذه علامة: إذا تمكنت أقلية طالبان من السيطرة على البلاد في مواجهة قوات الحلفاء وجيوش أقوى الدول على وجه الأرض، فهناك أمل لهذه الجماعات المتطرفة المتشددة في هزيمة الدول الصغيرة والضعيفة في آسيا والدول العربية وفي أفريقيا، وهذه المجموعات تكتسب قوة مرة أخرى واحدة تلو الأخرى، مدعية أن المستقبل مشرق لمن يسلكون الطريق التكفيري ، فالأمر أشبه بقناعة تكتسب المزيد من الأرض والترويج لفكرة أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تقع الدول الأصغر والأكثر ضعفًا عسكريًا ضحية لأسوأ المخاوف.

وحذر النعيمي من أن هذه الأيديولوجية المتطرفة تحشد الأغنياء والفقراء، الصغار والكبار، وتوحد الساخطين من كل طبقات المجتمع، ولا تحترم أسلوب الحياة المعتدل الذي يعلي شأن القيم الإسلامية الأصيلة مثل التعايش والتسامح والوئام والسلام، كما حذر من أخذ تلك الجماعات المتطرفة الإيمان رهينة واحتكاره، وتوزيع صكوكه.

ولفت النعيمي إلى أن تحويل العقيدة الإسلامية إلى أيديولوجية سياسية هو المصدر الرئيسي لقوة هذه الجماعات المتطرفة وهذا هو ما يفتقده الغرب في حربه على الإرهاب: أهمية الأفكار في تحفيز آلاف الشباب النشطين، وعشرات الآلاف الذين انضموا إلى داعش من جميع القارات الخمس، وانساقوا في تيار التكفير انسياقًا أعمى.

وشدد النعيمي على أهمية توفير فرص أفضل من خلال التعليم والاقتصاد المزدهر يمكنها المساعدة في مواجهة التطرف وترسيخ التزام قوي بإيديولوجية التعايش، كما شدد على ضرورة انخراط القادة الدينيين والمربين في حرب الأفكار لنشر سماحة الإسلام ونبذ العنف والكف عن الترويج لخطاب الكراهية والتطرف والأهم من ذلك كله، يجب أن يشعر الشباب أن أمامهم مستقبلاً مليئًا بالفرص ينتظرهم من خلال طرق التعايش والتعاون، وليس العزلة الجذرية. وأكد النعيمي أن تجربته الخاصة هي دليل على أن هذا ممكن.

يشغل الدكتور علي النعيمي منصب رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والعلاقات الخارجية في المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهي هيئة تشريعية تمثيلية تضم 40 عضوًا ينتخب نصفهم بشكل غير مباشر ونصفهم معين، ويشغلون دورًا استشاريًا لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة.