"للرجال فقط".. خيبة أمل واستياء لخلو أول برلمان قطري من النساء
أجرت قطر أول انتخابات برلمانية في تاريخها في أوائل أكتوبر الجاري، ولم يتم فيها انتخاب أي امرأة كعضو فيه، بينما ينص دستور قطر على أن برلمانها يتكون من 45 عضوًا - 30 منتخبين عن طريق الاقتراع السري المباشر و15 يعينهم الأمير - لم يتم إجراء أي انتخابات برلمانية في البلاد حتى الآن، وتم تعيين جميع النواب من قبل الأمير.
في أكتوبر 2020، أعلن أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في غضون عام واحد، في أكتوبر 2021، وكانت بالفعل كذلك.
وكان من بين المرشحين البرلمانيين 248 رجلاً و26 امرأة. وعشية الانتخابات، أبرزت الصحف القطرية أن المرشحات تخضن الانتخابات في 14 دائرة انتخابية من أصل 30 دائرة انتخابية في قطر، مما يؤكد أهمية ترشحهن ويعرب عن تفاؤلهن بفرصهن. ومع ذلك، لم يتم انتخاب أي امرأة في نهاية المطاف.
قوبلت حقيقة عدم وصول أي امرأة إلى البرلمان القطري بالكثير من الاستياء وخيبة الأمل بين الشخصيات العامة، والبرلمانيات السابقات، والعديد من الصحفيين القطريين، الذين ألقوا باللوم على المجتمع القبلي في قطر والثقافة الذكورية في تثبيط وجود المرأة كقادة للمشهد السياسي في البلاد ودليل على عدم تقدير مساهمتها.
وأعرب أحد الصحفيين عن أسفه لأن بعض المرشحات أكثر موهبة وإبداعًا من الرجال، فيما دعا أخريات إلى إدخال كوتة للمرأة في البرلمان لتصحيح هذا الظلم البين وفقًا لتقرير موقع Memri.
وناقشت الصحف القطرية انتقاد عدم انتخاب النساء في البرلمان والاتهامات الموجهة للمجتمع "الذكوري" القطري. ورفض كبار الصحفيين القطريين المزاعم بأن المجتمع القطري هو مجتمع ذكوري، ولجأوا إلى لهجة أشبه بالاعتذار للمرأة.
في غضون ذلك، أقر بعض الأكاديميين والشخصيات العامة بأن المجتمع القطري ذكوري ومحافظ، والأمر يتطلب مزيدًا من الوقت والنضج الفكري قبل أن تتمكن المرأة من انتخابها في البرلمان. ودعا البعض إلى بذل جهود تثقيفية للتأكيد على أهمية أصوات المرأة وأدوارها كمرشحة وناخبة.
وفي 14 أكتوبر 2021، بعد حوالي أسبوعين من الانتخابات، أصدر أمير قطر مرسوماً بتعيين 15 نائباً إضافياً يخوله الدستور تعيينهم. من بينهم امرأتان، ربما من أجل تهدئة الانتقادات العامة.
وتجدر الإشارة إلى أنه عقب إعلان أمير قطر 2020 عن الانتخابات البرلمانية المقبلة، سارع الصحفيون القطريون إلى التعبير عن شكوكهم في إمكانية إجراء انتخابات ديمقراطية في قطر، مشيرين إلى ثقافتها القبلية والذكورية وغياب البنية التحتية الديمقراطية. وكان أحد الإجراءات المناهضة للديمقراطية التي تم تنفيذها قبل الانتخابات هو منع أعضاء قبيلة المرة من الترشح.
غردت النائبة هند المفتاح، وهي عضوة في مجلس النواب المعين من قبل الأمير، فور إعلان نتائج الانتخابات وقالت عبر تويتر: "لقد نجحت المرأة القطرية بشكل مناسب من خلال المشاركة في أول تجربة قطرية في الانتخابات البرلمانية. قدمت المرأة نموذجًا مشرفًا للنضج الفكري والمهني خلال الحملة الانتخابية وفي برامجهم المرشحات. يجب أن نفخر بهن. ومع ذلك يجب أن نقر بأن مجتمعنا الذكوري القبلي فشل في دعمهن أو تمكينهن في الواقع العملي. مبروك للنساء المرشحات على مشاركتكن في الانتخابات حتى نهايتها. أنا فخورة بكن".
وعبرت المرشحة في الانتخابات النيابية عائشة جاسم الكواري عن خيبة أملها في نتائج الانتخابات ودعت إلى تغيير الوضع بتخصيص مقاعد للنساء في الانتخابات المقبلة. وقالت للصحافة الفرنسية: "إن تخصيص مقاعد للنساء سيكون شريان حياة يضمن تمثيل المرأة في البرلمان القادم. نأمل أن يتم تعيين أربع أو خمس نساء من قبل الأمير، لأن وجود نساء في البرلمان مهم جدا .بعض المرشحات أصبن بخيبة أمل طبعا لأنهن قدمن خططا جيدة نالت إعجاب الناخبين، لكن يجب ألا ننسى أن بعض النساء صوتن لرجل، وبالتالي فهذه إرادة الشعب ويجب علينا احترم ذلك.
كما عبّرت الصحفية القطرية فاطمة يوسف الغزال عن انتقادات وخيبة أمل، والتي فشلت هي نفسها في ترشيح نفسها عام 2015 للمجلس البلدي المركزي في قطر. وكتبت في عمودها 6 أكتوبر بصحيفة الشرق: "لم تنجح أي امرأة في اختراق الحواجز الأيديولوجية والذكورية التي تمنعها من النجاح في الانتخابات النيابية الأولى، السبب الرئيسي هو تراث ثقافي لا يعترف بقيمة امرأة وصلت إلى البرلمان، على الرغم من أنها أثبتت على مر السنين أنها تستحق أي منصب سياسي أو تنفيذي، ونجحت في شغل أدوارها في جميع فروع الحكومة، وعلى الرغم من وجود المرأة القطرية في البرلمان مهم، فهو أحد السلطات المسؤولة عن التشريعات المتعلقة بالأسرة والطفل وعمل المرأة وحقوقها وواجباتها. أتمنى أن ترى المرأة المزيد من الحظ في ثلث البرلمان المعين من قبل الأمير.
سبب آخر لعدم نجاح المرأة هو الجهل بين الناخبين التقليديين، الذين يصوتون لأقاربهم من الذكور لاعتبارات عائلية وشخصية، والذين لا يفهمون أهمية الانتخابات.
أدى انتقاد فشل المرشحات، وخاصة تصريحات النائبة المنتهية ولايتها هند المفتاح بأن المجتمع القطري ذكوري، إلى ظهور خطاب اعتذاري في الصحافة القطرية. وسارع بعض الصحفيين إلى رفض الادعاءات القائلة بأن المجتمع القطري قبلي وذكوري، وشددوا على أهمية مشاركة المرأة كمرشحة وناخبة في الانتخابات، ومساهمتها في المجتمع القطري، وكونها موضع تقدير.
على سبيل المثال، في مقال نُشر في 4 أكتوبر، اختلف محمد المري، رئيس تحرير جريدة الوطن اليومية، مع الرأي القائل بأن المجتمع القطري ذكوري، فكتب: "لا أوافق على تعريف مجتمعنا بأنه ذكوري حتى لو لم تكن هناك أي من النساء. فاز المرشحون في الانتخابات النيابية، وهذه مسألة اختيار وإقناع المجتمع، وقد شارك كلا الجنسين في الانتخابات وفق نفس المعايير، وسمح للجميع بنفس الإجراءات وبنفس التنازلات. يتم تقديرهم بالكامل في مجتمعنا المتجانس، الذي يقوم على التعاون والمساعدة المتبادلة والتكامل. لقد أثبتوا مهاراتهم في العديد من المهام والالتزامات التي أخذوها على عاتقهم، وغيابهم عن أول برلمان منتخب ليس كذلك. دلالة، لأنهم موجودون بامتياز في أكثر من مكان".
كما رفضت الصحفية القطرية ابتسام آل سعد، التي لها عمود في جريدة الشرق، تعريف المجتمع القطري بأنه ذكوري. وقالت إنه في حين أن المجتمع القطري قد يكون لديه تحفظات على التفاعل المباشر بين الجنسين، فإن هذا نتيجة لقواعد السلوك والرغبة في الحفاظ على خصوصية المرأة. وكتبت في تغريدة: "قطر ليست مجتمعاً ذكورياً، إنها مجتمع لا يزال يضع المرأة في مهن تتفوق فيها بشكل منفصل، دون احتكاك بالرجال، حتى لو كانوا يتشاركون في نفس مكان العمل. وهذا لا يقلل من قيمتها. ؛ إنها الطريقة المناسبة للتعامل مع المرأة، بحكم طبيعتها كامرأة".
وكررت آل سعد هذا الرأي في عمودها في 4 أكتوبر في الشرق: "بينما لم تتمكن أي من النساء من الفوز بمقعد في البرلمان، إلا أنهن بالتأكيد اكتسبن شعبية وخبرة في الجولات القادمة إن شاء الله. حتى لو خسرن في هذه المعركة على مقاعد نيابية فازوا بها في الانتخابات، حيث قدموا أفكارهم وبرامجهم الممتازة بطريقة مستنيرة وجديرة بالثناء وحظوا بالدعم والتشجيع من سكان مناطقهم الانتخابية، وهذا جانب لا يمكن تفسيره. كما فسرته نائبة سابقة [أي هند المفتاح]".