كيف يتخبط النظام الإيراني حيال الاتفاق النووي.. وهل يمكن للملالي تجاهله بالكامل ؟
بيّن الكاتب السياسي مهدي حسيني حجم التخبط الذي يعيشه النظام الإيراني في مقاربته للتفاوض بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، من خلال تسليط الضوء على أبرز ما جاء في الإعلام الموالي للمتشددين، يسرد حسيني في موقع "إيران فوكُس" التناقض الهائل في الأفكار التي يطرحها النظام لا حيال المفاوضات وحسب، بل حيال الاتفاق ككل.
لا يمكن للملالي تجاهل الاتفاق النووي بالكامل بسبب التداعيات الخطيرة لهذه الخطوة مثل إحالة النظام إلى مجلس الأمن بشكل لا يخلو من الإحباط، كتب حسين شريعتمداري، المدير الإداري لصحيفة كيهان وهي الناطقة الأساسية باسم المرشد الأعلى علي خامنئي، أنه "مع انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) وإخفاق أوروبا في الوفاء بالتزاماتها، لم تعد خطة العمل الشاملة المشتركة موجودة فأصبحت جثة نتنة، وإذا أردنا العودة إليها في وضع كهذا، فلن نحصل على شيء".
في الوقت نفسه، يحاول بعض الإعلام الموالي للنظام التغطية على ضعف الأخير وضخ الحيوية في القوى الخائبة الأمل داخله من خلال الحديث عن إعطاء فائض تخزين اليورانيوم المنخفض التخصيب نفوذاً أقوى للتفاوض في المحادثات. خلال مقابلة مع القناة الرسمية الأولى يوم التاسع من أكتوبر الحالي، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي "إننا نحتاج إلى تسريع التقدم في الطاقة النووية وإظهار تأثيراته على معيشة الناس وتبيان مظاهر السلطة الوطنية".
توسلات إيرانية لبايدن
يتم إلقاء هذه الخطابات في وقت تتوسل الحكومة الجديدة لاستئناف المفاوضات. وأعلنت القناة الأولى نفسها في 3 أكتوبر: "لقد قلنا لأطراف أخرى إن نوايانا كانت جدية جداً وإننا رجال تفاوض ورجال فعل، وإن الحكومة الإيرانية الجديدة براغماتية وإن مفاوضات ينتج عنها فنجان قهوة، لن يستفيد منها شعبنا. لو كان السيد بايدن جدياً، فليفرج عن 10 مليارات دولار من أموالنا".
صحافي يحرج النظام
يضيف حسيني أن الأزمة الداخلية التي تظهر الوضع السيئ للنظام تنعكس في الموقع الإلكتروني الرسمي خبر فوري الذي ينقل كلاماً عن صحافي موال للنظام جاء فيه: "منذ التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة، أصر عدد من المتشددين على أن الاتفاق مناهض للجمهورية الإسلامية بكل الطرق، وبالمقابل، إن (الوزراء) التنفيذيين والداعمين الإصلاحيين في إدارة روحاني شددوا على أنها تخدم النظام بكل الطرق".
يضيف الصحافي نفسه في حديثه إلى موقع خبر فوري أنه يوافق بالكامل على كلام المتشددين مشيراً إلى أن الاتفاق النووي ليس سيئاً بجميع الأشكال وحس،ب "لكنه أساساً سم هائل! إنه ألم مكلف! إنه أمر لعين خالص!".
ينطلق الصحافي من هذه المقدمة ليطلب من المتشددين الإجابة على السؤال التالي: "إذاً... لماذا لم يخلصوا أنفسهم من هذا السم حين وقّع دونالد ترامب على أمر سحب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة؟".
وتابع: "ربما يقولون إن حكومة حسن روحاني ووزير خارجيته لم تسمح بذلك، حسناً! لكن الآن بما أنه لا أثر لحكومة روحاني ولا لوزير خارجيته، لماذا لا يسحبون هذا الاتفاق من أجندتهم لمرة واحدة ونهائية بشكل علني؟".
وأوضح أن هنالك حلين فقط للاتفاق النووي: إلغاءه رسمياً والقول وداعاً للمفاوضات وتسريع الاتفاق النووي بأقصى ما يمكن أو إلغاءه من أجل التفاوض بشأن اتفاق جديد. "حسناً، لديهم سلطة كاملة وغير متنازع عليها".
مأزق... وتجرع كأس سم جديدة؟
يعيد حسيني التأكيد على كلام الصحافي فيتساءل عن سبب التفاوض على اتفاق نووي لا يملك أي فائدة بل ويشكل جثة نتنة بحسب الإعلام الرسمي الناطق باسم خامنئي. لكن الجواب موجود في المأزق الذي يعاني منه النظام من جهة وتقلص أهمية الاتفاق من جهة أخرى عما كانت عليه في 2015 بالنسبة إلى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
بعد تشكيل إدارة أمريكية جديدة، كان متوقعاً أن تعود واشنطن سريعاً إلى الاتفاق النووي. وكان للنظام توقعٌ فضفاض بأن الإدارة ستقبل باتفاق 2015 من دون التقدم بالمزيد من المطالب وهو ما لم يحصل. تسعى الإدارة الحالية إلى اتفاق جديد حيث سيتوجب على النظام تجرع كأس سم جديدة مع تخليه عن برنامجه الصاروخي وسياسته الإقليمية.
يعني المأزق أيضاً بحسب حسيني أنه لا يمكن للملالي تجاهل الاتفاق النووي بالكامل بسبب التداعيات الخطيرة لهذه الخطوة مثل إحالة النظام إلى مجلس الأمن. ومن جهة ثانية، لا يمكن للملالي القبول بالشروط التي يطالب بها الغرب وخصوصاً واشنطن لإعادة إحياء الاتفاق بما أنها تعني بحسب خامنئي "تدهوراً لا حد له".