السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الأردن يلتقط أنفاسه.. الملك عبدالله يستعيد دوره الإقليمي في ظل إدارة بايدن

الرئيس نيوز

تراجعت العلاقات بين الولايات المتحدة والأردن في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتكون في أسوأ حالاتها منذ عقود، وكان الملك عبد الله الثاني ملك الأردن مشغولاً في الآونة الأخيرة بالعديد من الملفات الداخلية الحرجة. 

وزار العاهل الأردني قطر للقاء أميرها الثلاثاء. كما زار العاهل الأردني الولايات المتحدة مرتين على الأقل هذا العام، وكان أول رئيس دولة عربي يستقبله الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض في يوليو الماضي.

كما التقى العاهل الأردني بالرئيس عبد الفتاح السيسي واجتمع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرتين في الأشهر القليلة الماضية وتحدث عبر الهاتف مع الرئيس السوري بشار الأسد. 

والتقى كذلك السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في يوليو الماضي في قمة بالعاصمة بغداد اعتُبرت إلى حد كبير محاولة لتحييد النفوذ الإيراني في المنطقة، وتحدثت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن عقد الملك عبد الله اجتماعًا سريًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت، في أغسطس الماضي التقى الملك عبد الله الثاني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.

ولفت تحليل نشرته الصحيفة إلى أن الرسالة من العاصمة الأردنية عمان أصبحت صاخبة وواضحة: بعد أن تم تهميش الأردن خلال إدارة ترامب، عادت المملكة كوسيط مستقر في منطقة عاصفة، كما أن الملك لا يضيع الوقت في استعادة دور بلاده التاريخي كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط.

وتابع التحليل: "يرى عبد الله في إدارة بايدن نسمة من الهواء النقي، وعودة إلى الدبلوماسية الأمريكية التقليدية، وفرصة لاستعادة موقع بلاده التاريخي كحليف استراتيجي لواشنطن”.

ونقلت الصحيفة عن المحلل الأردني والرئيس السابق للجنة الخارجية في مجلس النواب الأردني بسام المناصير قوله لموقع ميديا لاين، إن دور الأردن القديم والجديد يمكن أن يُعزى إلى سياساته المعتدلة في المنطقة. 

ويؤكد المناصير: "يشهد الأردن بداية جديدة في السياسة الخارجية بعد مجيء إدارة بايدن، بعد أن تم تهميش دور الأردن من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، إدارة ترامب”.

قال يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي واللواء السابق إن الملك عبد الله يستفيد من تغييرين سياسيين، "أحدهما هو التغيير في أمريكا، ولا يقل أهمية عن التغيير في إسرائيل”. 

ويؤكد عميدرور أنه على الرغم من العلاقات الباردة بين الملك ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو، فإن العلاقات بين الأردن وإسرائيل لم تتغير.

ويضيف: "من المفهوم في كلا البلدين أنه لا يهم من هو رئيس الوزراء في القدس، وأن استقرار الأردن مهم للغاية لاستقرار الشرق الأوسط”.

ويقول: "كانت العلاقة الأساسية والتعاون المتعلقين بالجزء الأمني من الروابط متينين قبل وبعد العلاقات المتوترة بين الجانبين”.

ويقول عميدرور إن فتح قنوات اتصال مع دمشق هو شأن عربي، أما "حقيقة أن الملك يتحدث مع الأسد فهذا أمر ليس مرتبطًا بشكل مباشر بإسرائيل أو بالولايات المتحدة بل يتعلق أكثر بالعلاقة الداخلية بين الدول العربية أكثر من أي شيء آخر. وتفضل إسرائيل والولايات المتحدة أن يقوم بهذا الدور زعيم عربي.

ويقول العديد من المراقبين الأردنيين إن سياسات الرئيس دونالد ترامب في المنطقة لم ترى للملك دورًا وأهملت بلاده. وقدم ترامب دعمًا لا لبس فيه لإسرائيل، وتعامل معاملة تفضيلية تجاه  القادة السعوديين وواصل علاقات واشنطن الوثيقة مع الإمارات العربية المتحدة ومصر بينما كان يتغاضى عن التعامل مع عمان.

وأعلن ترامب اقتراحه المعروف باسم "صفقة القرن" في 2020، ورفضته عمان. واعترفت مسودة الخطة بالقدس عاصمة لإسرائيل. ثم قطعت إدارة ترامب مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، الأونروا بينما رفضت عمان بسرعة الحديث عن ضم إسرائيل لجزء من الضفة الغربية من وادي الأردن. يقول المناصير: "هناك شعور في الأردن بأن مرحلة التهميش السابقة لإدارة ترامب قد تلاشت الآن”.

وشدد على أن لقاء الملك مع بايدن "حمل معه بعدًا دوليًا وإقليميًا مهمًا"، وأن مجيء إدارة بايدن أعاد العلاقات بين عمان وواشنطن إلى عهد ما قبل ترامب وأعاد إلى الأردن الدور الإقليمي. 

تجدر الإشارة إلى أن وصاية الأردن على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية منصوص عليها في معاهدة السلام المبرمة عام 1994 مع إسرائيل، والكثير من شرعية العاهل الهاشمي مستمدة من هذا الدور.

تأتي عودة عبد الله في وقت يتجنب فيه بايدن أي مباحثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نتيجة تأثير الإعلام الليبرالي الأمريكي وسياسات الحزب الديمقراطي المعروفة ولم يتحدث مع بايدن ولا توجد خطط من قبل البيت الأبيض للاتصال ببن سلمان في وقت قريب. 

يقول المناصير: "تسببت الإدارة الأمريكية الجديدة في تراجع الدور السعودي والإماراتي ومنحت الأردن مساحة أكبر وأعادت الأردن إلى الصدارة”.

ومن الواضح تماما أن هناك غياب للدور السعودي، خاصة فيما يتعلق بولي العهد الأمير محمد بن سلمان. 

بعد قضية مقتل خاشقجي، من الواضح أن هناك خطوات متسرعة، مثل قطع المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع قطر والسعودية التي تغرق في مستنقع اليمن، وتعرض الأردن لضغوط من المملكة العربية السعودية بشأن قضية أزمة قطر.

في وقت من الأوقات، شعر الأردن بالقلق من شائعات بأن نتنياهو ومحمد بن سلمان كانا يخططان لتجريد الملك عبد الله من وصاية الأردن الأماكن المقدسة في القدس.

وفي عام 2004، حذر عبد الله من ظهور هلال أيديولوجي شيعي من بيروت إلى الخليج العربي. ومع تنامي نفوذ إيران في المنطقة، يقول المناصير إن جهود الملك تحظى بمباركة الإدارة الأمريكية. وهناك هيمنة لحزب الله في لبنان. 

بمعنى آخر، هناك حضور أقوى لإيران على حدود إسرائيل. كل هذا لا يروق للولايات المتحدة وإسرائيل. وبالتالي، هناك ارتياح للدور الذي يلعبه الأردن، وعودة سوريا ولبنان والعراق إلى الحضن العربي.