الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

المسلسلات القصيرة.. نقاد يتنبأون بمستقبل دراما الحكايات في مصر

الرئيس نيوز

انتشار كبير لما يسمى بدراما الحكايات، أو ما عرفناه من قبل بالدراما القصيرة، حيث بدأت هذه النوعية من الدراما تعود إلى الساحة بشكل مكثف جدا، عبر كافة شاشات القنوات الفضائية، إضافة إلى ظهور وسيط جديد يستوعب هذه النوعية من الدراما، وهو المنصات الجديدة الخاصة بالدراما، والتي بدأت تثري السوق بإنتاجاتها من هذه النوعية.

"الرئيس نيوز" يفتح هذا الملف، لنستكشف أسباب انتشار هذه النوعية من الدراما التليفزيونية، وإيجابياتها وسلبياتها، كما نتطرق للكثير من الآراء المؤيدة لها والرافضة أيضا، خاصة أن البعض يراها الأصل في الدراما، وآخرون يرون أنها مجرد ظاهرة ولن تستمر طويلا، في حين يرى البعض أنها ستقضي تماما على الدراما الطويلة 30 حلقة أو أكثر.

وخلال الملف أيضا نتطرق للتكلفة الإنتاجية والتوزيع وتنوع المحتوى وتفاصيل أخرى كثيرة، يكشفها لنا عدد من النقاد بآرائهم المختلفة، ونخبة من نجوم الدراما، إضافة إلى الصناع أنفسهم من منتجين وكتاب ومخرجين وموزعين.

طارق الشناوي: ليست جديدة ولا تؤثر على الدراما الطويلة

يرى الناقد الفني طارق الشناوي أن عودة الدراما القصيرة ظاهرة لها أسباب كثيرة، أهمها اتجاه القائمين على الأعمال الدرامية لتخفيف التكلفة الإنتاجية خاصة في ظل جائحة كورونا، إضافة إلى أن نجاح هذه النوعية من الدراما القصيرة عبر المنصات الإلكترونية حمس المنتجين على الاتجاه لها بشكل أكبر.
 
وأضاف الشناوي: "هذه النوعية للدراما ليست بالجديدة على مصر، وكانت الدراما 13 و15 حلقة، ومن قبلها كانت 7 حلقات وأقل من ذلك في سهرات تليفزيونية شهيرة، ولكن مع انتشار القنوات الفضائية بدأ الاتجاه إلى دراما الـ30 حلقة".

وأضاف الشناوي أن المط والتطويل وحشو الأحداث غير المبررة في دراما الـ30 حلقة أصبح يمثل عبء كبير على صناع الدراما خاصة أن الجمهور تطور كثيرا وأصبح هناك المشاهد الناقد، الذي يقيم بنفسه ويجد أن العمل لا يستوعب 30 حلقة، ويدلو بدلوه ويقول رأيه بصراحه في المط والتطويل في أحداث لا مبرر لوجودها في المسلسل من الأساس، وهو ما أصاب الدراما بضعف في المستوى، وهذا سبب آخر للاتجاه إلى الدراما القصيرة.

اشار السناوي إلى أن من فوائد تجربة الدراما القصيرة أيضا القضاء على فكرة ارتباط الدراما بشهر رمضان، وأصبحت الدراما موجودة طوال العام على الشاشات والمنصات الإلكترونية، وهو ما يتيح فرصة لجميع المسلسلات في أن يتابعها الجمهور بدلا من ازدحام شهر رمضان، مؤكدا أن الدراما القصيرة أيضا تتيح الفرص لتقديم نوعيات درامية مختلفة وبها قضايا متنوعة تخص المجتمع، مؤكدا أن عدد كبير من مسلسلات الحكايات القصيرة حققت مؤخرا نجاح كبير جدا خارج سباق دراما رمضان، وهو ما زاد من انتشار الفكرة بشكل أوسع، بعد المردود الجيد الذي لاقاه صناع هذه الأعمال.

واستشهد الناقد الفني بنجاح بعض المسلسلات بعد شهر رمضان، حين يحظى المشاهد بفرصة طيبة لمتابعتها، "لماذا نتسابق في شهر واحد؟! بينما نملك الفرصة للتنافس طوال العام".

من ناحية أخرى، يرى الشناوي أنه لا يمكن أن تؤثر الدراما القصيرة على الدراما الطويلة، مشيرا إلى أنهم يجب أن يسيروا بالتوازي جنبا إلى جنب، لأن في النهاية لا يمكن انكار أن هناك أعمال درامية طويلة 30 حلقة أو أكثر تحقق نجاح كبير ويجتهد صناعها لتقديم عمل مكتمل العناصر وجيد ومميز، وهنا يجب أن يتم من البداية معرفة الخيوط الدرامية للعمل، وهل يستوعب 30 حلقة أم لا، مضيفا أن الأزمة الحقيقية تتمثل في المحتوى الدرامي نفسه، وإذا كان العمل يستوعب 30 حلقة بنفس المستوى فلا مانع من تقديمه، واذا لم يستوعب فلا داعي للمط والتطويل، وعلى الصناع تقديمه في عدد حلقات يتناسب معه.

فايزة هنداوي: موضة وانتشرت.. والأصل في الدراما التأريخ

تقول الناقدة فايزة هنداوي إن هذه النوعية من المسلسلات وتحديدا دراما الحكايات المنفصلة أصبحت موضة، كما كانت مسلسلات "السيت كوم" موضة في فترة من الفترات، وأكدت أنها ظاهرة ولكنها لن تستمر طويلا برغم إيجابياتها، لأن الأصل في الدراما هو التأريخ. 

وقالت إن هذه النوعية ليست بالجديدة وقدمها من قبل المخرج يسري نصر الله مع نور الشريف وبوسي في مسلسل "اللقاء الثاني": "طبيعة الحياة اختلفت كثيرا عن الماضي، والجمهور أصبح يهوى متابعة الأعمال السريعة والوجبات الدرامية الخفيفة وهذه الأعمال مناسبة جدا للمرحلة التي نعيشها والتي يغلب عليها طابع السرعة في كا تفاصيلها".

وقالت: "الدراما الطويلة 30 حلقة أو أكثر إذن لم تكن قوية ومناسبة وجاذبة في كافة أحداثها ولا يوجد بها إيقاع بطئ فهي إيجابية ولا يمكن أن ننتقدها، أما إذا كانت مملة وطويلة بلا هدف ولا أحداث جاذبة فتصبح إهدار للمال والوقت ولا داعي لتقديمها"، مؤكدة أن دراما الحكايات تفتح مجالا لاكتشاف المواهب وتقديم أكبر عدد من الموهوبين إلى الجمهور وإلى الفن المصري، ومن خلالها يمكن الفرز والتنقيح لتقديم هؤلاء في أعمال درامية ملحمية طويلة وجيدة في حال نجاحهم بالدراما القصيرة.

أندرو محسن: الدراما الطويلة هي الأنسب لموسم رمضان

الناقد الفني أندرو محسن يستبعد أن تسيطر الدراما القصيرة على المواسم الدرامية أو تؤثر على الدراما التقليدية التي عرفناها، مشيرا أن ذلك من الممكن أن يحدث خارج سباق دراما رمضان، ولكن نموذج دراما الـ30 حلقة هو الأنسب للسباق الرمضاني، لأن الجمهور يرتبط بالعمل طوال الشهر اذا أعجبه من البداية، وقال: "الدراما القصيرة ستستمر ولكنها ستكون جنبا إلى جنب مع الدراما الطويلة".

وأضاف أندرو أن انتشار المنصات الرقمية خدم الدراما القصيرة بشكل كبير، خاصة أن الضرورة الفنية والأزمات المحيطة بسوق الانتاج الدرامي أصبحوا مهمين جدا ولهم تأثيرهم في تغير شكل الانتاج، وقال: "وجود منصة نتفلكس ومن بعدها شاهد وواتش ات، استدعى ضرورة وجود هذه النوعية من الدراما القصيرة، وعودتها بشكل كبير بعد أن اختفت من الثمانينيات، وبعد أن كانت كلاسيكيات الدراما المصرية 13 و14 و15 حلقة على الأكثر. 

وقال: "الوقت الراهن أصبحت هناك مواسم درامية متعددة والعرض لا يتقيد بشهر معين أو مويم معين، ولذلك علينا أن نستوعب هذا الأمر وننتج كافة الأشكال الدرامية بما يتناسب مع جهة وموعد العرض"، واشار أن هناك شريحة من الجمهور تواجدت مؤخرا بشكل كبير، وهم من يتابعوا مسلسل في يوم واحد، ولذلك يهتموا بمتابعة المسلسلات القصيرة في حلقات متتالية وسريعة عبر وسائط متعددة، وهذه الشريحة من الجمهور اصبحت موجودة بكثافة.

نادر عدلي:" دراما استهلاكية أكثر منها إبداعية" 

الناقد الفني نادر عدلي تحدث عن انتشار ونجاح مسلسلات الحكايات القصيرة قائلا: "إن كثرة القنوات الفضائية جعل المنافسة شرسة، فأصبحت كل قناة تبحث عن صيغة جديدة لربط المشاهد بها، بعدما أصبحت مسلسلات الـ30 حلقة لا تجذب المشاهد لضعف مستوى الكثير منها وعدم وجود سيناريو وحوار جيد يحترم عقلية المتفرج، هذا بالإضافة إلى أن فكرة الـ30 حلقة أصبحت عنصر جذب فقط فى شهر رمضان دون غيره". 

وأضاف: "من هنا جاءت موجة مسلسلات الحكايات التى تعتمد على عرض قصص أشبه بفيلم سينمائى مدته ساعة ونصف بدلا من عمل يعرض فى 14 ساعة، والتى تسير أحداثها ببطء شديد وتمتلئ بالعيوب التى لا تعد ولا تحصى".

وأضاف عدلي أن الجمهور الآن أصبح يريد محتوى درامي أحداثه مشوقة وسريعة، وأصبحت القنوات تلبى هذا النداء، ولكن للأسف بشكل أشبه لدراما استهلاكية أكثر منها إبداعية، مؤكدا أنه لا يجب أن تكون كل الحكايات لها علاقة بقضايا اجتماعية، ولكن يجب تقديم حكايات مشوقة وجاذبة حتى لو لم تكن من الواقع، خاصة أن الجمهور يمل مما يشاهده عبر الشاشات نقلا عن الواقع، ويسعى لمتابعة أحداث جديدة وخيوط درامية تجذبه لعالم مختلف.