الثلاثاء 19 مارس 2024 الموافق 09 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

تسريبات باندورا تشغل أزمة ثقة في الأردن.. والديوان الملكي يعلق

الرئيس نيوز


سلطت صحيفة The Weekly الأمريكية الضوء على تداعيات ونتائج تسريبات وثائق باندورا والتي أشارت إلى قيام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بإنشاء شبكة من الشركات الخارجية لبناء إمبراطورية ملكية خارجية سرية بقيمة 100 مليون دولار ونقلت صحيفة واشنطون بوست عن محللين قولهم إن تلك المزاعم جاءت في وقت حرج بالنسبة للأردن سواء في الداخل أو في الخارج.

وقال محللون سياسيون إن الانزعاج الرسمي من الوثائق المسربة أنها تأتي في وقت غير مناسب للملك الذي نجح في احتواء تداعيات أزمة الفتنة والحد من تأثيرها الداخلي، وأعرب عدد من المراقبين الغربيين عن خشيتهم من أن تعيد هذه الوثائق الأردن إلى المربع الأول.

وأصبحت القيادة الأردنية في دائرة الضوء في وقت سابق من هذا العام عندما اتهم الأخ غير الشقيق للملك، ولي العهد السابق الأمير حمزة، النخبة الحاكمة بالفساد، وتم رفع قضية فتنة ضد مقربين من الأمير ولكن ليس ضد الأمير حمزة نفسه.

وحكمت محكمة أمن الدولة على، باسم عوض الله، الذي خدم سابقًا كمساعد كبير للملك والشريف حسن بن زيد، أحد أفراد العائلة المالكة، بالسجن 15 عامًا في يوليو واتهموا بالتآمر مع الأمير حمزة والسعي للحصول على مساعدة أجنبية لتنفيذ مخططاتهم. وأعلن الملك في وقت لاحق أن الخلاف الملكي قد تم حله داخل الأسرة ولم يتم توجيه أي تهم إلى الأمير حمزة.

وقالت صحيفة Arab Weekly التي تصدر في لندن إن الحديث عن ممتلكات الملك عبد الله في الخارج قد يؤثر على صورة الملك نفسه والسمعة العامة للمملكة الهاشمية، لا سيما حملاتها لمكافحة الفساد وتعهداتها بتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين، وهي تعهدات حتى الآن نجحت في امتصاص الاحتجاجات وتداعياتها على العشائر القبلية في أعقاب أزمة الفتنة.

وشكلت الادعاءات المسربة صدمة للمواطنين الأردنيين الذين دعموا تطبيق قانون مكافحة الفساد في عمان الذي أقره مجلس الأمة مؤخراً، وتهدد الاتهامات بتقويض مصداقية حملة المملكة بأكملها ضد الفساد.

 وقال الديوان الملكي الهاشمي في بيان له إن التقارير "تضمنت معلومات غير دقيقة وشوهت وبالغت في الحقائق"، وإن الملك "قام شخصيًا بتمويل شراء تلك العقارات وجميع النفقات ذات الصلة.

كما استنكر الديوان الملكي التقارير التي كشفت عن موقع العقارات، قائلا إنها ارتكبت مخالفة أمنية صارخة تهدد سلامة الملك وعائلته. وأكد الملك أن تلك المعلومات المسربة مجرد هجوم على الأردن. ونقل بيان للديوان الملكي عنه قوله لمجموعة من شيوخ القبائل "محاولات إحراج الأردن مستمرة منذ بعض الوقت ولا يزال هناك من يريدون تخريبه وحياكة المؤامرات". وأضاف الملك عبدالله: "ليس لدينا ما نخفيه".

وقال الديوان الملكي "ليس سرا أن جلالة الملك يمتلك عددا من الشقق والمساكن في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، هذا ليس غير عادي ولا غير لائق"، ويستخدم الملك هذه الممتلكات خلال الزيارات الرسمية ويستضيف المسؤولين والشخصيات الأجنبية هناك، كما يقيم الملك وأفراد أسرته في بعض هذه الممتلكات خلال زيارات خاصة.

وأكد الديوان أن موقع العقارات لم يتم الإعلان عنه "لدواعي أمنية وخصوصية، وليس بدافع السرية أو محاولة لإخفائها، كما زعمت التقارير الصحفية".

وشدد القصر على أن "كل الأموال العامة والمساعدات الدولية تخضع لتدقيق مهني ومخصصاتها محسوبة بالكامل من قبل الحكومة والجهات المانحة وأن المزاعم الواردة في أوراق باندورا "تشهيرية وغرضها استهداف سمعة الأردن وكذلك مصداقية الملك والدور الحاسم الذي يلعبه إقليميا ودوليا.

وفي كلمته أمام شيوخ العشائر، أكد العاهل الأردني أن المملكة تتمتع بتقدير ودعم الدول الشقيقة والصديقة ولها دور قوي ومؤثر على الساحة الإقليمية والدولية. وقال "هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف الأردن"، متعهدا بأن بلاده "ستبقى قوية".

وقال محللون أردنيون إن إصدار الوثائق في هذا الوقت بالذات قد يهز الثقة في عمل اللجنة الملكية لتحديث النظام السياسي التي أنهت أعمالها قبل أيام. ويقول خبراء في الشؤون الأردنية إن مثل هذه التقارير قد تؤثر أيضًا على جهود الأردن للحصول على مساعدات خارجية وقد تؤثر على عودة الدفء إلى العلاقات مع الولايات المتحدة.

إن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن مزاعم أوراق بندورا  قد تغضب الدول المانحة. وبحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، فقد تلقت البلاد حوالي 5 مليارات دولار من المساعدات الخارجية العام الماضي، سواء في شكل مساعدات غير مقيدة للميزانية أو منح مخصصة بشكل خاص. أكثر من ربع تلك الأموال جاءت من الولايات المتحدة وحدها ولابد أن يؤثر ذلك على قدرة الأردن على طلب المساعدة بسهولة.

كحليف استراتيجي للغرب ومع اتفاق سلام مع إسرائيل، يظل الأردن أهم من أن يتخلى عنه المجتمع الدولي. وصف الرئيس جو بايدن الملك عبد الله هذا العام بأنه صديق مخلص ومحترم. ولم يعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس تحديدًا على ممتلكات الملك عبد الله العقارية، لكنه قال: "عندما يتعلق الأمر بمساعدتنا للأردن، فإننا نساعد في تحسين حياة الشعب الأردني لأكثر من ستة عقود. إننا نجري مراقبة وتقييم جميع برامج المساعدة بعناية للتأكد من تنفيذها وفقًا للغرض المقصود منها ".

وقال برايس إن المساعدات الأمريكية للأردن تصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، لأنها تساعد البلاد على تأمين حدودها وتعزيز الاستقرار والمشاركة في مواجهة تنظيم داعش المتطرف.

استند التحقيق الذي أجراه الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، والذي شارك فيه حوالي 600 صحفي من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، إلى تسرب حوالي 11.9 مليون وثيقة من 14 شركة للخدمات المالية.

بينما لم تتهم التقارير الملك عبد الله الثاني بارتكاب مخالفات جنائية، زعمت التقارير أنه أنشأ شبكة من الشركات الخارجية لشراء مساكن فاخرة في ماليبو وكاليفورنيا إلى واشنطن ولندن.